ولم يعد خافياً على أحد أن «إسرائيل» وبدعم من الولايات المتحدة الأميركيةتسعى إلى تقوية نفوذها والعبث بأصابعها الخبيثة بأمن السودان وإشعال الأزمات فيه .
ولا شك أن هناك علاقات سياسية واقتصادية وعسكرية وأمنية لكيان الاحتلال الصهيوني مع دول حوض النيل ودول البحر الأحمر (إثيوبيا، إرتيريا ، كينيا، أوغندة) وهي مطلة على البحر الأحمر. وذات موقع قريب من بور سودان وهو ما يجب أن تأخذه السودان بعين الاعتبار والحذر .
ومن الهجومين الأخيرين على السودان في تلك المنطقة يتضح أنه «إسرائيل» تحاول التغلغل هناك حيث قامت بالاعتداء على سيارة مدنية ببور سودان كجريمة تضاف لجرائم «إسرائيل» في المنطقة وقد نفذته طائرتا أباتشي إسرائيليتان على السيارة السودانية ، واستخدمت فيه أسلحة وذخائر حارقة خارقة ، وكان اعتداء إسرائيلي مماثل وقع في عام 2009 بالمنطقة نفسها راح ضحيته أكثر من مئة شخص .
ولا شك أن الوجود الإسرائيلي في البحر الأحمر يشكل خطراً كبيراً على الأمن الداخلي للسودان وقد أشار الخبراء لضرورة دعم القوات المسلحة السودانية بالتقنيات والرادارات والمعدات الفنية الحديثة واستمرار الجهود لتأمين بور سودان والساحل السوداني ، حتى يتم ردع الاعتداءات الإسرائيلية التي تكررت على البلاد في الفترة الماضية والتي اتخذت ذرائع وحججاً بعيدة كل البعد عن الحقائق والوقائع.
النشاط الاستخباراتي التجسسي الإسرائيلي في شرق السودان قائم وهناك دلائل تؤكد ذلك في ظل الظروف الصعبة التي مرت ويمر بها السودان والمنطقة ومنها أن «إسرائيل» تستغل مناطق زراعية تابعة لولاية القضارف ومحتلة من إثيوبيا ، وتقوم بزراعتها بعباد الشمس وغيرها من المحاصيل ما يعني أن «إسرائيل» تستهدف شرق السودان وتسعى مع راعيتها أميركا وتعملان دون كلل أو ملل لتطويع الوضع في السودان لصالحهما ، والثابت أن «إسرائيل» حققت جزءاً من أهدافها بفصل جنوب السودان .
وبما أن الساحل السوداني الشرقي طوله 750 كيلو متراً تقريباً ، ويحتاج لإمكانات دفاع جوي على طوله ، فهناك بعض المؤشرات للعلاج منها مراجعة الوجود الأجنبي بالشرق وخاصة بور سودان وكسلا وسواكن والعمل على تحديث المطارات والقوات البحرية السودانية وتزويدها بالمعدات العسكرية الحديثة ، بالإضافة لتحديث القوات المسلحة السودانية المسؤولة عن حماية شرقي السودان بالإضافة لدعم الجهات الأمنية بالشرق بكل المعدات المساعدة ، لكشف عمليات التهريب المتعددةالأوجه كتهريب البشر والمخدرات والسلاح والمواد الغذائية والهواتف النقالة والذهب والمجوهرات والعملات الأجنبية .
إن البحر الأحمر يمثل أهمية إستراتيجيةواقتصادية وعسكرية لصانع القرار الإسرائيلي، باعتباره معبراً مهما لتصدير النفط العربي ويرتبط بقناة السويس والمحيط الهندي ، وليس خافياً على أحد أن التآمر الإسرائيلي على السودان قديم ، وقد استغلت «إسرائيل» أدوات السياسة الخارجية الأميركية والمنظمات الدولية ومؤسسات التمويل الدولية ، ودوائر صنع القرار الأميركي للتآمر على السودان ، وسعت لتقسيمه وإلصاق تهمة الإرهاب به حتى تتمكن من إضعافه .
ولعل من ينظر بعين سياسية جيدة يرى أن الولايات المتحدة الأميركية و«إسرائيل» تعتبران السودان من أهم دول البحر الأحمر على الإطلاق ، بالنظر للدور الذي يمكن أن يلعبه في المنطقة ولعلاقاته الجيدة مع دول البحر الأحمر الأخرى ، أضف إلى ذلك أن السودان مع القضية الفلسطينية منذ الاستقلال لذلك تجد سعيهما مسعوراً ودؤوباًللتغلغل فيه من كل الجوانب وعلى جميع المحاور والمفاصل الرئيسية خدمة لسياسة واستراتيجية لا ريب أنها طويلة الأمد وواسعة الغايات .
لا ريب أن ضعف يد الخرطوم في ظل التعقيدات الداخلية والإقليمية والدولية ، وصمت بعض الدول العربية وانشغال أخرى بالثورات الشعبية من أجل التغيير كحال تونس ومصر واليمن وازدياد النفوذ الإسرائيلي في الشرق الإفريقي ومنطقة البحر الأحمر ، وكلها عوامل تشجع «إسرائيل» على التمادي دون خطوط حمراء ودون رادع .
من أجل ذلك لا بد من إعادة اتفاقية الدفاع المشترك بين السودان ومصر التي ألغيت تحت ظروف صعبة باعتبار أن هناك تقارباً كبيراً بين ثورة الخامس والعشرين من كانون الثاني المصرية وحكومة الخرطوم.
والأهم من كل ذلك هو تمتين الجبهة الداخلية السودانية من خلال صيغة تشرك الجميع في شأن الحكم والإدارة وتحمل المسؤولية ، فحماية الدولة السودانية من التفتت والخطر الأميركي الإسرائيلي يشارك فيه جميع السودانيين لأن الوطن أمانة في أعناق جميع أبنائه.
manhalebrahim@yahoo.com