كان له كلّ الحقّ بأن يدفع عنها كلّ سرقةٍ أواعتداء, وهوأبسطُ ما يُفترض أن يمنح له من حقوقٍ سعى المهتمون بالثقافة والفكر في بلدنا لمنحه إياها ومن خلال إنشاء مؤسسة حماية حقوق المؤلف التي أصدرت وبالتعاون مع وزارة الاتصالات والتقانة
وكذلك مع كل جهةٍ أوشخصٍ له علاقة بالحقوق التي يُفترض أن تمنح للمؤلف, قانوناً جديداً يجعلُّ منها الجهة المسؤولة عن حفظِ وحماية, كل ما له علاقة بالملكية الفكرية..
هذا محور ما قدَّم له «محمد الأمين زعيتر» مدير حماية حقوق المؤلف في وزارة الثقافة, وضمن الندوة التي أقيمت في مركز ثقافي «أبورمانة» والتي عنوانها «حقوق المؤلف في سورية ما بين الواقع والطموح»..
بيدَ أن الدافع الأكبر لإقامة هذه الندوة, كان وكما أوضحَ «زعيتر», في بحث السُبل التي تحمي حقوق المؤلف طوال حياته وإلى ما بعد خمسين عاماً من وفاته, مع العلم بأن هذا الحق يشمل أيضاً كل من يشترك في تأليف كتابٍ واحد, إضافة إلى المصنَّفات السمعية – البصرية أوالإذاعية أوالسينمائية, حيث تمتد مدة حمايتها إلى خمسين سنة من تاريخِ إنتاجها, ليكون للمصنَّفات الفوتوغرافية أوالفنون التشكيلية والتطبيقية, حقّ الحماية لمدة عشر سنوات بدءاً من تاريخِ إنتاج مصنفاتها..
« جبور».. للسرقاتِ أنواع ومنها سياسية..
أما عن المشاركين في الندوة فهم, الدكتور «جورج جبور» المتخصِّص في شؤون حماية حقوق المؤلف, وكذلك الباحث في تاريخٍ قال بأنَّ أول من كتبَ فيه عن السرقات والملكية الفكرية, «المؤلف اللبناني «عبد الله لحود».. قال هذا ليعدِّد بعدها أنواع السرقات ومن ثمَّ حقوق المؤلفين (المادية والمعنوية) وليتقصَّد ذكر تلك السرقات المتعلقة بالجوانب السياسية, ومن خلال أمثلة قدمها ومنها استقالة رئيس جمهورية «هنغاريا» عام /1912/ وبعد عشرين عاماً من تقديمه لرسالةِ دكتوراه, اكتُشِفَ بأن صفحاتٍ منها قد سُرقت من إحدى المؤلفات الفكرية..
مثالٌ آخر قدمه, وعن وزير خارجية «ألمانيا» الذي استقال أيضاً وبسبب تقديمه لرسالةِ دكتوراه اكتُشِفَ بعد أربعة سنوات بأنه سرق لها من أطروحةٍ لم يذكر اسم صاحبها ولا نوَّه لذلك ضمنها..
بالإضافة إلى هذه الأمثلة, أورد «جبور» مثالا عن «جورج بايدن» الذي هيَّئ نفسه لانتخابات الرئاسة, ومن خلالِ خطاباتٍ تحدث فيها عن كفاحهِ كابن عاملِ منجم فقير, ليكون ما لفتَ انتباه الناس في خطاباته, تحسُّن لغته الإنكليزية, ما دفعهم للبحث وتقصي السبب الذي كان في قيامهِ بسرقةِ خطابات رئيس حزب العمال البريطاني, الذي كان يتحدَّث بطلاقة, وأيضاً عن معاناة والده وكفاحه مثلما معاناته هووكفاحه..
حقوق الريادة الفكرية
«أكَّد جبور» أيضاً على أهمية حماية حقوق الريادة الفكرية, وسعيه كمتخصِّصٍ في شؤون حماية حقوق المؤلف لتصحيح ما وردَ في العددِ الخاص الذي أصدره طلاب معهد الدراسات العربية بالقاهرة, وعن «عبد الرزاق السمهوري» الذي اعتبروه مؤسس المعهد, وبما تمَّ تصحيحه لطالما يعرف جميع طلاب العلم بأن «ساطع الحصري» هومن أسَّسه كمعهدٍ درسَ فيه عدد من أئمَّتنا في اللغة..
« سكر».. قراراتٍ ناظمة للنشر
بعد الباحث «جورج جبور» طرح الدكتور «راتب سكر» عضوالمكتب التنفيذي في اتحاد الكتاب العرب, مجموعة من القضايا الحيوية المتعلقة بحقوق المؤلف, ومنذ ظهور الفكرة في أوروبا حيث أول تنظيم تشريعي اعترف بحقِّ المؤلف قانونياً, وصولاً إلى أن غدت حقوق المؤلفين وفي النصف الأول من القرن العشرين, مؤسسة تقوم على قوانين راسخة ومستقلة, حتى في الدول العربية..
بعد ذلك أورد «سكر» ما اتخذه اتحاد الكتاب من قراراتٍ ناظمة للنشر في الكتب والدوريات, وسواء فيما يتعلق برفضهِ نشر الرسائل الجامعية العلمية ضمن كتبٍ يحمل كل منها اسم الطالب الذي أعدَّ البحث وغيَّب أسماء المشرفين عليه ممن رفدوه بالعلم والبحث والخبرات.. أوحتى رفضه نشر مؤلفاتٍ يضمِّنها أصحابها مقولاتٍ ومختاراتٍ دون اتِّفاقٍ صريح مع المؤلفين أصحاب المقولات الأصليين, وكل ذلك لضمان حقوقهم المادية والفكرية وكذلك خبراتهم وإبداعاتهم ومكانتهم..
«بوسعد».. التوثيق يؤكِّد بأن لكلِّ ذي فكرٍ حقه
في ختامِ الندوة, قدمت المهندسة «رانيا بوسعد» مدير مكتب دعم القرار في وزارة الاتصالات والتقانة, ما وثَّق كل ما سمعناه من قولٍ, بالفعل.. التوثيق الذي يؤكِّد بأن لكلِّ ذي فكرٍ حقَّه, وبضمان ملكيته لأعمالٍ أدبية أوفكرية أوفنية أوعلمية أوسوى ذلك مما يفترض أن يكون خاصاً بالمؤلف لا مشاعاً لكلِّ من تسوِّل له أطماعه سرقته أواستعارته ودون أدنى إحساس بالمسؤولية الأخلاقية.
يبقى أن نقول:
من المفيد والحضاري أن تكون حقوق حماية ملكيات المؤلف الفكرية في سورية واقعاً مدروساً ومنفَّذاً لا مجرَّد مؤسسة تسعى لتحقيق حلمها الذي لازال طموحاً..
من المفيد أكثر.. أن يُدرك كل من يفكر أويحاول أويستعير أويسرق أعمال وجهد سواه, بأنه سيُعاقب ويُدان, وبأن السرقة الفكرية هي أخطر أنواع السرقات وأكثرها خرقاً لكلِّ ما يحملهُ أصحاب الفكر من خصوصية فكرية..