تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


حين يصل الشيطان إلى العناوين

الافتتاحيــة
الثلاثاء 17-9-2013
بقلم رئيس التحرير عـــلي قــاســـــــم

كثرت الإضافات والاجتهادات في نص الاتفاق الروسي - الأميركي في جنيف، ومعها تضاعفت التفسيرات المتباينة وبدت زاوية الرؤية تختلف إلى حد التناقض، وبعضها على الأقل، يرسم صورة تكاد تكون من خارج الاتفاق كله، وعليه كثر الحديث عن الشيطان الكامن في التفاصيل، دون أن يتوقع الكثيرون أنه سيمتد ليشمل العناوين أيضاً!!

كان من المسلّم به منذ البداية أن الاتفاق في عناوينه الرئيسية لا يكفي للحكم على الكثير من تفاصيله، خصوصاً حين سبقت النيات ما تم الإعلان عنه، لتغوص في الاحتمالات التي بدت أقرب إلى تبرير مسبق، وإسراف في جمع المعطيات التي تبحث عن مجد إعلامي يعتمد أساساً على فرضية تضخيم الشيطان القابع، ويمكن له أن يعوّض الانتكاسة السياسية والدبلوماسية حين الحاجة، وبالتالي لم يكن مستغرباً أن تبدأ الإضافات بالانسياب، خصوصاً تلك التي هي بالأصل من خارج أطراف الاتفاق وكانت تعوّل على فشله بالأساس لتستعيد مقاعدها المفقودة وتعيد حجز مكان لها ولو في الزوايا المستحدثة على مسرح الحدث العالمي.‏

المسألة لم تتوقف عند التفسيرات والتفسيرات المضادة، ولا في تحميل الاتفاق ما هو خارج نصوصه، وبعيداً عن محتواه، بل وصلت لدى البعض إلى حد الخلط بين التمنيات الشخصية والهواجس الذاتية الناتجة عن الخشية من تداعيات الاتفاق الروسي - الأميركي، والضياع في زواريب الحسابات، ليكونوا في نهاية المطاف ناتج فرق بين المعادلات التي كانت قائمة وتلك التي استجدّت.‏

على هذا الأساس كان مفهوماً هذا التسابق الفرنسي - البريطاني على تقديم إضافات من خارج النص يمكن لها أن توفّر لها حضوراً يومياً في وسائل الإعلام، لكن ما يبدو عسيراً على الفهم أن يتشارك معهم الأميركي في ذلك التفسير من زاوية الإيحاء بأن ما تم تحقيقه في جنيف يتفق مع وجهة نظره في عملية تسجيل نقاط دعائية لمصلحة الدبلوماسية الأميركية، التي بدت أكثر الخاسرين من اختبار المصداقية في هذا الامتحان الصعب.‏

على المقلب الآخر بدا أن الوزير لافروف -وبعد صمت لبضعة أيام- مضطر لتوضيح ما هو واضح، بحكم ما أضيف إلى الاتفاق من تفاصيل بدت غريبة في شكلها ومضمونها عنه، وخصوصاً ما يتعلق منها باستخدام القوة او الإشارة إلى الفصل السابع، والضجيج الفرنسي - البريطاني عن الدور المنتظر لهما في مجلس الأمن حين تقع الواقعة!!.‏

قد يفترض البعض أن الإجابات التي أعقبت الإعلان عن الاتفاق هي التي فتحت الباب على هذا الحديث، رغم أن ما تم استخدامه في حينه كان جواباً عن سؤال افتراضي، اقتضى في النهاية الإجابة الافتراضية التي لا تشير بالتأكيد إلى أن ذلك قد ورد في نص الاتفاق، ومنها انطلقت صافرة البداية لتحوّلٍ مزدوج في المشهد العالمي يقوم على تعويم كل ما سبق ذلك من احتمالات والتركيز غير البريء على الجزئيات المرتبطة بها.‏

التوضيح الروسي لا يكتفي بوضع حد لتلك الإضافات، بل يغلق نوافذ يتعمّد الأميركيون وحلفاؤهم فتحها على عجل، ويتقمص كل منهم دور الشيطان الذي لا يكتفي في الاصطياد بالتفاصيل، بل يصل إلى العناوين التي لم تسلم من ذلك، والدليل ما يتحدثون به عن قرار منتظر لمجلس الأمن لا يخفون الرغبة في أن يكون على مقاس تمنياتهم، ويراهنون على أنه قد يكون الثغرة المنتظرة للنفاذ نحو الفصل السابع.‏

ما يثير أكثر من سواه، أنه لا أحد كان يجادل في كثرة التفاصيل المتشابكة، لكن ربما لم يكن ليستغرب أن ينقل الغرب الشيطان بنيّاته المسبقة ليقبع في العناوين وبهذه الطريقة المستفزة، التي تتعمّد نقل المجابهة من الإطار التنظيري الدبلوماسي إلى موقع المواجهة المفتوحة على المصطلحات، وربما المحاججة الممجوجة في المفردات، وصولاً إلى التأويلات وما تحمله من وجوه تتباين بتباين النيات المسبقة، وتختلف باختلاف الإرادات المتصادمة ومساحة جديتها في المشهد الدولي.‏

a.ka667@yahoo.com

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 علي قاسم
علي قاسم

القراءات: 7094
القراءات: 1014
القراءات: 1172
القراءات: 958
القراءات: 959
القراءات: 946
القراءات: 1077
القراءات: 909
القراءات: 847
القراءات: 945
القراءات: 993
القراءات: 878
القراءات: 817
القراءات: 867
القراءات: 1071
القراءات: 950
القراءات: 768
القراءات: 957
القراءات: 979
القراءات: 1039
القراءات: 994
القراءات: 872
القراءات: 1042
القراءات: 951
القراءات: 1082

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية