تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


ذكريات غالية.. تتناقلها الأجيال بأمانة

الجولان في القلب
الأثنين 16-5-2011م
سوسن خليفة

كانت المدرسة قريبة من المنزل ومع هذا أنزعج من الاستيقاظ باكراً والذهاب اليها وكنت ادرس خوفاً من ضرب الاستاذ الذي كان يقول لنا اذا لم تدرسوا سوف نعمل فلقة،

ولهذا كنت أجد وأدرس وأنجح، هكذا بدأ أبو بهيج الزعوري حديث ذكريات الطفولة في قريته بالجولان الحبيب، وأضاف يقول: كنا نخرج من المدرسة وقد حفظنا الدرس وأحياناً كثيرة نكتب الواجب بالمدرسة ولم يكن يساعدنا احد في كتابة الوظيفة، وعلق قائلاً: نظام التعليم القديم جيد اضافة الى أننا كنا نطمح الى التعلم كي نصبح اساتذة ونرتاح من العمل بالأرض ففي ضيعتنا العمل يسري على الجميع ولو كانوا صغاراً، ولا أنسى أخواتي البنات وهن يساعدن الوالدة في تحويش الهندبة والرشاد والخبيزة والتنور في لب الدار ولم يكن التنور موجوداً في كل البيوت وتأتي النسوة الى دارنا وينتظرن الخبز على التنور واحدة تلو الاخرى.‏

أما والدي فكان يعمل في بناء البيوت الحجرية التي تميز القرية وأيام العطلة الصيفية كنت أساعده وفي بعض الاحيان أوصل له الزوادة وأعود الى القرية مسرعاً قبل أن يفوت موعد الصبايا بملء المي من العين حيث كنا ننتظر على الطريق كي نسرق نظرة ونشعر وقتها بسعادة كبيرة.. ويتابع قوله:‏

أيامنا غير أيامكم: العادات تغيرت وظروف الحياة تطورت من حيث المعيشة والرفاهية، ووقتنا كل شيء صعب ولكن الحياة بسيطة والعيشة حلوة.. وما يحمله أبو بهيج من ذكريات راسخة حتى الان الحكواتي اذ يجتمع رجال القرية في المساء ويجلسون لسماع قصص أبو زيد الهلالي وعنترة بن شداد وكانت الحكايا في زماننا بدل التلفزيون والمسلسلات ولاتزال هذه القصص محفورة في الذاكرة حتى الآن أتذكر احداثها مع نبرات صوت من يحكيها وحالياً أروي هذه الحكايات لاحفادي ولا أنسى مقطعاً منها.‏

ولاتغيب عن بالي الأعراس والدبكات ونقل المحصول من الارض الى البيادر ورعي الخرفان وزيارة المقامات كانت بالنسبة لنا رحلة نأخذ الطعام ونركب الباص ونغني العتابا والميجانا التي تشتهر بها قريتنا، ومنها ماهو خاص بالرجيدة والآخر نوع من الغزل، وفي سن الشباب خطب لنا الأهل ابنة الجيران.‏

وتدخل أم بهيج على الحديث مقاطعة بالقول: كنت أراه عند العين وكنا نكتفي بالنظرات، وعن عادات العرس تقول: وقت العرس تأتي النسوة وهن يحملن صواني القش ويصففن عليها ما هو موجود بالبيت من أكل ثم يحملنها للشباب والصبابا والى مكان العرس ويأكل كل من يدبك ويحضر العرس ومن ثم تذبح الذبائح وتستمر الافراح سبعة أيام بلياليها، أما الآن فتقول أم بهيج: اختلف الأمر رغم أن الدبكة والعتابا والميجانا يصر عليها الكبار الا أن الجيل الحالي يهوى الموسيقا والاغاني الحديثة ورغم ذلك علمنا أولادنا الدبكة وبعض الاهازيج الخاصة كي نحافظ عليها ومعظم الشباب والصبايا يحفظون الأغاني الجولانية الخاصة بالأفراح لأنها جزء من تراثنا الذي نعتز به.‏

وتختم أم بهيج حديثها بالقول: أحرص على الجلوس مع كبار السن من أبناء القرية وأستمع الى قصصهم وأغانيهم وتقاليدهم حتى تظل مستمرة معنا جيلاً بعد جيل.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية