أنت لم ترَ نافذة, أو باباً جانبياً, أو لوحة معلقة, لم ترَ مزهرية, أو أصيص ورد, لم تسمع جرس هاتف, أو تكتكة ساعة الحائط... أي أن عقلك لم ينشغل باكتشاف ما كان يجب أن يُترَك عمداً من رموزٍ لإشغالك كي لا تشعر بالوقت الذي يمر.
ماذا يعني أن يساعدك شخص على اجتياز الشارع من جانب إلى آخر, مع أن الإشارة الضوئية الخضراء الخاصة بالمشاة مفتوحة, والسيارات متوقفة! فلو تخيلنا شخصاً آخر يساعدك على اجتياز الشارع والسيارات تمر, وهو يحاول تجنيبك أي أذى أو اصطدام! هنا ستكون حواسك مستنفَرة ومستفَزَّة, هكذا أشبّه الفرق بين نص يكاد يلفظ أنفاسه قبل أن يبدأ, وبين آخر يستفز انتباهك ويربكك.
في النص الأدبي لا يُطلَبُ من الكاتب أن يعمل مصوراً فوتوغرافياً يلتقط صور الواقع كما هي ويقدمها لنا, هذه وظيفة المهتمّين بذاكرة الأمكنة, هذه وظيفة المؤرشفين. النص الأدبي ليس حبة بنادول, وليس ملعقة من شراب السعال نعطيها للمتلقي ثم يمضي! على النص أن يشتبك مع فكر المتلقي فيهزه ويستنهض خياله.
في الأدب ثمة ما يسمى طبقات النص, أو المتبقي في النص, وهذا يرتّب على الكاتب الاشتغال على أكثر من مستوى فكري, بما يجعله نصاً مفتوحاً قابلاً للتأويل في أكثر من اتجاه.
تصرّ كثيرات من كاتباتنا على تسويق نموذج تراثي باهت للمرأة, وكأن كل ما أنجزته النساء خلال العقود الماضية لم يفعل شيئاً في عقليتهن. لم تعد المرأة ذلك المخلوق الضعيف المقهور المغلوب على أمره.. لم تعد نساؤنا نساء الحرملك- هذا لا يعني أن المرأة وصلت إلى كل ما تريد, أو أن المجتمع الشرقي تصدّق عليها بحرياتها وحقوقها- ولكن لا معنى للإصرار على اجترار آلام النساء. إن أرادت النساء حرياتهن فليتجرأن على الفعل وليخرجن من تقمص دور الضحية!
إن كانت المرأة اليوم ضحية حقاً, فهي ضحية نفسها وضعفها.. من يريد التحرر من ربقة الموروث والخرافات والصورة النمطية للمرأة عليه أن يتحدى.. لا أن يستسلم.. ويجتر الحزن والشكوى!