ليس فقط بمن كان اداتها لاراقة الدم السوري وتفتيت سورية قرارا ومقاومة بل بانهزام هذه الاداة الرخيصة بمواجهة غلاء وصمود التراب السوري.
وامام من خرج من ملوك النفط يكذب حقيقة التآمر على سورية وكان احد اضلعها, وامام ايضا كل من واشنطن وحلفائها من دعاة الديمقراطية ....امامهم جميعا خرج الجنرال الصهيوني افيف كوخافي بتقريره السنوي الذي يشرح بالتفصيل ما جرى خلال العام الجاري في سورية خاصة وفي الوطن العربي عامة ولا يأتي تقرير كوخافي بنية فضح عملائه بل يأتي كتقييم لوضع كيان العدو في المنطقة وتحديد المخاطر التي قد تهدد امنه خاصة مع بداية انحسار الازمة في سورية وانتصار السوريين شعبا وقيادة على الرغم من جميع ما عد لهم من تآمر.
في نهاية الشهر الماضي وحسب صحيفة البناء اللبنانية عرض الجنرال أفيف كوخافي رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية المعروفة باسم «أمان»، وهو الاختصار الشائع لاسمه العبري آجاف هموديعين، أحد الأجهزة التابعة لهيئة أركان جيش العدو «الإسرائيلي»، وهي أكبر الأجهزة الاستخبارية وأكثرها كلفة لموازنة الدولة الغاصبة. تقريره الاستخباري للعام الجاري على الحكومة الصهيونية المصغرة –الكبينيت- حيث تطرق فيه إلى مجمل قضايا الشرق الأوسط. وحسب القانون «الإسرائيلي» فإن جهاز أمان مسؤول بشكل أساسي عن تزويد الحكومة بالتقييمات الاستراتيجية التي على أساسها تتم صياغة السياسات العامة للدولة، بالذات على صعيد الصراع مع الأطراف المحيطة. وتعتمد أمان على التقنيات المتقدمة إلى جانب المصادر البشرية في الحصول على معلوماتها الاستخبارية التي توظفها في صياغة تقييماتها الاستراتيجية.
وفي قراءة ومتابعة لأهم النقاط والقضايا التي تطرق لها رئيس جهاز الاستخبارات الصهيوني كوخافي، تظهر بشكل بارز مسألة التحولات السياسية والتغيرات في توازنات المنطقة كنقطة أساسية في القراءة الاستراتيجية للعدو وآلية التعاطي معها وتوجيهها نحو أهدافه.
أول ما يبرز في خلاصة تقديره لإفرازات التحولات السياسية في المنطقة ومآلاتها هي التهديدات التي سيواجهها الكيان الغاصب، حيث ستأخذ منحى خطيراً على المدى القصير والمتوسط، عندما تستقر الأوضاع في المنطقة وتتشكل منظومات سياسية جديدة ليس في الدول التي تعرضت للاضطرابات فحسب وإنما في دول أخرى كالسعودية والأردن، وخاصة ان استطاعت دمشق الخروج منتصرة من هذه الحرب الكونية عليها، لأنها ستشكل تلقائياً منظومة سياسية حليفة لها ومتكاملة في هذه البلدان، وستسقط تلقائياً كل الأنظمة المرتبطة مصالحها ببقاء «إسرائيل» المتسلطة اليوم تحت الظل الأميركي.
ويرى كوخافي أن سورية بقيادة الرئيس بشار الأسد أثبتت قدرتها حتى الآن على احتواء مصادر التهديد الداخلية، واستطاعت أن تصمد أمام عدة جبهات فتحت ضدها من تركيا، وشمال لبنان، والأردن والعراق، بالإضافة إلى إمكانيات هائلة لوجيستية ومالية تم ضخها من قطر والسعودية ودول أخرى بما فيها دول غربية لاسقاط دولتها وضرب مشروع المقاومة ولكنها كلها ذهبت هباءً أمام صمودها الأسطوري والتفاف الشعب حول الرئيس الأسد.
ويضيف كوخافي ان هناك ترقباً صهيونياً حذراً من مجريات الأحداث في سورية بسبب المخاطر المترتبة على صمودها حيث انه كان من المخطط اسقاط سورية في يد التيار الإسلامي الصهيو-أميركي وهذا ما عملت وستعمل عليه دولة العدو، ولكن سيترتب على ذلك نقل وتهريب للترسانة العسكرية السورية إلى حزب الله في لبنان أو إلى الفصائل الفلسطينية في غزة، ومن جهة أخرى فإن انتصار سورية يعني انتصارا لقوى المقاومة في المنطقة الرافضة للمشروع «الاسرائيلي»، ما يعطي قوة دافعة في مواجهة العالم الغربي، لذلك فان الحالة السورية القائمة بانشغال القيادة السورية وانهماكها داخليا، واستنزاف الشعب السوري ماليا وبشريا، وعدم الوصول لنقطة الحسم سواء لمصلحته أو لمصلحة عملاء أميركا و»تل أبيب»، ستشكل حالة من الارتياح لكيان العدو، إلا أن الكيان سيبقى قلقا من تطور الأحداث في سورية سواء بحسم أحد الأطراف المعركة لمصلحته أو أن تقوم دمشق بمواجهة كيان العدو الصهيوني
اما على الصعيد المصري فقد جاء تقرير شعبة الاستخبارات أن دوامة الاضطرابات الداخلية وحركة الاحتجاجات ضد المجلس العسكري ستستمر، الأمر الذي سيدفع بالمجلس عاجلاً أم آجلاً الى أن يسلم مقاليد السلطة إلى حكومة مدنية.
وترى شعبة الاستخبارات أن الوضع الحالي في مصر، واستلام الاخوان المسلمين الحكم، يشكلان فرصة تعمل لمصلحة الكيان، لكن تقديرها أن هذه الفرصة ستتبدد في المديين القصير والمتوسط وبأن المخاطر التي ستنطلق من مصر ستكون كبيرة، وعلى الكيان أن يستعد لمواجهة هذه المخاطر وأية تهديدات تنطلق من الحدود الجنوبية.
فعلى الرغم من عدم خروج السياسة المصرية الخارجية في علاقاتها مع الكيان الغاصب عن محددات سياسة النظام المخلوع مبارك من جهة، وتصاعد المحادثات الأميركية مع التيارات الإسلامية الصاعدة في مصر والحديث عن احترام أو التزام بمعاهدة كامب ديفيد من جهة هذه التيارات، إلا أن شعبة الاستخبارات أمان تنظر إلى استقرار الأوضاع في مصر بالخطر الذي يتهدد الكيان الصهيوني، لان ذلك سيؤدي بالضرورة إلى سقوط وانكشاف الدور الأميركي في الصعود الاسلامي، بالمقابل ستعمل سورية على ايصال حليف لها يسقط هذه المعاهدات ويشكل جبهة قوية معها، وبالتالي لن يتمكن العدو من معالجة الخطر النابع من سيناء، وكذلك لن يستطيع الاستفراد بغزة والفلسطينيين في أي مواجهة جديدة.
ومن هنا فان الكيان الغاصب لن يسمح باستقرار الوضع في مصر، وسيسعى بكافة أجهزته الاستخبارية والأمنية وخاصة الموساد لدفع دوامة الاضطرابات والاحتجاجات الداخلية واستمرارها أكبر مدة ممكنة، لتبقى مصر منشغلة بهمومها الداخلية بعيدا عن القضايا الخارجية وقضايا المنطقة.
وفي الاردن يرى كوخافي أن الملك عبد الله نجح في احتواء التداعيات والتحولات الجارية في المنطقة ولكن ذلك بشكل مؤقت، فحركات الاحتجاج ما تزال مستمرة وناشطة وفاعلة، في ظل كل التعتيم الاعلامي والدعم الأميركي و»الاسرائيلي» له، صحيح أنها لم تصل إلى مستوى تهديد النظام ولكنها ستشهد مزيدا من الجنوح والخطورة في الأيام المقبلة.
ينظر الكيان الصهيوني للنظام الأردني على أنه حليف استراتيجي، وأمنه وبقاؤه من أمن وبقاء «اسرائيل»، ويخشى بشكل كبير مع تصاعد موجة الاحتجاجات، خسارة حليف وكنز استراتيجي لشبكة الأمان والاستقرار «الاسرائيلية»، فسقوط النظام الأردني يشكل تهديدا استراتيجيا كبيرا، حيث إن هذا النظام حافظ على جبهته هادئة وآمنة بالنسبة للكيان طوال ما يقرب من عشرين عاما، بعد توقيع اتفاقية وادي عربة، بالإضافة إلى أن أغلبية سكان الأردن هم فلسطينيو الأصل ما يشكل عبئا مضاعفاً على الكيان الصهيوني، ويمكن أن يشكل امتداداً فلسطينياً للضفة وعمقاً استراتيجاً يربط العراق بفلسطين في حال سقوط نظام آل هاشم. وذلك يفسر التخوف الصهيوني الكبير من الاحتجاجات داخل الأردن، رغم التعتيم الاعلامي الكبير.