يوم سأله وزير ثقافته عن زعماء العالم في ستينات القرن الماضي، فأجابه أنه لم يعد في العالم زعماء..! لم يعد في العالم...قال ديغول: إلا ماو تسي تونغ و أنا.
ترى ماذا سيكون انطباع ديغول لو عرف من يرثه في «الاليزيه» اليوم ؟! بل ماذا يكون شعوره تجاه عالم و دول عظمى يستطيع طيب الذكر حمد بن جاسم أن يقودها إلى الحرب و الجريمة، أو إلى السلام؟!. لقد نضب العالم أكثر أيها الرئيس الراحل ديغول.. ومازالت الدول العظمى تخوض حروباً قذرة في ميادين الدول الصغرى والفقيرة. ولازعماء عظام يندهون: كفى ى ى ى..... ولولا يقظة في روسيا و الصين لآمنا أن مصير البشرية يسير بالخطى الحثيثة إلى الدمار أو.....
أما بخصوص وريثكم في الاليزيه الرفيق الاشتراكي «هولاند» وأذكر بأنه «الاشتراكي» فقط لأقدم دعوة لمطالعة أين صار هؤلاء الاشتراكيون، وفي مقدمتهم أساتذتنا المحليون السابقون في الاشتراكية و الشيوعية ؟؟!!. أعود إلى الرفيق هولاند لأستنكر أن يكون لأحد في العالم، حتى و إن كان رئيس الجمهورية الفرنسية، أن يقزّم فرنسا ودورها الحضاري و السياسي في العالم إلى هذا الحد ؟! لكن.. مهما كان... لابد من الاعتراف أنه خيار الشعب الفرنسي العظيم و ليس لأحد إلا أن يحترم خياره.
هكذا وبعد أن رسمت جهود القادة الآخرين نهاية مفترضة للعدوان الأميركي المخطط له على سورية و الذي كان السيد هولاند يرقص حوله طرباً شغوفاً، وبعد أن جرى الاتفاق بنقاطه الرئيسية وبموافقة سورية على الخلاص من سلاحها الكيميائي، استفاق هولاند على نفسه وهو يرقص وحيداً على الحلبة فصرخ: سنفرض عقوبات على سورية إن لم تتخل عن سلاحها الكيميائي...؟!
سيدي الرئيس... هذه انتهت و أصبحت لعبة الكبار... فدعك منها وما تسببه لك من احراج تحرج به فرنسا ودورها التاريخي التي كان يمكن أن يكون لها منذ بداية الأحداث الدور الرئيسي في سلمية الصراع في سورية و إبعاده عن أن يغرق في بحر الصراع على سورية. هذا لو انتبه سلفك الكبير ساركوزي إلى بدايات ما تحدث به سفيركم في دمشق ؟! لكنه و أنتم من بعده، و أكثر منه، آثرتم الهداية بدور قطر العظمى... و سعودية الحرية و الديمقراطية... وتركيا العثمانية... ثم جاء الدور الأميركي ليقذف بكم وبدوركم إلى هامشية القول والفعل.
أيها السيد الرئيس هولاند... قليلة الدول التي كان يمكن لها أن تفعل ما تستطيع فرنسا أن تفعله في الأزمة السورية منذ بدايتها، بسبب العلاقات التاريخية و الثقافية بين الشعبين. و دور يتجه لتشجيع الحوار و المصالحة و المصارحة خير بألف مرة من دور يدعم أحد الأطراف المتصارعة....
والله يليق بفرنسا من هو أعظم من ذلك.....
as.abboud@gmail.com