المتابع للأمور يلاحظ كم من الجهات المعنية تتراخى في أداء واجبها حتى يقوم بها غيرها تأسيساً على اشتراك جزء صغير من الصلاحيات لا يتجاوز أحياناً 10% بين الجهتين فتتراخى إحداهما يقيناً منها أن الأخرى لا بد متدخلة وباحثة عن الحل وموجدة له..
كثير من الأمور تتراخى وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك في إيجاد حل لها بالرغم من أنها تقع ضمن صلاحياتها المباشرة من الأسواق وصولاً إلى المطاعم وسيارات الأجرة وعداداتها الجهنمية، وحالات أخرى كثيرة لا تعد ولا تحصى..
لعل تدخل السياحة في هذا الملف كان إيجابياً ومثمراً بالنظر إلى نواح عدة، تتجمع كلها تحت عنوان عريض واحد هو تأمين الإيرادات للخزينة العامة للدولة، فعندما يقدم المطعم على زيادة فاتورة الزبون بنسبة مئوية معينة من المبلغ المقرر فإن هذه الزيادة ذاهبة لجيبه لا محالة، من دون أن يذهب منها قرش واحد للخزينة، ويبدو أن التموين أعجز من أن تضبط هذه الناحية..
من هنا كانت انطلاقة السياحة بوضع سوية تصنيفية للخدمات المقدمة وأسعارها ما يعني بعبارة أخرى إن كان أصحاب المطاعم ينهبون المواطن ولا نستطيع من نهبهم فكاكاً فنحدد لهم تصنيفهم وليدفعوا ضريبة تتناسب مع ما يتقاضونه من أجور وفواتير من المواطنين، على اعتبار أن المطعم أو المقصف أو أي مرفق خدمي آخر هو من حدد لنفسه التصنيف الضريبي وسويته من خلال ما يطلبه عبر الفاتورة من الزبون.
الغريب في الأمر أن المسألة تحمل في طياتها عشرات المليارات لخزينة الدولة وإنصافاً لمئات الآلاف من المواطنين وإحقاقاً للحق وتطبيقاً للقانون، ولكن ومع ذلك لا نجد أحداً يحرك ساكناً.. ولا أحد يعتبره أمراً إسعافياً عاجلاً كما يعتبر أي أمر آخر مثل نقص طابع هنا أو سواه من الأمور الهامشية.
الضوابط قد وضعت والعبرة ليست في أمر كما هي في التطبيق، فلا بد اليوم من حماية حق الخزينة العامة للدولة وحماية المواطن الذي وإن لم يرغب بدفع المزيد ولكنه حتماً مسرور إن علم أن ما يدفعه لن يذهب لجيب صاحب المطعم.