تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


المبالغة الدرامية .. بين الاستعراض والخروج عن المألوف

فنون
الاثنين 11-11-2013
سلوان حاتم

قد يكون استعراض (العضلات) الدرامية من السمات البارزة في السنوات الأخيرة على الدراما العربية بشكل عام والسورية بشكل خاص حيث يبدو أن بعض صنّاع الدراما السورية يحاولون صنع النجاح عن طريق التضخيم أو المبالغة في تقديم الشخصيات في الأعمال المقدمة.

لن نعود إلى باب الحارة ونضربه مثالاً على المبالغة التي تقدم في الدراما السورية لأن دراما الموسم الرمضاني كانت كافية في تقديم نماذج واضحة لما نود قوله إذ نرى من متابعة بعض الأعمال السورية للموسم الفائت -الكوميدية أو الاجتماعية المعاصرة- أن الدراميين بالغوا في تقديم شخصياتهم وربما أبرز ما نستطيع توجيه النقد (اللاذع) له هو مسلسل (صرخة روح) في خماسياته التي وفق بعضها بينما (استشاطت) بعض قصصه في مبالغة أكثر من المطلوب قد يكون لخيال الكاتب والمخرج دور مقصود أو رسالة وهدف ما, لكن بعض المشاهد لم تبالغ درامياً فقط بل خرجت عن المألوف أيضاً.‏

الكوميديا المعروفة بسمة المبالغة كي تستطيع جذب الضحك إلى شفاه المشاهد وقعت في فخ المبالغة فوصلت أبعد من حد التهريج وإذا ما استطردنا في طرح أمثلة سنجد الكثير من المسلسلات الكوميدية ينطبق عليها ذلك إذ انتقلت بفعل المبالغة إلى التهريج ومنها مسلسل (شاميات تو) و(فتت لعبت)و (بديع وفهيم) حيث حاول الأول قَلب بعض المواقف والقصص إلى كوميديا ولكن لم يوفق لأن مساحة (النكتة) أو الموقف لا تحتاج إلى كل هذه المَشَاهِد ونقول هنا أنها لا تحتاج كي لا نقول إنها لم توفق كنص أو كإخراج وتمثيل لأن بعض هذه النكت يُضحك إذا سمعناها من أشخاص عاديين لم يبالغوا في تقديم هذه النكتة بل نقلوها كما هي.‏

المبالغة لم تلحق الأعمال فقط بل لحقت مضمون الأعمال إذ بالغت شركات الإنتاج أيضاً في تقديم مسلسلات البيئة الشامية كثيراً حيث كثرت الأعمال المقدمة ، وكان قد سبق للدراما التاريخية أن وقعت في نفس المشكلة حيث لم يبق شاعراً أو فارساً أو شخصية تاريخية مشهورة إلا وصيغت عنها أعمال تلفزيونية لدرجة أن المنتجين أعادوا إحياء شخصيات نسيها الناس منذ قرون لا منذ عقود فقط من أجل إنتاج عمل تلفزيوني ما أساء لهذه المسلسلات حتى فقدت بريقها.‏

الطريف في الموضوع أن المبالغة في تقديم بعض الشخصيات من قبل الفنانين قد انتقل إلى الممثلين انفسهم إذ ظن بعضهم أنه الشخصية التي قدمها عبر المسلسل فبدأ يهاتر البعض من زملائه بإجراء مقارنة بينه وبين زميله حسب الدور الذي قدمه في العمل, فإذا كان (الفنان) يتأثر ويصدق هذه المبالغة فما بالكم ببعض من يتابع كيف لا يصدق ما تقوله لهم الدراما وإن كان دور آخر قد ينسي الفنان الدور الذي عاشه فما الذي يستطيع جعل المشاهد يصدق أن ما يقدم من مبالغات هو فقط من أجل إنجاح..؟‏

عندما سئل ماركيز لماذا لم يوافق على تحويل بعض رواياته إلى السينما أجاب لا أريد للمشاهد أن يظن أن صفات أبطال الرواية تتجسد في الممثل فينسى المشاهدون الرواية وتبقى صورة الممثل هي الراسخة من هذا القول نستطيع ان نقول للمبالغين في تقديم الدراما ليتكم تقفون مع ذاتكم قبل تقديم أي عمل مبالغ فيه إذا ما اعتبرتم أنفسكم أنكم من هذا المجتمع فعلاً..؟‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية