جميعها عوامل أكدت سقوط ما يسمى الربيع العربي وسوء تعاطي الغرب مع الأزمات في المنطقة ولاسيما في سورية.
وبما أن الحديث عن الأزمة في سورية، فالغرب الاستعماري بالتأكيد استند لمعطيات مغلوطة عن الإمكانات السورية، ما أدى بالنتيجة لإخفاقه وفشل مشروعه التخريبي الذي رسمه لها كي تكون لقمة سائغة يسهل بلعها، وتكون تابعاً طيعاً يتصرف فيه كيفما يشاء، لكن الحسابات أخطات إلى حد كبير ولم يعد بإمكانه تصحيحها بعد الهزائم المتلاحقة التي منيت بها عصاباته وأدواته.
إذاً أحد اسباب تسرع الغرب في سورية وفشله الذريع هو المقارنة التي أجراها بينها وبين كل من تونس ومصر وليبيا التي وقف مذهولاً أمام ما كانت تخبئه الأيام لها ولذلك سارع الغربيون للقول إن «النظام السوري لم يبق له إلا بضعة أسابيع» وسارع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي «ليغلق سفارته في دمشق مقدراً بلا شك ، بأنها ستعاود الفتح بعد عدة أشهر حيث تكون قد استقرت سلطات جديدة.
صحيفة لوفيغارو الفرنسية تهكمت في مقال لها أمس على المسؤولين الأمريكيين والبريطانيين والفرنسيين وطريقة تعاطيهم البسيطة والانفعالية مع الأزمة في سورية منذ البداية إذ أنهم قدموا وصفات جاهزة وسريعة منذ عام2011 أثبتت الأيام أنها لم تكن صحيحة لكونها استندت لقراءة غير صحيحة للواقع تقوم على ما سمته الصحيفة ثنائية «المانوية السياسية والأوروبية المركزية»، وربطت في مقال للكاتب رونود جيرار حمل عنوان «لماذا أخطأنا إلى هذا الحد بالنسبة لسورية» الفشل الغربي في سورية بما وصفته بجهل الأوروبيين لحقيقة ما يجري في سورية والشرق عموماً وقالت» إنه نتيجة لمزيج من الجهل التاريخي والمانوية السياسية والتمني الدبلوماسي بمعنى الأخذ بالتمنيات على أنها حقائق وجهلنا المعقد لبلاد الشام».
الصحيفة اعتبرت ان كل تلك العوامل أدت إلى ترك الغربيين يعتقدون أن الملف السوري يختصر بوصفه مشادة بين /الجدد والقدماء/ أو بالأحرى نضال بين /الديمقراطيين الشباب ضد المستبدين القدامى/ ويتجاهلون وجود خط كسر أكثر عمقاً في سورية يقوم على الصراع بين العلمانيين المدنيين من كافة أطياف المجتمع السوري وتيار الاسلام السياسي المغلق على نفسه.
وسخر الكاتب من تصريحات آلان جوبيه وهيلاري كلينتون وديفيد كاميرون واصفاً إياهم «بالأطباء الذين قدموا شهادات الوفاة للنظام السوري وواصلوا الإعلان عن هذه الوصفات طوال عامين إلا أن ما جرى في سورية كذب تخميناتهم واكد ان ما يجري في سورية يحصل بعكس اوامر وتمنيات القوى الكبرى في حلف الأطلسي وممالك الخليج، كما دلل الكاتب على هذه الحقيقة بالانتصارات التي يحققها الجيش العربي السوري على العصابات في المناطق السورية.
وقال الكاتب «إننا في الغرب نعيش حالة من العمى السياسي ونشرب بهناء حليب المانوية السياسية التي تقسم الناس إلى أخيار كما فعل رئيس الوزراء البريطاني بحديثه عن الأخيار والأشرار في سورية مثل افلام الوسترن ومغامرات رعاة البقر».
وتابع الكاتب إن «هذه المانوية الهوليودية للصحافة التلفزيونية شوشت المشاهدين في نهاية المطاف لان من سميناهم اخيارا في البداية هم الذين يعبرون عن إعجابهم بـ «أسامة بن لادن» و يذبحون البائعين في الطرق على اساس انهم لم يحترموا الدين ويأخذون الصحافيين كرهائن».
وختم الكاتب بالقول ان الغرب خلط بين تجاربه في يوغسلافيا السابقة والعراق وليبيا واعتقد الغربيون انهم سيسقطون النظام في سورية مؤكداً ان ذلك فشل بسبب نجاح السلطات السورية في اللعبة الجيوسياسية عندما تعاملت بهدوء وتركت العدو يكشف عن نفسه ليظهر الوهابيون المتشددون والأصوليون على حقيقتهم وبعد ذلك يتم حشد الحلفاء والأصدقاء ومن ثم ينتقل للهجوم المضاد وهذا ما حصل فعلا.
محلل تشيكي: هزيمة المجموعات الإرهابية المسلحة تدلل عليها تطورات الأحداث في المنطقة
في سياق متصل أكد المحلل السياسي التشيكي اوندرجيه كوسينا أن هزيمة المجموعات الإرهابية المسلحة فى سورية تدلل عليها الاحداث في دول المنطقة إضافة إلى الانتصارات التي يحققها الجيش العربي السوري على الأرض.
ولفت كوسينا في تعليق نشره أمس في موقع قضيتكم تسي زد الإخباري الالكتروني التشيكي إلى أن التحول الذي حصل في مصر بإخراج جماعة الإخوان المسلمين من الحكم وسقوط ليبيا في الفوضى يعني النهاية غير الحميدة لما يسمى الربيع العربي متوقعاً أن تؤثر هذه التطورات أيضا على الأزمة فى سورية .
كوسينا أوضح أن المجموعات الإرهابية المسلحة في سورية تواجه الهزيمة والفشل رغم الدعم المكثف الذي يقدم لها من قبل الممالك العربية الرجعية وتركيا والغرب لافتاً إلى أن هؤلاء يتقاتلون فيما بينهم في الوقت الذي يحقق فيه الجيش السوري تقدما سريعاً على الأرض .
ورأى الكاتب التشيكي أن الولايات المتحدة بدأت تعي أنها راهنت على جواد خاسر بدعمها وتأييدها المجموعات المسلحة في سورية مشيراً الى أنها تريد الآن المحافظة على ماء وجهها ولهذا تستمر في دعم المجموعات المسلحة التي تضم مجموعة من المرتزقة السلفيين الأجانب .
ونبه الكاتب التشيكي إلى أن الاتحاد الأوروبي يرتكب أخطاء الولايات المتحدة ذاتها في سورية نظرا لكونه يتبع الولايات المتحدة منتقداً استمرار بريطانيا وفرنسا بدعم المجموعات الإرهابية المسلحة رغم بدء إدراكهما أن ذلك سيرتد عليهما لأنه انضم إلى القتال في سورية أكثر من 1000 من الأوروبيين من 14 دولة ولذلك فانهم سيمثلون بتجربتهم القتالية وعلاقاتهم بالقاعدة وبقية التنظيمات الإرهابية خطراً أمنيا بارزاً على دولهم.