لم يعد لواشنطن ودول الغرب الاستعماري ما تعول عليه.. فكان لا بد من اللهاث وراء بعض الفبركات التي تمكنها من تدوير رحى الشر على الأرض السورية، بما يناسب مخططاتهم الخبيثة، حيث تواصل أميركا وبريطانيا وفرنسا سياساتها التي تهدد الأمن والسلم الدوليين عبر مزيد من التهديدات التي تقابل الأعمال المسرحية والفبركات المزعومة، لتلتقي مع الموقف التركي المتحول وفقاً لأطماعه ومصالحه التوسعية والتي يحصل من خلالها على أوراق تأهله لخوض غمار المرحلة المقبلة بعد أن أصبح وجوده في سورية ممزوجاً بخسارة الأوراق وكشف المستور.
أما روسيا، فكانت تسير على المقلب الآخر بعد أن كشفت عن موقفها من أهم موضوع محتمل مناقشته في المفاوضات بعد أن تحدد فيه موعد الجولة المقبلة من محادثات «آستنة» حول سورية في العاصمة الكازاخستانية، وقد أكدت موسكو على لسان المتحدثة باسم خارجيتها أن مستقبل سورية يحدده السوريون أنفسهم ولن يتم مناقشة شيء من هذا القبيل في المحادثات حول سورية.
ومن المفترض أن تضع محادثات آستنة القادمة أنقرة المتسولة على فتات الأدوار ضمن خانة الاتهام المباشر بالتعطيل والخداع بعد أن طفح الكيل من تصرفات إرهابييها الذين يواصلون خرق اتفاق سوتشي برعايتها وتدبيرها, فيوم أمس كان لريف حماه الشمالي موعد متجدد مع قذائف الغدر الارهابي حيث استشهد مدني وأصيب آخرون بقذائف صاروخية استهدفت بها «جبهة النصرة» الارهابية المنتشرة في ريفي إدلب الجنوبي وحماة الشمالي بعض القرى المنطقة.
وكان إرهابيو «النصرة» قد استهدفوا قبل يومين مدينة محردة في ريف حماة الشمالي، بالقذائف الصاروخية، حيث أودت بحياة مدني وتسببت بإصابة ثلاثة آخرين.
وإلى جانب هذه الاستهدافات لمناطق المدنيين في ريف حماة، تستمر «النصرة» الارهابية بمحاولات التسلل باتجاه مواقع الجيش العربي السوري، الأمر الذي يعد خرقاً واضحاً لاتفاق «خفض التصعيد».
في مقابل ذلك ورداً على خروقات إرهابيي أردوغان استهدفت وحدات من الجيش العربي السوري نقاط انتشار المجموعات الإرهابية في العميقة والحويز والحويجة وجسر بيت الراس بمنطقة سهل الغاب في ريف حماة الغربي وقضت على عدد كبير منهم ودمرت أوكاراً لهم.
إنجازات الجيش العربي السوري وقضاؤه على الارهاب الوهابي الاخواني في معظم المناطق السورية دفع بدول العدوان على سورية لمواصلة عرض مسرحياتها الهزلية وفبركة المزيد من اوهام الاستخدام الكيماوي المزعوم الذي تريد منه توجيه اتهامات باطلة للجيش العربي السوري.
يأتي ذلك ضمن سياساتها الساعية للنيل من الأهداف التي أنشئت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية لتحقيقها وتسخيرها لمصالحها الدنيئة من خلال مزاعم باطلة أثبتت التجربة أنها تهدد الأمن والسلم الدوليين وتنذر بالقضاء على النظام الدولي.
وكانت واشنطن ولندن وباريس قد عادت الى تهديدها بتنفيذ مزيد من الاعتداءات على الاراضي السورية تحت ذريعة «الكيميائي» والتي ثبت زيفها وكذبها أكثر من مرة, الى ذلك لا يزال الوجود التركي في سورية محصور بين خسارة الأوراق وكشف المستور، حيث يسعى نظام أردوغان الى التلون واللعب على حبال الاطراف فمنذ إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب الاعتراف بـ»السيادة الإسرائيلية» على الجولان السوري المحتل، تحاول انقرة أن تخفي وحشية وجهها وتستر عورات دعمها للإرهاب في إدلب.. لكن في الحقيقة كل من «إسرائيل» وتركيا يمكن وضعهما في خانة واحدة وهي خانة المحتل.. وقد أشارت سورية الى هذا الموضوع باحتلال تركيا لعدة مناطق في الشمال السوري وجزء كبير من محافظة إدلب وسعيها لاحتلال المزيد من المناطق.
أما فيما يخص علاقة واشنطن بأنقرة فبات من المؤكد بحسب محللين بأن الولايات المتحدة في هذه المرحلة لن تقبل بحرب تعوق مخططاتها في منطقة الجزيرة السورية، وهي بالتالي أي «الولايات المتحدة الأمريكية» لن تساعد تركيا في سورية على حساب مصالحها وهي علاقتها مع الأكراد في المرحلة الحالية، ولن تقبل أيضاً بشن عملية عسكرية ضمن الجزيرة السورية. وكان المدعو فؤاد عليكو عضو ما يسمى المكتب السياسي في أحد أحزاب «المجلس الوطني الكردي» قد كشف عن اجتماع مع السفير الأمريكي وليام روباك، تم فيه الإعلان عن أن خطة واشنطن في هذه المرحلة هي تقسيم منطقة الجزيرة السورية بعدما دمرتها طائرات التحالف الاميركي، لذلك فإن خيوط اللعبة التركية بدأت بالانقطاع حيث يمكن أن يستغني عنها حلفاؤها بأي وقت.
ويعمل الطرفان التركي والارهابي المتمثل بجبهة النصرة الارهابية على تبادل الادوار في ترويع المواطنين في ادلب ومحاولة قتلهم وترهيبهم.
وفي ظل انتشار حالة الفلتان الأمني هذه، يحاول أهالي المحافظة الخروج من المحافظة، في حين تمنعهم «جبهة النصرة» الارهابية من الخروج باتجاه المعابر التي تفتحها الدولة السورية، لذلك يلجأ المدنيون للتوجه إلى الحدود التركية للهروب من إدلب، لكن القوات التركية تستهدف المدنيين باستمرار بالرصاص، حيث أكدت مصادر ميدانية باستشهاد طفلة برصاص قوات احتلال النظام التركي أثناء محاولتها العبور باتجاه تركيا عبر ريف ادلب، مشيرة إلى أن عدد المدنيين الذين قضوا برصاص الجندرما التركية وصل إلى 422 مدنياً، من ضمنهم 76 طفلاً دون الثامنة عشرة، و38 مواطنة فوق سن الـ 18.
وفي الوقت ذاته، تستمر «جبهة النصرة» الارهابية في المحافظة بتنفيذ عمليات الإعدام بحق العديد من الأشخاص في إدلب، حيث نفذت بحسب مصادر محلية عمليتي إعدام بمنطقة سرمدا في الريف الشمالي لإدلب، وقبل يوم واحد، نفذت عملية إعدام بحق أحد المعتقلين الموجودين لديها.