والهدف من هذا هو تخفيف الأعباء المالية وخاصة عن ذوي الدخل المحدود , و بلغ حجم الدعم في موازنة 2012 مقدار /386/ مليار ليرة سورية من أصل الموازنة البالغة /1326/ مليارات بنسبة 29% , وسأتناول هنا أهم سلعة وهي المازوت فسعره حسب السعر الرسمي /15/ ليرة سورية وتكلفته أعلى من ذلك بكثير , ويباع في دول الجوار بأكثر من هذا مما ساهم في تهريبه إلى هذه الدول , ونتج عن هذا خلل واضطراب في تأمين هذا السلعة للمستهلك والذي يعاني صعوبات في تأمينها ويعتمد أساليب تتنافى مع غاية الدعم , وتكمن مشكلة دعم المازوت في عدة نقاط من أهمها نذكر على سبيل المثال وليس الحصر :
1-أنه يتم تهريب الكثير منه إلى الخارج بسبب (السقف السعري) والفارق بينه وبين السعر في الدول المجاورة , وهذا أدّى إلى حدوث خلل كبير في التوازن بين العرض والطلب و يوميا تزداد الفجوة التسويقية الكائنة بينهما , ونتج عن ذلك مايشبه السوق السوداء و ارتفاع السعر الحقيقي الذي يدفعه المستهلك للتر الواحد عن السعر الرسمي , والنتيجة هي خسارة للدولة وعدم وصول الدعم إلى مستحقيه وتحقيق الغاية المنشودة منه , وساهم هذا في ظهور أساطين السوق أو حيتانه أو المتاجرين بالأزمة .
2-من المعروف أن كمية الاحتياطيات النفطية السورية تتراجع وأسعار النفط ترتفع من يوم لآخر وهذا سيزيد المشكلة تفاقما في المستقبل , وإذا استمرت الحالة هذه فإنها ستؤدي إلى مشاهدة صفوف طويلة في محطات توزيع الوقود , ورغم توفر المادة لكن توزيعها لايتم بيسر وهو ماندعوه ( التقنين غير السعري ) أو التقنين بالدور وهو ظاهرة غير حضارية تترافق مع إضاعة للوقت والجهد وغيرهما وتعتبر مسرحا جيدا لذوي النفوس الضعيفة الذين يزيدون من ثروتهم على حساب الدولة والمواطن .
وللخروج من هذه المشكلة فإننا نقترح :
أ- اعتماد أسلوب ( التقنين الكمي) أي أن تقوم الدولة بالمحافظة على السعر لكن مع تحديد الكمية التي يحق للشخص أو العائلة الحصول عليها بالسعر المدعوم وتحدد هذه وفقا لدراسات معيارية واقعية ويحصل عليها المواطن عبر قسيمة مخصصة , وما زاد عن ذلك يباع بسعر يتناسب مع التكلفة أي بنفس طريقة تسويق السكر والأرز , وبموجب ذلك تنتظم عمليات التوزيع ويتعادل منحنى الطلب و العرض , من خلال عامل السعر ومساهمته في تقنين الاستهلاك .
ب- اعتماد أسلوب (التقنين السعري) أن تقوم الدولة بزيادة السعر بشكل مترافق ومتناسب مع زيادة الرواتب والأجور وأسعار المنتجات الزراعية والصناعية والخدمية , وهذا سيقلل الفجوة التسويقية بين العرض والطلب ولكنه سيدر إيرادات على خزينة الدولة وتقلل من عجز الموازنة , ويتوقف هذا الاحتمال على مقدار السعر وبأن يكون الضبط السعري متناسبا مع الايجابيات التي حصل عليها المستهلك .
و نفضل الاقتراح الأول لأنه يضمن استمرار الدعم وتدخل الدولة في الحياة الاقتصادية وتنظيم الأسواق وتحولها من دولة وصائية إلى تنموية ويحافظ على الثروة الشجرية التي بدأت تتأثر بشكل سلبي من جراء استخدام الحطب كبديل عن المازوت وهذا يشكل خسارة وطنية كبيرة .
ويؤكد التاريخ الاقتصادي أن كل دول العالم تتدخل في الحياة الاقتصادية وخاصة في أوقات الأزمات فكيف إذا كانت هذه الدول تتعرض لمؤامرة كبيرة كالمؤامرة التي تتعرض لها سورية .