مجلس الشعب أهم المجالات التي يمكن للمثقف الحقيقي أن يعطي فيه بشكل متفرد حين يوجد مجال قادر عن تحويل نظرياته الجافة الى فعل سلوكي مؤثر.. ولكننا نلاحظ حالة من الجفاء بين المثقف والبرلمانات الشعبية... من خلال قلة أعداد المرشحين...وكأن المثقف يعتبر أن دوره يقتصر على الغوص بعيدا في عالمه الفكري مكتفيا بنخبوية مزيفة...
إذا بقيت أفكاره حبيسة الأوراق.. ولم تترجم الى سلوكيات فعلية... فكيف ستؤثر فعليا في المجتمع...اذا بقيت مجرد أفكار تتلقفها أياد قليلة... سرعان ما تنفض عنها... كيف يمكنها أن تؤسس لمنظومة معرفية مجتمعية تكون قاعدة يستند عليها سياسيا في بناء أهداف ومهمات تخوض في التوعية وإشغال الفكر..
لايمكننا أن ننكر أن ما نعيشه مؤخرا في سورية أثبت أن هوة كبيرة تفصل بين المجتمع من جهة والثقافة بمثقفيها وفكرها من جهة أخرى... الأمر الذي يحيلنا الى ضرورة انخراط أكبر للمثقف في مجتمعه...
وباعتبار أن تغيير الذهنية والعقل وأنماط الوعي يحتاج الى مثقف من نوع خاص فمن هنا تأتي أهمية حضورهم على المستوى الشعبي.. ولكن لماذا ينكفئ المثقف على ذاته نادباً.. مجافياً....
ألا يفقد مبررات مشروعه الثقافي اذا بقي بعيداً عن صدى الناس ونبضهم ولم يتعانق مع حياتهم الواقعية ولم يؤثر بأي شكل من الاشكال في سلوكهم... حينها ما الذي يتبقى من مشروعه ألن يتحول الى مجرد تنظير... فارغ لامعنى له...
لست أدري ان كان هذا الزمن الذي نعيشه هو الذي ظلم المثقف أم أن المعطيات المجتمعية جميعها هي التي ادت به الى هذا الحال مستسلماً، عاجزاً... ليضيّع فرصة ثمينة لنمو الفعل المعرفي الى جانب السياسي...
soadzz@yahoo.com