تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


جار جائع يدعو للخشية والخوف

جيروزاليم بوست
ترجمة
الأربعاء 8-5-2013
ترجمة: ليندا سكوتي

ثمة مقولة دأب الناس على ترديدها والتمسك بها تدعو للخشية والتهيب من الجار الجائع العاطل عن العمل لكن الواقع يفند ذلك القول ويدعونا إلى عدم المغالاة بهذا التحسب إذ ربما يكون هذا الجار من ذوي الأخلاق والخصال الحميدة التي تجعله يراعي حسن الجوار

وينهض بالأعمال التي توكل إليه بكل جدارة وإخلاص إن أتحنا له الفرصة وأنه سينأى بنفسه عن إلحاق الأذى بجيرانه، وعلينا في حال حصول خلاف معه أن نبحث عن واقع جديد يحقق له مصالح ومنافع وميزات يخشى من فقدها ويدرك بذات الوقت بأن أعمال العنف لن تقود به إلى شاطئ السلامة بل ستجعله يدفع ثمناً باهظاً نظيرها دون أن يحظى بأي ميزات منها.‏

لا شك بأنه عندما يكون الاقتصاد الفلسطيني قوياً ومتعافياً فإن أعمال العنف ستتضاءل وعلى الرغم من أن الاقتصاد لا يحل محل السياسة لأنه لا يمكن استبدال التطلعات الوطنية الفلسطينية بمبالغ من المال لكن تحسين الوضع الاقتصادي سيساهم إلى حد ما في خلق فرص لظهور نتائج سياسية أفضل.‏

عقب تعيين سلام فياض لرئاسة الوزراء في عام 2007 انشغل الفلسطينيون بعملية بناء الدولة لذلك قرروا بذل الجهود لإصلاح الخلل الذي نجم عن الانتفاضة الثانية عبر ترسيخ سلطتهم، وتعزيز سيادة القانون، ومحاربة الفساد، وإعادة تنظيم قوات الأمن،‏

وبتقديرنا نرى بأن الجهود التي بذلتها السلطة الفلسطينية آنذاك قد اعطت نتائج ملموسة حيث تراجع الإرهاب وبدأت إسرائيل بإزالة نقاط التفتيش بتشجيع أميركي ودعمت التنمية الاقتصادية الفلسطينية وكان ثمة تقدم ملحوظ إبان السنوات الأولى للمبادرة الدولية-الفلسطينية-الإسرائيلية المتعلقة بالتنمية الاقتصادية حيث تدنت نسب البطالة وازداد الأمل بتحقيق الاستقرار والاستمرار في مكافحة العناصر الردايكالية المتطرفة.‏

لكن النمو الاقتصادي المضطرد لم يلبث حتى أخذ بالتراجع نتيجة الظروف التي يمر بها الاقتصاد العالمي الذي انعكس على العملية السياسية الحقيقية وأفضى إلى تراجع الوضع الأمني في الضفة الغربية وإلى نتائج خطيرة. لذلك نجد أنفسنا بحاجة إلى عملية سياسية حقيقية إضافة إلى ضرورة تحقيق نمو اقتصادي فلسطيني إذ لدى كل من الفلسطينيين والإسرائيليين مصالح مشتركة في هذا الصدد وثمة اتفاق واسع بشأن الحاجة إلى تطوير استراتيجية فاعلة لتحويل هذا الكلام إلى واقع.‏

وعلى سبيل المثال، فإن إسرائيل بحاجة إلى استخدام العمالة بشكل عام وفي مجال البناء والزراعة بشكل خاص وليس لزاماً علينا الاستعانة بعمال أجانب نستقدمهم من الصين وروسيا وأوكرانيا وتايلند أو أي مكان آخر في ضوء وجود عمال من ذوي الخبرة ومدربين بشكل جيد ولديهم الرغبة في العمل وهم يعيشون بجوارنا وفي نهاية يوم العمل بإمكانهم العودة إلى مدنهم وبيوتهم حيث سينفقون الأجور التي تدفع لهم بالشيكلات الإسرائيلية لشراء البضائع والمنتجات الإسرائيلية وتبقى مواردهم ضمن اقتصادنا وبذات الوقت تخدم بناء الاقتصاد الفلسطيني.‏

لدينا خبرة جيدة بالعامل الفلسطيني لذلك يتعين علينا عدم منع العمال الفلسطينيين من العمل في إسرائيل ويجب علينا وضع حد فوري لتقهقر الاقتصاد الفلسطيني عبر توفير فرص العمل وضخ كمية كبيرة من الأموال في المجال الاقتصادي وذلك عبر استخدام 50000 عامل فلسطيني لفترة قصيرة براتب شهري قدره 50000 شيكل ومن الممكن في هذا السياق أن نضخ ثلاثة بليون من إجمالي الدخل المحلي إلى الاقتصاد الفلسطيني خلال السنة القادمة كما أن الأموال الخاضعة للضريبة من قبل السلطة الوطنية الفلسطينية سيستخدم معظمها في شراء البضائع الاسرائيلية أيضاً.‏

يتخرج من الجامعات الفلسطينية حوالي 1500 تكنولوجي في كل عام وهم جاهزون للدخول في سوق العمل لكنهم يعانون من البطالة وعدم وجود الخبرة العملية لديهم بينما تستعين شركات التكنولوجيا الإسرائيلية بعمال من الهند والصين في الوقت الذي يمكن به الاستعاضة عن هؤلاء بتكنولوجيين فلسطينيين وتعود فوائد ذلك على كلا الطرفين.‏

كي يكون هذا الخيار ذو مصداقية تدعو الضرورة إلى تزويد الخريجين التكنولوجيين الفلسطينيين بالتدريب العملي لاكتساب الخبرات من خلال وضع برنامج لتدريبهم في شركات التكنولوجيا الإسرائيلية ومن الممكن تحقيق ذلك عبر إعداد برنامج فعال خاص بالفلسطينيين في شركات التكنولوجيا الإسرائيلية حيث يستطيع معظمهم العمل في منزله أو في أماكن تخصص لهذا الغرض. كما وإني أرى بإمكانية تشغيل المعتقلين السياسيين الكفوئين في الشركات الإسرائيلية وبإمكانية تشجيع الآخرين وتدريبهم للبدء بمشاريع فلسطينية بذات الطريقة التي تحصل في إسرائيل التي يتعين عليها تزويدهم بالنصح والإرشاد والتدريب والأسلوب الذي ينبغي عليهم المضي به كما يتعين على المجتمع الدولي وعالم الأعمال توفير التمويل ورأس المال الاستثماري وغيرها من وسائل لمساعدة الفلسطينيين.‏

إن السبيل الأمثل للمساهمة في نمو الاقتصاد الفلسطيني هو العمل على شراء المنتجات الفلسطينية ذلك لان حوالي 80 % من البضائع الموجودة في السوق الفلسطينية تأتي من إسرائيل في حين لا تدخل إلى السوق الإسرائيلية سوى كميات ضئيلة من الإنتاج الفلسطيني.‏

ثمة الكثير من المعوقات غير الجمركية التي تحول دون دخول البضائع الفلسطينية إلى إسرائيل وهناك نقص في الوعي والمعرفة حول دور الاقتصاد الإسرائيلي في السوق الفلسطينية الأمر الذي يدعو إلى تحديد المنتجات الفلسطينية التي يتاح لها دخول السوق الإسرائيلية ويمكن تقديم الدعم لرجال الأعمال لوضع برنامج يساعد الشركات الفلسطينية للتغلب على جميع المعوقات التي تعترضهم.‏

ثمة حاجز تدعو الضرورة للتغلب عليه وتجاوزه ألا وهو الحاجز النفسي حيث نجد أن المستهلك الإسرائيلي ينأى بنفسه عن شراء المنتجات الفلسطينية باستثناء الطحينية وزيت الزيتون والحمص، حيث نرى الإسرائيليين يرفضون رفضاً قاطعاً شراء المنتجات الفلسطينية كما وأن المستهلك الإسرائيلي يحجم عن شراء أي سلعة من صنع الفلسطينيين باعتبارها من إنتاج العدو الأمر الذي يتطلب منا إيجاد طريقة لتجاوز هذا الحاجز النفسي وما ينجم عنه من ردود أفعال لأن شراء المنتجات الفلسطينية يجب أن يمثل خطوة إيجابية واستباقية نحو بناء السلام بين إسرائيل والفلسطينيين خاصة وأننا عندما ندخل إلى أي متجر في رام الله أو بيت لحم أو نابلس نشاهد الرفوف ملأى بالمنتجات الإسرائيلية وفي حال عدم وجود حالة مماثلة في إسرائيل فإن الاستياء الفلسطيني سيتنامى باتجاه مقاطعة شراء المنتجات الإسرائيلية.‏

إننا ننتظر لنرى ما ستتمخص عنه مساعي وزير الخارجية الأميركية جون كيري من نتائج إيجابية في إعادة الطرفين إلى المفاوضات ويتعين علينا نحن المواطنون الإسرائيليون الانخراط في جهود السلام عبر شراء المنتجات الفلسطينية متجاوزين الحاجز النفسي القائم وعلى الحكومة الإسرائيلية العمل لصالح إسرائيل بفسح المجال لتلك المنتجات من الوصول إلينا لأن شرائها سيعود بالفائدة على الطرفين معاً.‏

 بقلم: غيرشون باسكن‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية