الصناديق فتحت..والمرشحون يترقبون بفارغ الخوف قدومك. انهض..لا تنس هويتك. ولا تنس أن تتأنق وترش العطر..فالمناسبة تحتاج إلى احتفالية خاصة...
آن لك الخروج من رائحة الحزن والذبح والدماء.. لكن قبل أن تخرج تفحص جيوبك..لا تحتفظ بالأفكار السوداء ولا تخبئ الأوراق القديمة العفنة التي كنت تقدسها.لا شيء مقدس سوى الوطن ومصلحة الوطن. لذلك عليك العودة إلى الوراء خطوة لتنظر في المرآة..تفقد رأسك وأفكارك..هل هي مرتبة.. ومنضبطة وواعية ومدركة لكل ما يجول ويصول في صفحة مرآتك؟
تقدم خطوتين إلى الأمام.. لكن لا تسرع..راقب المشهد بهدوء من ستختار؟ من ستنتخب؟
الآن عليك مراجعة ذاتك.. لا تنجرف وراء الشعارات البراقة.. فالإخوة المرشحون لن (يخرجوا الزير من البير) بجرّة قلم..ولن يقدروا أن ينسلخوا عن ماض عتيد قديم..الأمر يحتاج إلى منظومة وعي جديدة تشتغل على الفكر والاقتصاد والمجتمع بأناة وصبر وحكمة لأن الدم صبغ المرايا ومكابدة الحزن لا تنتهي بربيع كاذب ولا (بصيف ضيعت اللبن).
ها أنت متردد. قد تتراجع عن التصويت..اعتقاداً منك أن الأمر بلا جدوى.. ربما.. ولكن هذا سيكون قراراً خاطئاً لأن من واجبك أن تنتخب وتدافع عن مرشحك.. ومن حقك أن تطالب هذا المرشح بتنفيذ وعوده.. وإلا فأنت تساهم بأن تكون على هامش الوطن لا لون لك ولا انتماء.. الوطن الآن بحاجة كل فرد من أفراده ليدل على الشخص المناسب.. قد يراوغنا البعض.. وقد يكذب علينا الكاذبون.. وهناك الكثير من الانتهازيين والمدعين والمتبجحين الذين يتحدثون عن الفساد وعن الخراب وعن الرشوة.. وكأنهم أبداً لم يتعاملوا بالرشوة.. أو كأن بلدان العالم كلها بلاد عدل ومساواة وحرية وعيش سعيد.. وسورية وحدها فيها الفساد والرشوة والسرقة والعنف.. ولهذا السبب أميركا وأوروبا ودول النفط العربانية، يريدون أن نكون على شاكلتهم (عدل وحرية ومساواة )... إذاً من الذي أحرق القرآن الكريم للمرة الثانية أمام العالم كله؟ ومن الذي تبول على جثث المسلمين؟ ومن هؤلاء الذين اغتصبوا بعض النساء السوريات في المخيمات التركية المسلمة؟ ومن الذي أبرم صفقة اليمامة للطيران.. وهل تعرفون كم كانت الرشوة؟ وبما أن العالم كله عدل ومساواة..فمن الذي يقتل ويسجن الشعب البحريني؟ ومن الذي يجوّع سكان القطيف؟ وحدها سورية فيها رشوة وفساد فقط؟ أين أموال الشعب في بلدان الخليج؟ لمن تذهب عائدات النفط؟ من يتمتع بها؟
مع ذلك وعلى الرغم من الفساد في سورية.. وبرغم فقرنا بالثروات الأحفورية، إلا أن سورية لا تقترض من أحد.. ولا تمد يدها وتهدر كرامتها على أبواب الغرب لطلب المساعدات والهبات والقروض الدولية.. أليس هذا بحد ذاته إنجازاً ومفخرة لكل مواطن سوري؟
الفساد؟ نعم يوجد فساد.. وكلنا ضد ذلك؟؟ فإذا كانت الدولة فاسدة..فمن هي الدولة؟ ألسنا نحن الدولة؟ الشعب والمسؤولون ونواب مجلس الشعب والمديرون والعمال والموظفون والفلاحون أيضاً؟؟
للأسف سادت ثقافة الفساد في العالم كله..والغرب هو الذي علم الشعوب النامية سلوك الفساد.. لقد راجت ثقافة الماركات والعطور الفرنسية والسيارات الأميركية والعباءات المذهبة.. وهكذا تلقفنا هذه الثقافة المدمرة التي تستهلك أفكارنا وعاداتنا وقيمنا.. أما صار شيوخ الفتنة من رواد فنادق النجوم الخمس ناطحات السحاب؟ وكان الحري بهم أن يبقوا على زهدهم وعفتهم وصدقهم ليكونوا قدوة لشعب مازال يناضل ضد الصهيونية ويحاول استرجاع قدسه وأقصاه؟
إذاً.. هل وصلت إلى صندوق الاقتراع؟؟ انتبه.. لا تتسرع.. تذكر أنه كان لديك مكتسبات تحققت بالجهد والنضال منذ عقود.لا تتنازل عنها.. ولا تقبل أن تصوت لمن يريد سلبها منك.. منها التعليم المجاني.. الطبابة المجانية.. الأرض لمن يعمل بها.. إلغاء الطبقية والفوقية العائلية. الحفاظ على الهوية الوطنية السورية التي لا تحمل الطائفة ولا العرق ولا الانتماء إلا الانتماء الوطني.. لا تصوت لمن يريد أن يخلصك صمودك وكرامتك.. لا تعط صوتك للمتآمرين على لقمة الفقراء والمقهورين..ولا تصوت للذين لا يبجلون الشهادة والشهيد ويقدسون الجيش العربي السوري رمز العزة والكرامة.. تذكر أن الفقراء هم الذين يدفعون الثمن الغالي دائماً.. وتذكر أن هؤلاء الفقراء هم الذين يأتون بالنواب المخلصين لقضاياهم.. وهم الذين يسقطون الانتهازيين والوصوليين مهما كبرت أرصدتهم في البنوك.. انتبه.. لا تتنازل عن مكتسبات دفع آباؤنا أرواحهم من أجلها.. من أجل سورية العلمانية الممانعة، العربية الموحدة أبداً....