نعم.. لا يزالُ يذكر, هذا ما التمسناه في (بعد الستين) إعداد سمير درزي وإخراج مالك الديب وتقديم إيمان الرحبي، البرنامج الذي يُعرض على (الفضائية السورية) الذي تقصَّد أن يستضيف في كلِّ حلقة من حلقاته, من اختزنت ذاكرتهم الكثير من المحطات التي أنبأت -وبعد أن سمعنا خفاياها- بأن صاحبها وبما يحمله من خبراتٍ ووعي, لابدَّ من أن يُلزم البرنامج بتحمُّل ما تتطلَّبه المسؤولية الحوارية من اجتهادٍ وسعي.
لكن, وإذا كانت الكثير من هكذا برامج تعتمد على الأسلوب ذاته في محاكاة ذاكرة الطفولة والنشأة والمعاناة التي جعلت من ضيوفها مميزين, إلا أن ما يلفت في هذا البرنامج إحساسنا أن ما يمتلكه ضيوفه, أشبه بخزنةٍ معرفية. خزنة مليئة بتداعيات بوحٍ حتما سيكون ممتعاً وصادقاً لطالما صَقلتْ حكمته التجارب وإلى أن أنضجها ما (بعد الستين)..
أحد ضيوف البرنامج كان الإعلامي الدكتور (محمد توفيق البجيرمي) وهو من لايختلف متابع على مقدرته اللغوية التي تابعنا بعضها في (طرائف حول العالم). تلك الطرائف التي لم تكن موضوع الحلقة لطالما ما نجهله عن حياته هو ما استحقَّ من البرنامج الاهتمام والتأمل في مسيرة حياةٍ, كانت بالحكايا الشيقة والممتعة جداً غنية..
إنها المسيرة التي ومثلما دفعتنا لمتابعة أقسى الظروف التي يعيشها الإنسان الطموح وصولاً إلى تحقيق ما يجعل نجاحه ينطق بالحكمة, دفعت البرنامج لتوخي الدقة في الاستفسار عن كلٍّ ما جعل مميزاً مثل (البجيرمي) يختم أحاديثه المتنوعة, بنصائحٍ وإن دلَّت على هدف, فهو إفادة الشباب ممن رأى أن لديهم حماسة لكنَّ الاستعجال يؤخرهم, مما علَّمته إياه تجارب الحياة, وبعد أن رسمت محن تجاربها على ملامحه المخضرمة..
إذاً.. هي خلاصة تجربة إعلامي ومترجم وإن كنا لا نريد الخوض في كلِّ ما سرده ضمن البرنامج إلا أن ما يكفي, الامتنان الذي قدمه وخصوصاً لأبناء شعبه. الشعب الفلسطيني الذي ترجم وجوده بعد طول احتلالٍ وقتلٍ وتهجير, على أنه باقٍ وسيستمر, لطالما شبابه ومُذ خروجهم من بطون أمهاتهم, يكونون أشبه بالقنابل الموقوتة التي تُرعب أعداءهم.
بعد كلِّ هذا.. ألا يحقُّ لنا وكلَّما شعرنا أن المسافة مابين الحلقة والأخرى طويلة ومخيِّبة لانتظارنا أن نتساءل: يا ترى هل ترهَّل البرنامج وهو مازال في ريعان العرض أم إن ذاكرة من قرَّر عدم الانتظام أو التأخير في عرضه, هي من اللامبالاة بحيث لا تُعنى بمعنى الوقت؟؟.
سؤال برسمٍ الإجابة, وخصوصاً أن انتظار المميزين ممن تجاوزوا الستين, وللبوح بأسرار وخبراتٍ حياتهم.. لا يحدّه حد..