تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


مستنقع أفغانستان والعلاقات الأميركية – الباكستانية

عن واشنطن بوست
ترجمة
الأربعاء 21-12-2011
ترجمة : ريما الرفاعي

تبرز المواجهة الأخيرة بين الولايات المتحدة وباكستان على الحدود الأفغانية، حالة التوتر بين البلدين والتي يمكن أن تتحول لمشكلة متكررة، إذا لم تحسن واشنطن إدارة هذه الحالة حيث تجد نفسها مضطرة للمفاضلة بين العمل مع باكستان، أو اتخاذ إجراءات أكثر حزماً ضد ما يعتقد أنها ملاذات آمنة للمسلحين على الأراضي الباكستانية .‏

ورغم النجاح النسبي للجهد الأميركي في أفغانستان في الوقت الراهن، فثمة احتمال لتعرضه للفشل إذا ما بقيت الأراضي الباكستانية ملجأ للمسلحين. وخلال رحلتي الأخيرة إلى افغانستان لاحظت تحسناً في الوضع الميداني، كما علمت أن حجم الجيش الأفغاني يزداد تدريجياً، وأنه سيكون أفضل مما هو عليه الآن بحلول 2014 ، وأن جرى احتواء تمدد التمرد في المناطق الشمالية، ويجري ملء المناصب الشاغرة في الحكومات المحلية والإقليمية.‏

ورغم الهجمات الجريئة التي تقع بين فينة وأخرى من قبل قوات طالبان، فإنها لم تكن قادرة على تعطيل التجمع الذي عقد مؤخراً في العاصمة كابول واستمر ثلاثة أيام وضم 2000 من أعيان أفغانستان. ولو لم تكن هناك قيود على الإنفاق والوقت، لبدا ذلك التقدم مطمئناً للغاية، ولكن في الحقيقة لم يكن الأمر كذلك.‏

لقد اعتمدت الولايات المتحدة على بناء القوات الأفغانية لمعالجة العنف المستمر، لكن عملية البناء تأخرت كثيراً ولم تبدأ سوى عام 2009 . وفي الوقت الراهن تركز إدارة أوباما على انسحاب القوات قبل أي شيء، وهو ما أدى إلى تناقص المساعدات المقدمة، اضافة إلى التناقص المستمر في أعداد الجنود الأميركيين. وليس معروفاً على وجه الدقة حتى الآن عدد الجنود الذين ينوي أوباما إبقاءهم في أفغانستان بعد عام 2013.‏

وبينما بدأ الوقت بالنفاد، يرد إلى الخاطر تساؤل عما اذا كان الأمر يتطلب منا المضي قدماً في تحمل المسؤولية والمعاناة، رغم أن فرصتنا في النجاح ضئيلة في أفعانستان؟ وهل من الأفضل أن ننسحب ونكتفي بمشاهدة حرب أهلية، وهي تندلع وتهز استقرار جنوب ووسط آسيا، متجاهلين ما يحدث في جوار أفغانستان من تفاقم للتطرف والأصولية وخاصة في باكستان التي تسعى للهيمنة على أفغانستان ؟‏

ثمة احتمالات عديدة، لو انسحبنا من أفغانستان منها عودة «القاعدة» مرة أخرى للبلاد، وعودة سيطرة طالبان على الحكم كما كان الحال قبل غزونا لهذا البلد عام 2001 بما يمثله ذلك من خطورة بالغة، وخصوصاً إذا أخذنا في الاعتبار الأدلة العديدة حول الروابط بين الجانبين. وقد علمت من أحد المسؤولين الذي أتيح له فحص الكمبيوترات التي كان أسامة بن لادن يستخدمها في مخبئه أن القاعدة وطالبان كانا ينسقان عملها بصورة وثيقة، وأنه شخصياً دهش عندما اطلع على مدى قوة هذا التعاون.‏

والواقع أن الخيار بين المضي فيما نحن فيه، وبالطريقة نفسها، أو المغادرة، هو خيار غير مستساغ. وثمة خيار ثالث يستحق التفكير، وهو خيار اتباع سياسة تصادمية تجاه باكستان مع إدراكنا في الوقت ذاته أنه خيار هز استقرار دولة مسلحة نووية أكبر حجماً بكثير من أفغانستان، ليس في مصلحتنا.‏

وهذا الإدراك على وجه التحديد هو الذي يدعونا لتجنب استخدام العقوبات، أو قطع المساعدات، أو وصف باكستان بأنها دولة إرهابية. فباكستان مثلنا تماماً تسعى للسيطرة على التطرف داخل حدودها، وفقدت في سبيل ذلك الآلاف من جنودها، الذين انخرطوا في محاربة المسلحين المحليين دون أن تنجح في تحقيق نصر حاسم، ومرد ذلك أنها لا تمتلك الإمكانات التي تمكنها من هزيمتهم، فضلا عن السيطرة على المسلحين الذين توفر لهم الحماية على أمل أن يساعدوها في إحكام السيطرة على أفغانستان بعد انسحاب قواتنا.‏

ومع ذلك، ينبغي القول إن أسلوب الضغط على باكستان لدفعها للتصرف بطريقة لا تريدها، ولا تستطيعها، ليس من المحتمل أن ينجح أو يساعد على تحقيق مصالحنا.‏

ولعل الخيار الأفضل هو ملاحقة هؤلاء المسلحين بشكل مباشر، على ألا يتم ذلك مرة واحدة، وإنما منطقة تلو الأخرى بصورة بطيئة، مع تكثيف الضربات الجوية والصاروخية تدريجياً. وعلينا الضغط في الوقت نفسه على باكستان لمساعدتنا في هذا الجهد، على أن نكون مستعدين لتلقي رد فعل غاضب منها في البداية يتمثل ربما في إحراق عربات قوافل التموين المتجهة عبر أراضيها إلى أفغانستان أو إغلاق الحدود لبعض الوقت على الأقل كما يحدث الآن.‏

وعلينا أن نكون مستعدين لمواجهة رد الفعل الأولي من باكستان، ليس من خلال إيقاف الضربات، وإنما من خلال تكثيفها بما يشمل المناطق الموجودة في بلوشستان من أجل إظهار عزمنا على استكمال المهمة، على الرغم مما قد نلاقيه من معارضة شديدة من باكستان لذلك النهج.‏

وعلينا، ونحن نقوم بذلك أن نحرص على الدقة البالغة، حتى لانتسبب في ضرر للقوات الباكستانية كما حدث مؤخراً، مع الاستمرار في الوقت نفسه في تقديم المساعدات لها، والمحافظة على نهج المواجهة والمساعدة هذا، على أن نعرف الوقت المناسب لتعزيز ذلك الخيار أو ذاك على حساب الآخر.‏

 بقلم: رونالد ئي. نيومان - سفير أميركا السابق في أفغانستان‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية