مصر.. دولة الأخوان وتصفية الحسابات القادمة مع الخصوم
شؤون سياسية الخميس8-11-2012 د. رحيم هادي الشمخي* ليس غريباً على جماعة الإخوان المسلمين في مصر بعد استلامها للسلطة بعد ثورة 25 يناير أن تصفي حساباتها مع خصومها الوطنيين والقوميين في مصر العربية وإقصاء كل من يقف في طريقها لاسيما وأنها قد حصلت على تأييد الولايات المتحدة الأمريكية،
واعتراف (محمد مرسي) لذلك علانية وبالحرف الواحد بالاتفاقات مع الكيان الصهيوني وعدم التلاعب بها، فقيام الخلافة أصبح واقعاً قريباً، إلا أن هذا السيناريو أصبح كابوساً يطارد يقظة جيل من المختلفين مع توجهات وأفكار شيوخ الجماعة ، فأكثر الوطنيين المصريين يرون أن (محمد مرسي) بدأ ينفرد بالسلطة ويكون له (بورصة مصرية)، ويقوم باجتثاث العناصر الوطنية والقومية على غرار قانون الاجتثاث النازي وقانون (بريمر) في العراق باجتثاث العلماء والأساتذة والمثقفين وضباط الجيش العراقي الذين شاركوا في حرب الكويت وضد القوات الأمريكية الغازية عام 2003، ويتضح من حوارات الجماعة الحاكمة في مصر أن الهدف الأول هو القضاء على الإرث الحضاري والقومي الذي بناه المصريون عبر سبعة آلاف من السنين كانت مصر فيها أم الدنيا أما الهدف الثاني الذي يعمل من أجله الإخوان والسلفيين فهو مسح الإنجازات العظيمة لثورة 23 يوليو عام 1952 التي قادها جمال عبد الناصر والضباط الأحرار بسبب إعدام سيد قطب زعيم الأخوان الروحي ويأتي الهدف الثالث للأخوان بالاعتماد على مرجعية المرشد وإقصاء الأصوات الدينية والسياسية والفنية التي ترفض هذه المرجعية، وعلى هذا الأساس يستعد جماعة الأخوان بقيادة (محمد مرسي) بتصفية عناصر وطنية وقومية لها حسابات قديمة مع هذه الجماعة تتمثل بتصفية، الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، إثر خلافات شديدة بينه وبين الجماعة وتصديه لطلاب الأخوان حول اختراق الأزهر ، والدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية الذي هاجم أكثر الجماعة ومخططها عبر كتاباته، والشيخ محمد سعيد رسلان الذي قاد حملة شرسة ضد قيادات الإخوان على منابر المساجد، والشيخ الذي يعتبر الأخوان والسلفيين خوارج هذا العصر وإنهم غيروا وبدلوا في الفكر الإسلامي، كذلك ثروت الخرباوي الذي كشف الكثير من أسرار الجماعة، كما كشف ثروت اللقاءات التي تمت بين الأخوان مع الأمريكان للضغط على المجلس العسكري وهو الحدث الذي تناقلته وسائل الإعلام بشيء من الاهتمام، ويظهر الكاتب المصري وحيد حامد الذي رسم ملامح نشأة الجماعة وتاريخها خلال مسلسل (الجماعة) ولاقى انتقادات حادة من الأخوان واتهموه بتزوير تاريخهم، نفس المصير سيطبق على الزعيم الفنان عادل إمام الذي ينتظره حكم بازدراء وتشويه صورة الإسلام، ثم الكاتب حمدي رزق رئيس تحرير مجلة المصور والذي انفرد بنشر وتأليف بخط يد (خيرت الشاطر) نائب المرشد تحت اسم (فتح مصر) وقد أكد القضاء صحة هذه الوثائق بعد أن أقامت الجماعة دعوى ضده، وكذلك الكاتب الصحفي، عبد الله كمال، رئيس تحرير روز اليوسف السابق الذي شن هجوماً على الإخوان من خلال وجوده في منصبه إبان النظام السابق، يليه اللواء فؤاد علاي نائب رئيس جهاز أمن الدولة الأسبق الذي لاقى أعضاء الجماعة على يديه أشد أنواع التعذيب وغيرهم، وقام الجماعة بإدراج وحيد حامد وعادل إمام والدغيدي وهالة سرحان وأبو حامد في قائمة المجتثين، يضاف إليهم (هدى جمال عبد الناصر) ابنة الرئيس الخالد جمال عبد الناصر والتي دعت المصريين لانتخاب الفريق أحمد شفيق.
هذه ديمقراطية الأخوان الذين يحكمون مصر اليوم ويتآمرون على عروبة العرب في أكبر مؤامرة عرفها التاريخ العربي، يتبجحون بالحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية وهم الذين سرقوا ثورة مصر الشعبية في 25 يناير واستلموا الأموال الأمريكية والسعودية والقطرية، وتآمروا على سورية بمشاركة (محمد مرسي) في تأجيج الحرب والفوضى في أكثر المحافل الدولية وأكبر دليل مدحه لأردوغان في ذكرى تأسيس حزب العدالة التركي وتحريضه على شن الحرب ضد سورية التي لن تبخل في يوم من الأيام على نصرة العرب على مشارف قناة السويس أو العراق أو فلسطين، هؤلاء حكام مصر الجدد من الأخوان لن يحكموا مصر العربية بالحديد والنار لأن تاريخ مصر حافل بالبطولات ودحر الطغاة والمرتدين والمرتزقة.
*
أكاديمي وكاتب عراقي
|