تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


لماذا يدافع ترامب عن السعودية ؟

Washington Post
الصفحة الأولى
الأربعاء 11-12-2019
ترجمة: ليندا سكوتي بقلم: ماكس بوت

دأب الرئيس ترامب على اتباع سياسة مزدوجة المعايير عندما يتعلق الأمر بالهجمات الإرهابية: فعندما يكون الجاني من العرق الأبيض، نجده يعرب عن تعابير مخففة إزاء التعاطف مع الضحايا،

كما يتراخى عادة في نعت الهجوم بالتصرف الإرهابي. أما إذا كان الجاني مسلماً، فإن ترامب لا يتورع عن وصف ذلك العمل بكلمات يشجبه بها داعياً للقيام برد سريع وواسع، على غرار اتخاذه قراراً بمنع دخول المسلمين كافة إلى الولايات المتحدة.‏

وكتب بعد صدم سيارة يقودها متطرف لمارة في 14 آب عام 2018 في لندن على صفحته في موقع تويتر:(هجوم إرهابي آخر في لندن.. هؤلاء (الحيوانات)ثلة من المجانين ويجب التعامل معهم بعنف وقوة) في ضوء هذا الواقع، يتضح لنا أن ترامب يتبع سياسة ثلاثية المعايير، فقد لوحظ بأنه يتعامل مع الهجمات المرتكبة من السعوديين بأسلوب يختلف عن تعامله مع الجرائم الأخرى، ونخص بالذكر ما حصل في يوم الجمعة عندما أطلق ضابط في القوى الجوية السعودية يدرس في قاعدة بينساكولا البحرية النار ما أسفر عن مصرع ثلاثة أميركيين وإصابة ثمانية آخرين، وبدلاً من التعبير عن الغضب أو التوعد بالانتقام أو حتى انتظار ظهور كل الحقائق، بدا ترامب وكأنه يعمل متحدثاً باسم السفارة السعودية، فقد نقل (التعازي الحارة) التي قدمها الملك سلمان وتأكيداته (المشكوك بها على نحو واسع) بأن (ذلك الجاني لا يمثل بأي شكل من الأشكال مشاعر الشعب السعودي الذي يكن المحبة للشعب الأميركي). ومن ثم أخبر ترامب الصحفيين بأن الملك (سيقدم رعايته وعنايته لعائلات الضحايا ومحبيهم) لكن الأميركيين ليسوا بحاجة لأموال السعودية الملطخة بالدماء، بل إن ما يحتاجونه فعلاً عبارة عن إجابات صادقة لمعرفة ما حدث، ولماذا حدث؟ لقد جرى الإبلاغ بأن المعتدي قد عرض عمليات إطلاق الرصاص السابقة على زملائه من الطلاب السعوديين في بينساكولا، ما يشير إلى أنه ربما استلهم فعلته من تنظيم القاعدة، كما أن بعض زملائه من الطلاب السعوديين صوروا الهجوم، وهذا يمثل دليلاً كافياً للجمهوري مات غايتز- الداعم الأول لترامب- الذي يمثل بينساكولا لنعت الهجوم بالعمل الإرهابي، لكن ترامب الذي لا يتردد مطلقاً في إلقاء اللوم على المسلمين بعد الهجمات، يرفض القيام بذلك في هذه الحالة، لا ريب بأن ذلك الهجوم يشكل المثال الأخير عن محاباة ترامب المشبوهة للسعودية التي زارها في أول رحلة بعد تسلمه زمام السلطة، إذ تبنى الرئيس الأميركي موقف السعودية عندما فرض الحصار على قطر التي تعد مقراً للقاعدة العسكرية الأميركية الكبرى، وتسبب بمأساة إنسانية عندما آزرها في قصف اليمن، ومقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، وقد أبدى الكونغرس غضبه إزاء الأعمال الوحشية السعودية في اليمن وقتل الخاشقجي وأصدر تشريعاً بمنع بيع الأسلحة إلى السعودية. بيد أن ترامب رفع الفيتو على مسودة القرار، وأرسل الآلاف من القوات الأميركية إلى السعودية، وهنا نتساءل عن أسباب تملق ترامب لدولة دكتاتورية شريرة ينفذ مواطنوها العديد من الهجمات الإرهابية بحق الأميركيين منذ 11 أيلول عام 2011 حتى يوم الجمعة في بينساكولا؟ بشكل عام يتحدث ترامب عن الفوائد الاقتصادية المفترضة من تلك العلاقة، علماً أن الولايات المتحدة أصبحت مستقلة طاقياً، ولم تعد بحاجة للنفط السعودي، لكن ترامب يبرر ما تفوه به من هراء بعد مقتل الخاشقجي قائلاً: (إنهم يمنحوننا الكثير من فرص العمل، ويقدمون لنا الكثير من المزايا التجارية)، وكما هو معتاد، يغالي ترامب على نحو واسع في كلامه إذ ادعى في السنة الماضية أن السعوديين وافقوا على شراء أسلحة بقيمة 110 مليار دولار منذ تسلمه البيت الأبيض. بينما لم يكن الرقم بحقيقته سوى 14,5 مليار دولار، لا يسع المرء إلا أن تساوره الشكوك بأن اهتمام ترامب بالسعودية يتجاوز الأمور الشخصية، وفي حين ينكر الرئيس الأميركي وجود أي علاقات مالية مع الرياض خلال حملته الانتخابية عام 2015 نجده يقول: (اتفق مع السعوديين جميعهم، لقد اشتروا مني شققاً وينفقون مبالغ تتراوح بين 40 مليون دولار إلى 50 مليون دولار فهل من المفترض بي أن أكن لهم مشاعر الكره؟ إني أحبهم جداً، يواصل ترامب الاستفادة كرئيس من السخاء السعودي، وقد ذكرت صحيفة بوست أن فندق ترامب الدولي في مانهاتن (قد زادت إشغالات الغرفه بنسبة 13% في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2018) بعد عامين من التراجع. وعزا المدير العام في الفندق أن هذا الارتفاع جاء إثر (زيارة قام بها ولي العهد السعودي إلى نيويورك). أي أن الفضل يعود إلى محمد بن سلمان الذي أقام علاقة وطيدة مع نظيره الأميركي، (ولي العهد) جاريد كوشنير، الذي ترتبط الشركات العقارية لعائلته بعلاقات مع السعودية ودول خليجية أخرى، وتلك الصداقة أتاحت لولي العهد النأي بنفسه عن عملية القتل، إذا تعلمنا شيء من محاولة ترامب ابتزاز أوكرانيا، فهذا يعني أن السياسات والسياسة تشكل شأناً شخصياً بالنسبة له إذ تتمحور بمقولة (أنا أو لا) وليس (أميركا أو لا).‏

وبذلك فإن علاقة ترامب المشبوهة مع السعودية ليست سوى مثالاً آخر عما يحدث عندما يقرر الرئيس إدارة حكومة الولايات المتحدة وكأنها شركة تجارية تملكها عائلته، هدفها الأوحد تحقيق المنافع والمكتسبات المادية له ولمؤسساته فحسب.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية