تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الموسيقار محمد عبد الوهاب ساحر النغم وشاعر الغناء

فنون
الأربعاء 8-5-2013
علي الأحمد

أكمل الموسيقار محمد عبد الوهاب مسار الحداثة في موسيقانا العربية بدايات القرن الماضي بعد استاذيه الكبيرين الشيخ سيد درويش والموسيقار المجدد محمد القصبجي ،

وهو مسار تنوعت على ضفتيه الكثير من إغناءات اللغة الموسيقية القديمة التي لم تأخذ حقها من التقدير والاهتمام كما فعل هؤلاء الرواد المؤسسون .‏

فقد كان هاجسهم الدائم الوصول بعقلانية، الى مشروع الحداثة المنشودة، وتجديد بنية هذه اللغة القديمة التي كانت لهم بمثابة معين لا ينضب من الابداع والتميز والخصوصية بما ميز الهوية الموسيقية العربية ومنحها الكثير من العناصر الابداعية على مدار حقب ومدارس موسيقية كان عبرها الموسيقي العربي ينشد الحوار وإعلاء لغة التثاقف في سبيل تخصيب هذه الهوية بمفردات تحمل قيماً جديدة في الصوت والآلة  والعلم الموسيقي ،وهذا بالتأكيد ما فعله هذا المبدع الكبير الذي قدم نتاجا موسيقيا وغنائيا عظيما وفي كافة الأنماط الموسيقية والغنائية حمّلها بقيم التعبير والتصوير الوجداني كما تعلمه من اساتذته الكبار ولا ننسى  ذائقته الشعرية التي أغنتها صحبته المبكرة لأمير الشعراء أحمد شوقي وغيره من شعراء  مبدعين «ابراهيم ناجي وعلي محمود طه وكمال الشناوي والكبير نزار قباني والعديد من الأدباء  الكبار الذين شكلوا رفقة وصحبة فنية غنية أثرت عوالم هذا الفنان المبدع الذي حلّق بأجنحة النغم الى فضاءات ممتدة من السحر والجمال والعذوبة ،وقد يحار المرء من عمق وامتداد هذه التجربة الموسيقية الباذخة بجمالها الموسيقي التعبيري والتي تجاوزت نصف القرن من التفرد والتميز كان عبرها هذا الفنان مثالا ناصعا للموسيقي  العربي الذي يدافع عن قيم الجمال والإبداع  ، خاصة في زمن التحولات الكبرى التي طالت المجتمعات العربية سياسيا واجتماعيا وثقافيا وقد عايش هذا المبدع هذه التحولات وعبّر عنها في كثير من نتاجه الموسيقي والغنائي مسرحيا وسينمائيا وإذاعيا إضافة بالطبع الى ألحانه لكثير من الأصوات العربية التي اغتنت بهذه التجربة العالية فكرا وممارسة ألحانه لأم كلثوم وعبد الحليم حافظ ووردة وفايزة أحمد ونجاة الصغيرة وليلى مراد وصباح وفيروز وغيرهم من مبدعين نهلوا من هذا النبع الفياض الذي بقي يحارب القبح والرداءة حتى أواخر عمره ، وهو تفهم الحداثة كعامل إثراء وتخصيب وليس كعامل إفقار وتذويب لمفردات الهوية الموسيقية العربية بتقاليدها الراسخة ،ولعله هنا من أهم الموسيقيين العرب الذين استخدموا التقنيات الغربية في موسيقاه بشكل عقلاني ينم عن حرفية وذكاء معرفي وإحساس عميق بالقيم الصوتية والتعبيرية  التي وفرتها  الآلة والعلوم المتقدمة دون الذهاب في ذلك الى حدود التطرف والاستعراض الفارغ ،ويكفي المرء أن يستمع على سبيل المثال  لقصائده العظيمة المشبعة بقيم التجويد ليتأكد من أصالة هذا الكبير وروحه  الحداثية التي كتبت لنا وللأجيال  موسيقا الفن والحياة موسيقا الزمن الجميل والكلمة العذبة التي أغنت ذائقتنا ومنحتنا كل الأوقات الهانئة التي لا تنسى .‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية