بعد سيطرة الميليشيات المسلحة المرتبطة بالقاعدة على مقاليد الحكم فيه بدعم وتدخل غربي وخليجي، فكل محاولات التعتيم السابقة سقطت بالأمس أمام المواجهات الدامية التي جرت في العاصمة وفاقت حصيلتها ال 500 قتيل وجريح.
وعبثاً حاول هذا الإعلام المجرم على مدى عامين تصوير الأوضاع في ليبيا وكأنها تسير باتجاه الأفضل لاوياً عنق الحقيقة والواقع، ليستيقظ العالم على واقع ليبي مروع يحكمه منطق الجريمة والإرهاب والسلاح، فالفصائل المسلحة المتطرفة تتحكم بمفاصل الدولة وتديرها كما تشاء، وكل فصيل يحكم مدينة معينة ويتوسع طالما سنحت له الفرصة فارضاً هيمنته على مدن ومناطق أخرى، وأما الحكومة والبرلمان فمشلولان تماما بحيث لا تتعدى سلطتهما جدران المباني والمقرات التي يقيمان فيها، وعند الضرورة يمكن اعتقال رئيس الحكومة ووزرائها وحل البرلمان وفرض سياسة الأمر الواقع، فلا دستور يحكم ولا قانون يُنفذ ولا سلطات أمنية تستطيع أن تحرك ساكناً، والبلاد برمتها موضوعة على مقصلة الفوضى والتقسيم، وليس لها ما يشبهها حتى في أفغانستان والصومال أيام حكم طالبان وأمراء الحرب والمحاكم الإسلامية.
هذا الوضع الليبي المأساوي ـ كما يعرف الجميع ـ كان الثمرة الفاسدة للتدخل العسكري من قبل حلف الناتو، والمؤامرة الدنيئة التي حاكتها ومولتها المشيخات الصهيوخليجية التي أخذت على عاتقها استبدال العروبة والإسلام الحقيقي بإسلام تكفيري وهابي مستعرب مفصل على مقاس الأسر المغتصبة للسلطة ورغبات الغرب وحليفته إسرائيل.
وبناءً على معطيات الأيام الأخيرة يبدو الوضع الليبي مرشحاً للمزيد من التدهور، فلا الغرب معني بتصحيح خطيئته ولا هو قادر على ذلك، ولا المشيخات الخليجية راغبة بالتخلي عن مشروعها الإجرامي، ولا الميليشيات المسلحة تنوي ترك سلاحها وبناء الدولة من جديد، ولا الليبيون قادرون على فعل شيء، وأقل ما يمكن قوله: هذا هو الأنموذج الذي سعوا إليه فليتحملوا نتائجه الكارثية..!!