التي سجلت أرقاما خيالية تعدت مبرراتها ارتدادات الأزمة إلى مناطق بعيدة جدا عنها، حيث باتت أسعار العقارات تشهد ارتفاعاً غير مسبوق في وقت كانت البلاد تشهد فورة في عملية البناء تحدى أبطالها كل القوانين والقرارات التي صدرت لمنع البناء في المناطق المخالفة والسكن العشوائي تحديدا.
هذا الواقع المحير لا يشبه غيره على الإطلاق حيث يراكم تجار العقارات أحلامهم في التحكم بأسعار حاجة تشهد طلبا متزايدا عليها حاليا في أغلب المناطق الهادئة طلبا للأمن والأمان فيها.
لكن علاوة على كثرة المعروض في السوق من عمارات سكنية وتجارية خالية في الوقت الحالي فقد لوحظ تباطؤ حركة البيع والشراء، بسبب استمرار الظروف الاستثنائية الحالية التي كان لها تأثير كبير ووصلت الأسعار لمستويات غير طبيعية وغير مألوفة.
30% الزيادة
في تحقيق نشرته الثورة منذ مدة أكدت أن هناك تقديرات تشير إلى أن أسعار العقارات ارتفعت على نحو ملحوظ نتيجة الأزمة من 20- 30% على الرغم من قلة الشراء لأي نوع من العقارات سواء كان سكنياً أو تجارياً، حيث ارتفع سعر المتر المربع على الهيكل من 10آلاف ليرة إلى 15 ألفا في سوق العقارات المخالف والمنزل بمساحة 120 متراً كان يباع بحوالي مليون و200 ألف ليرة قبل الأزمة، أما حالياً فيباع تقريباً ب مليون و800 ألف ليرة، وهذا الارتفاع ينطبق على السوق النظامي والذي يعادل سعر البيت فيه وبالمساحة نفسها حوالي 3 ملايين ليرة.
حاجات الناس
من غرائب الأمور ما تكشف من ممارسات تجار الأزمة الذين وجدوا في اللعب على حاجات الناس فرصة سانحة لإشباع جشعهم في جني أرباحا أكثر من جيوب من أرهقتهم أيدي الإرهاب والمجموعات التكفيرية الذين روعوهم وهجروهم فقصدوا مناطق آمنة يطلبون منزلا تتوفر فيه الشروط الممكنة للسكن ريثما يتمكنوا من العودة إلى منازلهم بعد تطهيرها ليقعوا في شباك تجار الأزمات والحروب الذين يفرضون شروطا قاسية دون أدنى اهتمام للوضع الجديد.
ويذكر هنا أن عددا من أصحاب البيوت في المناطق الآمنة في دمشق والريف وبقية المدن والمحافظات السورية قاموا بنقل عائلاتهم إلى القرى حتى يتم تأجيرها مفروشة للأسر المحتاجة وطبعا بالسعر الذي يفرضه المالك، وهناك من استأجر لعائلته في أرياف المحافظة ليقوم بتأجير منزله لعائلة بأسعار عالية جدا.
زيادة الطلب على « المفروش»
في السياق ذاته أوضح الباحث الاقتصادي عمار يوسف في دراسة له حول أسعار الإيجارات الحالية أن هناك ارتفاع في سعر إيجار المسكن المتوسط المساحة والمفروش غالباً في دمشق لأن أغلبية المستأجرين مهجرون، خرجوا من منازلهم من دون أي مفروشات خاصة بهم، وغالباً وصل الإيجار لأرقام خيالية 50 ألف ليرة في المناطق المتوسطة بقلب المدينة حتى 30ألفا في مناطق السكن العشوائي ضمن مدينة دمشق، وفي الريف القريب كضاحية قدسيا وصل المسكن ذي المساحة التي لا تتجاوز 60 متراً مربعاً والخالي من المفروشات إلى سعر 20 ألف ليرة شهرياً ما يجعل كثيراً من المواطنين المهجرين عاجزين عن تأمين هذا المبلغ بشكل شهري في ظل توقف عامل للحركة الاقتصادية.
أخيرا نقول: ما يشهده قطاع العقارات اليوم يشكل سابقة غريبة عن أخلاق السوريين وثقافتهم في إغاثة الملهوف ومساعدة المحتاجين وقد قدموا نماذج رائعة في هذا المجال عندما فتحوا قلوبهم وبيوتهم للأشقاء العرب في مواجهة المحن التي ألمت ببلادهم ولم يقيموا لهم مخيمات ولم يستجدوا المنظمات الدولية للإنفاق عليهم، واليوم نسأل لماذا تغيرت الحال وصرنا وحوشا يتسابق قلة منا لنهش لحوم أخوتهم باستغلالهم بأبشع صورة ؟ حقيقة هذا الأمر لا تطاله رقابة ما ولا قرارات تصدرها الجهات المختصة حيث يغيب الرادع الذاتي عن المشهد العام ويسود منطق الغاب وهذا ما يرفضه السوريون.