وبيوت متآكلة بقواذف الأر.بي.جي والهاون ... والمؤسسات العامة اصبحت آثارا مندثرة ..
خلال حديثنا مع بعض أهالي الحفة الهاربين من المسلحين عبروا عن تخوفهم من العودة لملاقاة الكارثة التي حلت بشوارع مدينتهم المتآلفة وجبالها التي كانت تسندهم في ايام الصيف .. موسم الفاكهة لم تعط اصحابها تعبهم إلا للجوء نسائهم وأطفالهم بعد ايام عصيبة الى العراء للاحتماء من اغتصاب وتنكيل وقتل مارسته المجموعات الارهابية المسلحة بدم بارد .. وثلاثة نهارات اخرى سيرا على الاقدام مع نساء واطفال القرى المجاورة للوصول الى حافلة تقلهم الى اللاذقية ليستأجروا او ليلتجئوا عند اقرباء او اصدقاء.
ألم وراءه وجع
عند كل مؤسسة عامة نتساءل ماذا كان هنا ؟ شعبة التجنيد، المحكمة ، المالية ، الزراعة ، المركز الصحي ، المركز الثقافي ، العقارية ، بنك الدخل المحدود، كلها اثار مندثرة ومهما حاول اعضاء لجان الجرد معرفة ماكان سيتوقفون لحظات من هول الكارثة.. اعتدي على مشفى الحفة بقذائف الهاون وقواذف الار.بي.جي.
.. والمنازل أحرقت وسرقت، غاب اهلها وتركوا ممتلكاتهم على امل العودة اليها، الا ان الوحشية طالتها واخذت كل شيء فيها.
اختفى العديد من شبان القرية خطفوا ولا احد يعرف اخبارهم فالمجند مالك سميا ذهب الى عمله في شعبة التجنيد بالحفة وبعد يوم مناوبة اختفى عند فجر الخامس من حزيران ولا معلومات عنه حتى تاريخه .. اخواته الهاربات من قريتهن جورة المراب كما كل اقاربهن لم يتركن وسيلة لمعرفة مصير اخيهن الشاب دون جدوى..
لينا واختيها نمن ثلاث ليال عصيبة في قريتهن بيرين ليبتن ثلاث ليال اخرى في البساتين.. ونساء قريتهن حصلن على مأكلهن من حبات الكرز والتفاح وسرن وراء الحافلات نهارا علهن يحظين بحيز صغير ينقلهن الى اي مكان آمن ولم يتمكن من ذلك إلا بعد خمسة ايام .
كما يقول شادي: بعد ان عاثت المجموعات الإرهابية خرابا في الحفة هربنا وسكان المنطقة بطرق متعددة سيرا على الاقدام او على دراجة هوائية او نارية وغيرها .. وقوات حفظ النظام مكنتنا من العودة لمنازلنا، لكن انظروا الى الغابات المحروقة ...الدوائر العامة وممتلكات الاهالي منهوبة ... حواسيب واسطوانات الغاز وبرادات واجهزة تلفاز .. ذهب كل شيء وما تبقى مكسر ومدمر... ليست الحفة التي نعرف..
لم تصدق وفاء ان ذكريات والديها اندثرت في الدار التي جمعت عائلتها فمنذ اشهر قليلة رحلت والدتها بعد سنوات من رحيل والدها واخيها الاكبر.. لم يتركوا شيئا في المنزل لاحكاية ولاصورة نهبوا عتق الحيطان بعد ان اكملت عامها الستين وكسروا ابوابها ونوافذها..
بينما علي الهارب من تهديدات المجموعات المسلحة بقتله وقتل طفله في الروضة قبل احداث الحفة بشهر ونصف انتقل الى اللاذقية للعيش في منزل صغير .. وحين اشتدت الازمة في الحفة استقبل جيرانه الذين عاش معهم الامان منذ طفولته ليداوي كل منهم ألم اخيه.
بعد ايام الدمار التي طالت الحفة والعديد من قراها دفيل وشيرقاق .. فهناك قرى كانت كمستوطنة للمسلحين كسلمى وكنسبا هرب بعض المسلحين اليها والى بابنا الجنكيل وغيرها .. ولاتزال تسعى لتدمير ماتبقى في تلك القرى وقتل كل من يعترضهم ..
ممتلكات عامة
نالت الممتلكات العامة الكثير من الدمار والنهب والسلب .. ولاتزال اللجان تتوافد اليها لاحصاء الخسائر وتقدير الميزانية التي تحتاجها لاعادة ترميمها .. وستعلن ريثما تسلم تقديرها.
لجان الجرد
مدير صحة اللاذقية د.وفيق درويش قال «للثورة» لقد استشهد احد سائقي المرآب اثناء قيامه بواجبه الوطني الانساني كما اصيب سائٍق اخر وممرض واكد ان لجان الجرد مستمرة في احصاء اضرار المنشآت الصحية ومازلنا ننتظر التقديريات النهائية للخسائر .. واضاف : تقدر خسائر الصحة ب 10 ملايين ليرة والآليات التي تعرضت للاذى تزيد عن اربعة ملايين ليرة وهي تقديرات أولية.
حرق ودمار
وبين مدير عام مشفى الحفة د. رامي عطيرة منذ اللحظات الاولى لاقتحام المسلحين الارهابيين لمشفى الحفة، أخلي المشفى من كادره الطبي والتمريضي ..ونقل المرضى بسيارات الاسعاف الى مشفى الباسل بالقرداحة .. بينما الطفل الوحيد الذي كان بالحاضنة فقد نقلته احدى الطبيبات الى مشفى الاطفال باللاذقية والتحق الكادران الطبي والتمريضي بمشفى الباسل بالقرداحة لاستكمال عملهما هناك.
وفي توصيف د. عطيرة لحالة المنشآت الصحية في الحفة قال: هناك مستوصف اشراف ضمن مدينة الحفة كان يستخدم بشكل دائم أحرق كاملاً.. اما مشفى الحفة التي تحيطها الغابات من جهاتها الاربع فقد تعرضت الى التكسير والنهب لاقسام عدة منها الاسعاف والعيادات والقسم الاداري واعتدي على طابق الجراحة والداخلية بقذائف الهاون .. وقد طالت السرقات حقائب الطوارئ واجهزة صغيرة خاصة بتمديد انعاش المريض واجهزة اخرى لفحص السكر كما الفرش الفندقي والكثير من حواسيب الهيئة .. ولاتزال لجان الجرد مستمرة بعملها علما ان المشفى عاد للعمل ويستقبل المرضى في قسم الاسعاف.
طالت الثقافة
اما في المركز الثقافي بالحفة فقد طالت الايدي الاثمة والوحشية كل اجزائه حسب مدير المركز الثقافي في المحافظة الاستاذ اسكندر ميا وقال: صار المركز الثقافي اثرا حرقوا المسرح وما احتوى من مقاعد وستائر والغرف المكتبية والادارة .. ولم يتبق سوى جزء بسيط مع ان هذا المركز قد خضع للصيانة منذ فترة قريبة والآن وضعت لجان لتوصيف الحالة وتقدير الخسائر.
المنازل والمتاجر تتعرض للنهب
من الصعب على اي كان ان يضرب السلم الاهلي السوري فالعلاقات قوية وصلات القربى متداخلة والسوريون نزاعون للعيش المشترك بسكينة وهدوء ومحبة معا ولكن هناك وطاويط الليل سرقت ونهبت الصيدليات والمتاجر كما المنازل والمؤسسات الحكومية.
إصلاح شبكات الكهرباء
رئيس قسم كهرباء الحفة المهندس جابر العاصي أوضح أن نسبة إصلاح الأضرار داخل مدينة الحفة 95٪ علماً أنه لم يتم الكشف على المناطق كافة التابعة كهربائياً لمنطقة الحفة وهذه الإصلاحات استهدفت مراكز التحويل والشبكات الكهربائية حيث تم استبدال وإجراء الصيانة اللازمة لمركز التحويل الهوائي 200 ك ف آ، ضمن مدينة الحفة مع لوحة التوتر المنخفض مع كابلات الارتباط ومخارج المشتركين.. وخطوط التوتر المتوسط فقد تم تخريب 20 ك ف هوائية (عين التينة، ميسلون، بشمانا، صرنا) لأكثر من 20 مسافة.. وتخريب كابلات 20 ك ف أرضية (المنطقة، بنعمو) ولمسافة 120 متراً.. بينما خطوط التوتر المنخفض خربت شبكات هوائية ضمن مدينة الحفة حوالي 2 كم وفي قرى (دفيل، بكاس، شير القاق، بابنا، المشيرفة، اشتبغو) حوالي 10 كم، وتخريب كابلات تورسادية هوائية حوالي 300م وكابلات مخارج المشتركين حوالي 25٠ م، وتكسير الأعمدة الخشبية للتوتر المنخفض والمتوسط وبين أن قيمة الشبكات الكهربائية للتوترين تقدر حتى تاريخه حوالي (3570301) ليرة سورية.. عدا عن خسائر في الآليات ووسائط النقل.
..ومياه الشرب
وبين رئيس وحدة مياه الحفة المهندس فاطر بدور على أن نسبة تنفيذ الإصلاحات لمياه الشرب في مدينة الحفة 100٪ والمياه واصلة للمواطنين كافة حيث تمت معالجة الخطوط الواصلة لمداخل الأبنية والتي تعرضت للضرر نتيجة التخريب حيث أتلف المخربون شبكة المياه في شوارع مدينة الحفة والطرق الرئيسية في مواقع متفرقة نتيجة حفريات الخنادق وقطع الطرقات بالآليات الثقيلة فقد تم إصلاح واستبدال الشبكات بأقطار مختلفة.
وأضاف: لقد تمت معالجة الخط الذي يغذي مشفى الحفة بطول 1.100 كم.. ومعالجة الأضرار الحاصلة في مدخل مدينة الحفة والتي تم تخريب خط ضمنها بطول 300 م وقطره 2.5 انش بولي ايتيلين، وأيضاً معالجة الأعطال كافة للوحات الكهربائية في بئر الحبيس، وبكاس، والزنقوفة.
وأوضح المهندس بدور أن مبنى وحدة مياه الحفة قد حرق كاملاً واتلاف كامل محتوياته من أثاث وأرشيف، ونهب كافة محتويات مستودعات الوحدة من قساطل معدنية وإكسسوارات وقطع خاصة لأنابيب المياه، كما أتلفت خزانات على أسطح المنازل نتيجة إصابتها بالعيارات النارية ومسؤولية تصليحها غير تابع لمؤسسة المياه.