وترجمة دعد طويل قنواتي، ويقع الكتاب بأكثر من مائتين وخمسين صفحة من القطع المتوسط؛ حيث يضم مقدمة المترجمة وتمهيداً وأربعة أجزاء الأول، يتحدث عن موضوع السندريلا وأسئلة وأجوبة في النقد الأدبي. يقول المؤلف: إذا كان النقد الأدبي يسعى للإجابة على السؤالين المتقاطعين: ما هي قيمة الأدب وبأية كيفية يعمل؟ فإنه لا يعود من الصعب أن نقدر السبب في عدم تعامل النقد مع أجوبة محددة. ويخلص إلى القول: "الناقد الذي يدّعي أنه يملك كل الأجوبة فهو إما أحمق أو مخادع".
والنقد الحقيقي يتخذ شكل النقاش كإسهام واع في عمليتي فهم الأدب وتذوقه، ولا يمكن لأفضل نقد أدبي أن يبطُل مهما بدت استنتاجاته غريبة على ذوقنا، وعلينا أن نتجنب استعارة أحكامنا من النقاد الآخرين في الأدب وفي نصوص معينة، وأن نهتم بما أنجزه الآخرون بهدف إجراء مقارنة بين مقارباتهم وحججهم وبين مقارباتنا وحججنا كوسيلة لتنقية وتوسيع أفكارنا لإيضاح موقع مقاربتنا من مقاربات الناقد الآخر كوسيلة لتعزيز حججنا.
الجزء الثاني يتحدث عن تاريخ موجز للنقد الأدبي من أفلاطون الذي سببت كتاباته جرحاً لعظماء الأدباء؛ حيث تعمد الفيلسوف العظيم أن ُيقصي عن جمهوريته المثالية كل الشعراء ما عدا بعض الاستثناءات غير الهامة، وأرسطو الذي يُعد كتابه في الشعر أكثر كتب النقد الأدبي تأثراً حتى اليوم ولا تزال الأفكار التي يطرحها تؤثر في الفكر. ويعتبر هوراس أقل رهافة وأدنى اهتماماً بالدقائق الفلسفية وأكثر عملية وتأثيراً مباشراً؛ فهو كان شاعراً متمرساً ويكتب بهدف إحداث انطباع مميز في نفوس أصدقائه. واقتصر اهتمام لونجاينس على التعريف الدقيق للعناصر التي شكلت عظمة الأدب الكلاسيكي الراسخ وفي معرفة ما يمكن تعلمه منها.
كما يتضمن الجزء الثاني حديثاً عن العصور الوسطى وعصر النهضة ونقادهما وهم: السير فيليب سيدني، جون درايدن، ألكساندر بوب، جوزيف أديسون؛ حيث لم تزدد أهمية النقد الأدبي كثيراً في الفترة الواقعة ما بين سقوط روما في القرن الخامس وبين إعادة الاكتشاف العظيم للماضي الكلاسيكي المعروف باسم عصر النهضة؛ إذ انتعش النقد الأدبي في المحاولات التي قام بها بعض الكتاب مثل دانتي وبوكاشيو لتسويغ أعمالهم الأدبية التي اختلفت أشكالها عن الأشكال المعروفة لدى النقاد الكلاسيكيين، ورأى داتون على لسان السير فيليب سيدني أن المرء قد يكون شاعراً دون أن ينظم، أو ناظماً دون أن يكون ما ينظمه شعراً وأن نقد الشعر كتب قبل 1800 عام تقريباً، وظهور الرواية في بداية القرن الثامن عشر ونقادها: صاموئيل جونسون، ويليم ووردذ وورث، صاموئيل تيلر كولردج، ماثيو آرنولد، ومرحلة النقد الحديث حيث أسهم مفكرو القرن التاسع عشر داروين وماركس وفرويد بشكل مباشر وغير مباشر في تشكيل النظرية النقدية. واعتبر إليوت من أصحاب النقد الجديد، وكان لكتابه مبادئ النقد التطبيقي أعمق الأثر في تدريس الأدب. وخصص فصلاً عن الأسلوبية والبنيوية حيث تأخذ الأسلوبية الأدبية على عاتقها مهمة تحديد وتصنيف مجال الانتقاء اللغوي المتاح للكتاب محددة الطرق التي بواسطتها تلفت ملامح السطح اللغوي المتاح للنص، وأفكار البنيوية الأساسية بعيدة الأثر في حقول عدة تتجاوز اللسانيات والأدب لتصل إلى علم الإنسان وعلوم المجتمع والاقتصاد وحتى الفيزياء.
يتحدث الجزء الثالث عن تطورات نقد ثلاثة أعمال أدبية عظيمة، الأول ماكبث لوليم شكسبير والثاني أغانٍ وسونيتات لجون دن والثالث آمال عريضة لتشارلز ديكنز.
الجزء الرابع يتحدث عن ممارسة النقد من خلال خطة عمل؛ حيث يرى المؤلف أن الذي يحدد مهمة النقد هو فهم وتقدير النصوص الأدبية، وقد يستخدم النقد الأدبي في مهمته واحداً أو أكثر من المقاربات أو المناهج، وقد يقدم خلال هذا كماً كبيراً من المعلومات حول الكاتب أو العصر أو الجنس الأدبي وذلك بشكل يبقى فيه النص في موقع مركزي. وفي حديثه عن المقالة قدم بعض الملاحظات لتحويل المبادئ التي قدمت في الكتاب إلى اقتراحات عملية لكتابة المقالة، ويقدم الجزء الخامس اقتراحات لمطالعة كتب أخرى وعنوانات أخرى.
يقدم كتاب مقدمة للنقد الأدبي خلفية متينة لموضوع أصبح يلقى في السنوات الأخيرة اهتماماً متزايداً في مجال دراسة الأدب ويعتبر وسيلة لتحديد مبادئ النقد الأساسية ويتفحص الكاتب الطريقة التي طبقت بها عصور مختلفة ونقاد فرديون معايير متعددة في تقويم النتاج الأدبي. وبهذا يتم عرض تعقيدات النقد الحديث من منظور السوابق النقدية وكحلقة في آخر ما تم في سلسلة تبدلات وجهات نظر وطرق المقاربة.
الكتاب: مقدمة للنقد الأدبي
الكاتب: د. ريتشارد داتون
ترجمة: دعد طويل قنواتي
الناشر: الهيئة العامة السورية للكتاب