تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


صوت الحقيقة يعلو على ترهات الإعلام

برافدا
ترجمة
الأربعاء 21-3-2012
ترجمة ليندا سكوتي

لم يعد خافيا على أحد الدور الذي تلعبه وسائل الإعلام الغربية لحشد واستثارة الرأي العام ضد روسيا بذريعة ما اتخذته من مواقف لدعم سورية التي ينظر إليها الغرب باعتبارها العدو اللدود له منذ أن وضعت الحرب الباردة أوزارها.

وهنا نتساءل إن كانت وسائل الإعلام تلك ستفلح في التوصل إلى ما تبتغيه من خداع للشعوب الغربية؟‏

لمعرفة الصورة الحقيقية لما يجري في سورية دعونا نتجلى الحقيقة عن طريق مصادر ذات صدقية في هذا البلد نائين بأنفسنا عما تروجه وسائل الإعلام الغربية من أكاذيب وترهات آخذين باعتبارنا ما ينبغي أن نكون عليه من التزام بشرف المهنة والمسؤولية الإعلامية.‏

لقد عملت على مدى الخمسة والثلاثين عاما المنصرمة في مجال الصحافة المطبوعة والالكترونية وإنتاج الأفلام الوثائقية التلفزيونية وفي الصحف اليومية والأسبوعية والمجلات الشهرية وغيرها وأصبح لدي مخزون من المعلومات ذات الطابع السري التي لو استخدمتها لتسببت بالكثير من الفضائح والمشاكل، لكني أربأ بنفسي عن مثل تلك التصرفات المشينة لأن لدي القناعة بأن ثمة أمراً أخلاقياً يسمى «بالمسؤولية الإعلامية» ولإيماني بأن آداب العمل الصحفي توجب علي أن أعكس الخير الكامن في أعماقي وأرفض بيع نفسي إلى الشيطان عبر تركيب ميكروفونات في المراحيض أو اختلاق الأكاذيب والافتراءات لتسويق رواية تفتقر إلى المصداقية. لكن ما سأتحدث عنه يثير في نفوسنا الشجون.‏

هل تذكرون ما جرى في العراق عندما نسب إلى صدام حسين سعيه للحصول على اليورانيوم من نيجيريا؟ وهل تذكرون الدليل الذي أدين بناء عليه لجهة إخفاء أسلحة الدمار الشامل؟ وهل تذكرون عندما دعاه بوش بالكاذب؟ وهل تذكرون ما سمي بـ«الدليل» على أنه يشكل خطرا مباشرا على الولايات المتحدة وحلفائها؟‏

ولا شك أيضا بأنكم تذكرون الصور التي تقدم بها كولن باول في منظمة الأمم المتحدة باعتبارها الدليل على الإدانة والتي تبين فيما بعد بأنها لم تكن سوى صور لمصانع الألبان، وأن ما دعي بـ«الدليل القاطع» ثبت بعد عشر سنوات بأنه لم يكن إلا أقاويل لا ترقى إلى أي قدر من الصدقية أو الواقع. وهل تذكرون انتحار الدكتور المتخصص ديفيد كيلي؟ وهنا نتساءل في ظل تلك الوقائع من يكون الكاذب؟ هل هو صدام حسين الذي نفى أمر امتلاك أسلحة الدمار الشامل أم بوش الذي ادعى امتلاك العراق لتلك الأسلحة؟ وأي من الروايتين قبلها العالم؟‏

هل تذكرون ما حدث في أفغانستان؟ فهل ثمة من يصدق بأن الجنود الذين قدموا إلى هذا البلد جاؤوا لحماية شوارع واشنطن ولندن من منظمة القاعدة؟ ولاسيما أنه ليس ثمة ارتباط وثيق بين الأفغان وتلك المنظمة لمدة عقد من الزمن. وأن من يقاتل القوات الغربية هم قوات طالبان فحسب الذين يدافعون عن بلادهم ضد الاحتلال الأجنبي.‏

اذكر في مقابلة لمحمد عمر أجراها مع مجلة داون الباكستانية في تسعينات القرن الماضي وقال بها أن أفغانستان ستُهاجم عما قريب. وفي هذا السياق، أذكر أيضا النوايا الأميركية لتمرير خط أنابيب النفط واحتياطي الغاز من آسيا الوسطى عبر أفغانستان. فهل لديكم أيضا العلم بما يمتلكه هذا البلد من ثروات معدنية؟وهل انطلت تلك الرواية الأميركية على شعوب العالم؟‏

هل تذكرون ليبيا والروايات التي حيكت حول العقيد معمر القذافي وقصفه المدنيين الأبرياء وضرب المدن بالقنابل، وقتل المئات؟ وهل تعلمون بأنه قد ثبت أن تلك الأقوال لم تكن إلا فريا ادعاها الغرب لتبرير اعتداءاته؟‏

هل تذكرون ما أصاب الإدارة الفرنسية من ذعر عندما أوشكت القوات الليبية المسلحة تحقيق النصر على الإرهابيين الذين يدعمهم الغرب؟ وهل تذكرون ما فعله أولئك الإرهابيون؟ لقد قطعوا صدور النساء، واغتصبوهن، وأحرقوا المباني، وقتلوا الكثير من الرجال، ووضعوا الأطفال على الخوازيق، وقطعوا حناجر الكثير من الزنوج وقاموا بالتطهير العرقي. هل تذكرون مَن لقبهم «بمقاتلي الحرية» أو «النشطاء» وصفق لما قاموا به من جرائم؟‏

 هل تذكرون اقتراح الأمم المتحدة بمكافأة معمر القذافي بجائزة إنسانية استثنائية نظرا لقيامه بمشاريع في إفريقيا؟ وهل تذكرون القمر الصناعي الذي موله بغية تأمين التشخيص المرضي عن بعد لجميع مواطني القارة الإفريقية ؟ وهل تذكرون برنامج التعلم الالكتروني، الممول من قبله، ليصل إلى كافة أنحاء القارة؟ وهنا نتساءل أي من الروايتين لقت قبولا في أوساط الرأي العام العالمي؟‏

ننتقل الآن للحديث عن سورية، وما تبثه بعض من القنوات الإخبارية والصحف عن الأزمة فيها. حيث تابعت بالأمس المناقشات التي دارت على قناة سكاي نيوز، وشهدت بأم عيني الكثير من الأكاذيب التي لفقت عن الوضع في كل من ليبيا وسورية الأمر الذي جعل تلك القناة تفقد مصداقيتها في نظري لكونها شاركت في تلك البروباغندة، وانتابني نوع من الاشمئزاز حيال سذاجة وضحالة التعليقات، وأصبحت على اعتقاد جازم بأن تلك التقارير التي بثت لم تكن في واقعها إلا محاولة شريرة تقوم بها وسائل الإعلام للتلاعب بالأحداث بهدف خداع الرأي العام.‏

لنفترض أن شخصا أخبرنا الحقيقة حول ما يجري في سورية وأعلمنا بأن الحكومة السورية تحارب الإرهابيين المسلحين المدعومين من الغرب بهدف إسقاطها وحصول الغرب على موطئ قدم في تلك البلد لأنها تمثل نقطة العبور للهجوم على إيران والقضاء على حماس وحزب الله وتفكيك قاعدة روسيا الأخيرة المطلة على البحر المتوسط. ولنفرض أن جهة ما أعلمتنا الحقائق عما يدور في سورية من أحداث  وفقا لأهوائها فماذا يمكن لها أن تقول عن مصرع ثلاثة آلاف من قوى الجيش والأمن الذين لقوا حتفهم؟ ألا يدعونا هذا الأمر للتساؤل على يد من قتلوا؟ وهل قام بهذا العمل المدنيون الأبرياء العزل على غرار ما فعله «المدنيون الأبرياء» في ليبيا؟ ولنفترض أن الإرهابيين لم يتلقوا السلاح من أي جهة ولم يعبثوا بأمن البلاد، فهل كانت الدولة ستسعى إلى قتالهم؟‏

لا ريب بأن إلقاء اللوم على روسيا لقيامها بتسليح سورية أمر مثير للاستهجان والسخرية خاصة في الوقت الذي يقوم به الغرب بتزويد المسلحين في ليبيا وسورية بالأسلحة المتطورة والدعم اللوجستي الأمر الذي يعتبر به مشاركا في المسؤولية عما ارتُكب من جرائم في هذا البلد.‏

إن الجميع على علم تام بأن ليس لدى روسيا قوات عسكرية في الأراضي السورية لكن ثمة مؤشرات تؤكد بأن الغرب لم يتورع عن مد المتمردين في سورية بالسلاح والعتاد والرجال على غرار ما فعله في ليبيا. الأمر الذي يدعونا للتساؤل عمن يجب أن توجه إليه الملامة؟‏

 بقلم: تيموثي بانكرفت-هنكي‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية