تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


إيران وبرنامجها النووي .. الدبلوماسية في الأداء والثبات في الموقف

شؤون سياسية
الثلاثاء 19-11-2013
حسن حسن

ثابت الخطا يسير الإيراني نحو الوصول إلى أهدافه وامتلاك الطاقة النووية للأغراض السلمية دون أي كلل ...

تهديد ووعيد وتلويح بقرارات صارمة بحق الجمهورية الإسلامية الإيرانية ،رغم كل الجو «الضاغط» ترى الإيراني يعمل بجهد للوصول إلى ما يصبو إليه دون أي قلق يعيقه عن المضي قدماًبتطوير نفسه ورقي بلاده، وتبؤ المكانة العالية في نادي الدول الكبرى.‏

الإيرانيون لا يكلون للوصول إلى أهدافهم ولا يتوانون أبداً عن استثمار أي فرصة تجعل بلدهم عزيزاًقوياً....واضحون بعدم رغبتهم امتلاك أي سلاح نووي ،وقد عبر عن هذه الرغبة وزير الخارجية محمد جواد ظريف الذي أكد أن أسلحة الدمار الشامل ليس لها أي مكانة في الاستراتيجية الدفاعية للجمهورية الإسلامية الإيرانية ، واصفاً ايران بأنها أهم ديمقراطية في المنطقة .‏

لو عدنا بالذاكرة إلى الأعوام السابقة ، وتحديداً منذ العام 2006 لوجدنا كيف دار السباق بين التصعيد والدبلوماسية ، كم من التهديدات التي أطلقت بتنفيذ عمل عسكري ضد ايران !وكم عرضت «اسرائيل»خدماتها في هذا المجال من دون أن تلقى استجابة حتى من الإدارة الأميركية في عهد الرئيس السابق جورج بوش!‏

إن التوجه نحو تنفيذ عمل عسكري - ولو محدود- ضد طهران من شأنه ايجاد معطيات جديدة في الشرق الأوسط والعالم ، أقلها ايجاد أزمة نفطية عالمية تضاف إلى الأزمة المالية والإقتصادية الراهنة ، والتي لا تزال ضاغطة على المجتمع الدولي وعلى الولايات المتحدة نفسها ، وكيف إذا أخذنا في الاعتبار وجود مآزق سياسية أميركية في العراق وأفغانستان؟‏

يبدو أن القيادة الإيرانية تفضل التفاوض ،باعتبار أن المفاوضات باتت طريقاً آمناً للسياسة الإيرانية في ما يخص الملف النووي ،فهي تمكنت لمايربو على العقد من الزمن من تقطيع وقت المفاوضات ، وكسب المزيد من الخبرات التكنولوجية ومراكمتها، بصرف النظر عن الوصول إلى النقطة الحاسمة التي تريدها في البرنامج أم لا ، فبنظر طهران هي ستتمكن في وقت من الأوقات من الوصول إلى ما تريده بالضبط ، إذا استمر الوضع الإقليمي الشرق أوسطي على ما هو عليه من تشرذم وانقسام وفقدان الوزن السياسي الفاعل في ظل متغيرات تبدو هائلة جداً.‏

ما ساعد وعزز خريطة الطريق الإيرانية حالياً، جملة اعتبارات من بينها،انسحاب الولايات المتحدة الأميركية من العراق ، الأمر الذي عزز نفوذها على نحو واضح في الساحة العراقية والإقليمية، علاوة على عدم قدرة الأوروبيين حالياً على ترجمة فرض العقوبات النفطية عليها.‏

لكن «اسرائيل» من جانبها، غير مقتنعة بأن العقوبات في وضعها الحالي أو بعد تصعيدها كافية لمواجهة التحدي الإيراني . ذلك أن جوهر الأزمة ،في رأي «اسرائيل»( وبعض المسؤولين والجنرالات الأميركيين) ،ليس امتلاكها سلاحاً نووياً ،بل تحولها قوة اقليمية مركزية متنامية في قدراتها ومتوسعة في نفوذها ،فإيران أصبحت ،استراتيجياً،على حدود «اسرائيل» في شمالها الشرقي من خلال قدرات سورية المتحالفة مع الجمهورية الإسلامية ،وفي شمالها من خلال حزب الله ومقاومته الفاعلة ،وفي الجنوب من خلال حركة «حماس» وسائر تنظيمات المقاومة في قطاع غزة ، تستطيع ايران مع حلفائها ، إذاً ، ومن دون أسلحة نووية شن هجوم كاسح على «اسرائيل» يلحق بها خسائر بشرية باهظة ودماراً شاملاً.‏

وما زاد الأمر تعقيداً، أن ايران تقع في قلب أهم منطقة صراع اقليمي ودولي ، وهي منطقة الخليج العربي التي تشكل أهمية اقتصادية ،واستراتيجية لكل القوى الطامحة إلى دور اقليمي قيادي ، ومن ناحية أخرى الوجود الأميركي المباشر في المنطقة،وهو ما يعني زيادة احتمالات المواجهة المباشرة. والأمر الآخر وجود «اسرائيل» في قلب النظام العربي،وفشل العملية السلمية التي كانت تعتمد اعتماداً كبيراً على الحفاظ على موازين القوة لمصلحتها .والآن ومع تنامي قدرات ايران النووية ، فذلك يعني تراجعاً في قواعد لعبة القوة في المنطقة بما يعرض «اسرائيل» لمزيد من الخطر الذي إذا وصل إلى حد تهديد وجودها، فذلك سيدفع«اسرائيل» إلى حرب حتمية.‏

إن حسابات الحروب واشعالها مكلفة جداً ، وبالعادة تقضي على مصير دول لعقود بأكملها ، وطهران ليست ببعيدة عن هذه الحسابات بعد حربها مع العراق 1980-1988 التي تعلمت منها الشيء الكثير،وابرزها فن الاستفادة من التفاوض للوصول إلى ما تريد بأقل الأثمان الممكنة.‏

الإيرانيون مازالوا يثبتون أنهم الأكثر مرونة والأكثر مرونة نضجاً ممن يجابه تقدمهم ورقيهم بطرق غير ناجعة لايدركها ويعمل بها سوى «رعاة البقر الأميركيين» ومن لف لفهم. فرغم كل الحملات ضدها مازالت ايران تعمل بنفس القوي العازم دون أي تراجع، فالذي يعي ما يريد لا يمكن أن تحبطه أي محاولة من الدول الغربية ، ففي حزم تعالج ايران أمورها ، وفي لين تعالج مسائلها العالقة ، وفي كل محطة أو موقف تثبت السياسة الإيرانية أنها الأنجع .‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية