أولى الإشكاليات التي تضر بالتصدير هي الإعلان عن أرقام تصديرية كبيرة مبالغ فيها، ولا تنسجم مع متطلبات ورغبات الأسواق الخارجية لعدة أسباب منها مثلاً أرقام الحمضيات التي دائماً يعلن عن إنتاج يفوق المليون طن سنوياً دون تحديد الكمية التي يمكن تصديرها، وعليه إذا كانت هذه الأرقام غير صحيحة فهذا يعني أننا أمام مأزق حقيقي لأننا نبني خططنا وفق أرقام تصديرية مبالغ فيها، وبالتالي ليس كل ما ينتج يصلح للتصدير ما يعني أن المقدمات الخاطئة بالتأكيد ستعطي نتائج خاطئة تؤثر على الحالة الاقتصادية!.
غرفة زراعة دمشق ترى أن مشكلة التصدير تكمن بوجود مزارع كثيرة غير مكتشفة من قبل أي جهة تعمل بتصدير المنتجات الزراعية، وبالتالي فإن المشكلة تتركز بحسب رأي المصدرين والغرفة في غياب المعلومة والدلالة على بعض المزارع ناهيك عن التغيير بنوعية المحاصيل الزراعية وتحويل الأراضي من زراعية إلى عقارية أو استثمارها في محميات أو بيوت بلاستيكية دون أن يتم التنبيه لذلك وبقائها مسجلة على أنها مزروعة بأشجار مثمرة وهذا يعني أن الإحصائيات ستكون حتماً خاطئة.
كما أن وجود جهات معنية بالزراعة لا يعني حسب الغرفة أنها تقوم بواجبها على الشكل المطلوب وإنما هي مجرد صورة تغيب عنها المعلومة وبالتالي لا بد من جهة رسمية تجري تصحيحاً للمعلومات الزراعية بشكل موسمي أو سنوي ليتطابق حجم الأرقام مع الواقع الفعلي وليس الوهمي كما هو الحال بالحمضيات.
والمشكلات الكبيرة وفق الغرفة تكمن في ثقافة التصدير إلى العراق والاستسهال التي يجب الخروج منه نظراً لكون السوق العراقية تستوعب كافة المستويات ونوعيات المنتجات وبالتالي مرغوبة من قبل المصدرين لسهولة قبولها لكل أنواع الإنتاج الجيد والسيئ، ما يعني أنه لن يكون هناك جهد لتحسين نوعية المنتج الزراعي وظروف تصديره ولن تفتح أمامه الأسواق لأن الأسواق الأخرى ليست كالسوق العراقية تقبل بكافة المنتجات وإنما تتطلب منتجات بمواصفات معينة وبجودة عالية.
وتؤكد الغرفة أن أكبر دليل على ما نقوله أنه عندما تم إغلاق الممرات الحدودية ومنها العراق لم يتم تصدير المنتجات وإنما بقيت السوق السورية معومة بها.
وترى أن الاعتماد في التصدير يكون على الكثير من الشروط (غير متوفرة في التصدير السوري) منها المواصفات المطلوبة في التغليف والتعبئة التي تعتمد عالمياً إضافة إلى أنواع الكرتون المستخدم في التعبئة، ووزن وحجم الثمرة وبالتالي لا بد من معرفة المواصفات والمواد المستخدمة في التوضيب والتي تسمى (شمع غذائي خاص بالتوضيب) المتعارف عليه عالمياً وليس باستخدام الزيوت، مشيرة إلى ضرورة أن يكون هناك رقابة على جودة المنتج المصدر قبل التحميل إلى الميناء وذلك من قبل لجنة مراقبة تعمل في الميناء ويستحسن شركة خاصة بهذا الأمر.
وربطت الغرفة نجاح التصدير بضرورة وجود مكتب خاص قريب من الموانئ لتسهيل كافة عمليات التصدير والتأمين على البضائع لحماية المصدِّر خاصة أن هذه الثقافة التأمينية غائبة لدى المصدرين ومعالجة مشكلة النقل بحيث يتم تسهيل شحن البضائع من وزارة النقل، والتنسيق مع شركات الملاحة البحرية بشكل معلن وصريح ليتم أخذ العلم بها من قبل المصدرين وتشكيل لجنة تكون مهمتها تسهيل الإشهار لعمليات التصدير تكون ملحقة برئاسة مجلس الوزراء بحيث يكون عملها مراقب وتقديم الدعم اللازم لها لتسهيل وتوفير المعلومات للمصدرين.
وتبين أن هناك مشكلة حقيقية بين الجهات المشرفة على التصدير، حيث كل جهة تريد سحب كل الإنتاج التصديري الزراعي والصناعي لها وبالتالي هذا مؤذ للتصدير ولا بد أن تعنى كل جهة بالمنتج التصديري الخاص بها بمعنى أن غرف الصناعة معنية بالإنتاج الصناعي كونها تشرف على التصنيع واتحاد الغرف الزراعية معنية بالمنتج الزراعي كونها تشرف بشكل مباشر على الإنتاج الزراعي من الحقل وحتى التصدير.
وترى الغرفة أن أهم متطلبات المنتج الزراعي التصديري هو أن تكون المعالجة بدءاً من الحقل بحيث يكون مزروعاً بصنف واحد حسب رغبات الأسواق التصديرية وليس بزراعته بشتى أنواع الأصناف لسهولة التعامل معه من قبل المصدرين بحيث يجدون الكمية من هذا الصنف في بستان واحد وليس تجميعها من عشرات البساتين خاصة أن المنتج السوري يمتاز بطعم وشكل ونكهة جيدة ليس له مثيل في حال تمت معالجته وفق المواصفات التصديرية.
ولأن محصول الحمضيات من المحاصيل الأساسية ولديها أرقام كبيرة من الإنتاج كان لا بد أن نأخذها مثالاً في التصدير حيث أوضح مدير مكتب الحمضيات المهندس سهيل حمدان أن وزارة الزراعة تعتبر زراعة الحمضيات في سورية زراعة متطورة نسبياً (باستثناء السنوات السابقة حيث أدى ضعف التسويق الداخلي والخارجي إلى زيادة العرض وانخفاض أسعار الثمار ما أدى لعدم قيام المزارعين بتقديم عمليات الخدمة المطلوبة وفي حال قيامهم بها فإنها كانت تتم بالحدود الدنيا) وأن زراعة الحمضيات في الساحل السوري هي الأكثر استقراراً على المدى البعيد والقريب، كما تم تجاوز مراحل كثيرة تفوقنا فيها على الكثير من دول الجوار، وحتى عالمياً (برنامج المكافحة الحيوية المعتمد منذ 1994).
وأشار إلى أن الإنتاج المتوقع يتوزع بين طرطوس 230 ألف طن وتعادل 23% من إنتاج سورية، واللاذقية 780 ألف طن وتعادل 77% من إجمال الإنتاج، وكمية قليلة موزعة على مناطق حمص - درعا - إدلب - الغاب - دير الزور ويشكل إنتاجها حوالي 1% من إجمالي الإنتاج مبيناً أنه يعمل بزراعة الحمضيات حوالي 53 ألف أسرة بالإضافة لمئات الآلاف من العمال الذين يساعدون بعمليات الخدمة والقطاف والنقل والتسويق والتصنيع منوها إلى إنتاج الحمضيات على مستوى سورية يشكل حوالي 51% من إجمالي إنتاج أشجار الفاكهة (تفاح + كرمة + خوخ + إجاص + دراق + مشمش + دراق).
وبين أن هناك أكثر من 200 ألف طن من أصناف الحمضيات يمكن تصديرها بنسبة 80% وان هذا الرقم لو تم تصديره لكان كافيا ويوفر إيرادات للدولة إلا أن التصدير يحتاج إلى مشاغل تصديرية تراعي الشروط العالمية من فرز وتوضيب وتعبئة ولون وطعم، مؤكداً أنه حتى تاريخه لا يوجد مشغل تصديري وأن نسبة من 40 إلى 45 % يصدر للعراق التي تستوعب كل شيء الأمر الذي استسهله البعض وأنشؤوا مشاغل بدون مواصفات.
وأكد أن لرفع نسبة التصدير لا بد من وجود مشاغل الكترونية تحدد المواصفات المطلوبة عالمياً كونه يعطي موثوقية خاصة أنه لدينا أصناف تصديرية جيدة وتمتاز بطعمها ولونها وخالية من الأثر المتبقي وأنه هذا العام لا توجد آفات استدعت تدخل من الوحدات الإرشادية رغم أن الأزمة أدت إلى رفع أسعار مواد المكافحة الحيوية إلا أنه حتى الآن لم يكن هناك آفات.