وليس سراً أن يخاف السوريون من بعض هذه الأسماء التي تحاول تزعم أحزاب جديدة غير معروفة الهدف.. ومشروعها غير واضح المعالم.. لقد بات الشعب السوري، وبعد الأحداث الأليمة التي سفكت دمه وخرّبت حياته، لا يثق ببعض الشخصيات التي تتصدر الميدان السياسي الجديد فتترأس أحزاباً أو تنسيقيات أو تيارات معارضة.
ويزداد هذا الشك والحذر عندما نسمع بعض الحوارات وبعض المهاترات على الفضائيات المتبارية لاستضافة السوريين الذين لا يتورعون عن حمل السكاكين وذبح الوطن أمام الملأ.. ومن يذبح أكثر يكن المعارض الأنبل.. ولن نخفيكم.. إننا نشعر بالحزن وبالخذلان من هكذا أبطال يتزاحمون لأخذ ثأر قديم.. أو لنيل كرسي جديد من (دستة) الكراسي المصفوفة، بينما الشعب يداس بين الأرجل.
يعني بعض هذه الأحزاب ليست من أجل الشعب.. والشعب صراحة لا يعول كثيراً على الآتي، اعتقاداً منه بأنه صورة للماضي.. أما ما بينهما فهي معاناة الشعب المستمرّة من السياسي المتحذلق، ومن الاقتصادي الواهم ومن التاجر المحتكر ومن الإعلامي المتشدق.. فهل من حزب جديد يخلصنا من كل هذه المعاناة أم إننا سننطوي على ألمنا ووجعنا الذي يتاجر به القاصي والداني وخاصة أعراب الذل والهوان، وشيوخ الفتنة والدماء؟
إن الشعب السوري الذي يعاني من الحصار الاقتصادي والديني والأخلاقي والقيمي.. يعاني أيضا من حصار الشعارات..ومن الأحلام الفضفاضة لبعض المتنطحين للعمل السياسي.. فإلى أين يسير بنا الزعماء الجدد؟ وإلى أين ستوصلنا الشعارات البراقة والوعود الخضراء؟ هاهو مجلس الشعب على الأبواب. وهاهو الشعب السوري يراقب بعض رؤساء أحزاب المعارضة الجدد فلم يجد في برنامجهم ما يثلج صدره.. وخاصة أن بعضهم التقى بسفراء الدول التي ترسل إلينا هدايا الحرية من قناصات ومتفجرات وسواطير لقطع الرؤوس على الطريقة السعودية.. ومنهم من سافر وتاجر بدمنا ونزل في اليخوت.. وصعد ناطحات الدولار، بينما الشعب السوري - وخصوصا العمال والموظفين والمزارعين- يهبط إلى ناطحات الفقر والجوع والخوف بعد أن كان ينعم بالأمان والكرامة والأخوة.
والسؤال هو.. هل من أجل الكراسي تتزاحمون؟ أم من أجل المواطن فعلاً تتصارعون؟ ماذا ستقدمون للفقراء؟ وهل تعدوننا ألا يكون دمنا ورقابنا هي الثمن ليكون لديكم مكاتب وسيارات ويخوت وسلطة؟ نحن لا نثق بالكثيرين ممن كانوا قبلكم؟ لقد وعدونا سابقاً ولاحقاً ولم نصدقهم.. فكيف سنصدقكم؟ وكيف سنتأكد بأنكم لن تمدوا الموائد على رؤوسنا المقطوعة؟ هل نعود إلى التاريخ الذي نعرفه جميعنا؟ أم ستقدمون لنا تاريخاً جديداً؟
هل ستتصدون للذين حاصروا لقمة عيش الفقراء؟ وهل ستواجهون من أرسل الرصاص وخردق البلاد؟ هل ستردون على الزيف الإعلامي الذي استباح حياتنا ودمنا وبيوتنا وشوهنا وقسمنا إلى فرق وطوائف لا تلتقي؟..هاتوا ما عندكم.. قولوا برامجكم وحددوا موقفكم من الصراع العربي الإسرائيلي.. حددوا موقفكم من الذين يذبحون الجيش السوري. وقولوا لنا رأيكم بالذين خربوا اقتصاد البلد ومؤسسات الشعب التي بنيناها من عرقنا وعمرنا وشقائنا؟
أخبرونا.. ما برامجكم المستقبلية.. هل ستذبحون كل من يقول لكم لا؟ أم ستبقرون بطن زوجته الحامل؟ هل أنتم مع فتح الحدود ليدخل الصهاينة حتى وسط البلاد؟ ألم تؤلمكم مشاهد الصحفيين الغربيين المخربين وهم يدخلون سراً وينتهكون أرض البلاد؟ ألا تحزنكم سورية..وقد تحولت إلى أفغانستان؟ أخبرونا ماذا تخبئون للشعب وللبلد؟ أخبرونا.. ما عدنا نثق بأحد.. لقد طفح الكيل.. وفاضت الآلام حتى تساوت عند الفقراء الأيام. ماضيها وتاليها.
نريد أن نعرف..يا زعماءنا، ما مواقفكم من حمد (راعي الإبل) وقد راح يتحدث عنا وباسمنا؟ فهل أنتم موافقون على أن يتزعمكم؟ وهل توافقون أن يتحدث عن سورية وباسم سورية أشباه رجال لولا المال ما كانوا إلا جيفاً؟ وهل أنتم تستقوون بالغرب أم بالشعب؟
إن الشعب السوري الأبي يتوق إلى المجد والحرية..ويسعى بدمه – وقد سكب منه الكثير – متحملاً الحصار والذبح و ومقدماً الشهيد تلو الشهيد في سبيل سورية الحبيبة.. ولكن لن يقبل أبدا تدخل الأذلاء والعملاء والخونة في شؤونه.. ويرفض رفضاً قاطعاً أن يتحدث باسمه الأعراب.... فهاتوا ما عندكم من براهين على وطنيتكم وحرصكم إن كنتم صادقين.. وليكن شعاركم..السوريون إخوة.. السوريون معاً في وجه الآخر المعتدي.عند ذلك لكم منا ثقتنا.