استنكاراً واستهجاناً للتعرض بالأذى لنعجة أو عصفور، وهو الذي بأم أذنه «لأنه كان فاقداً للبصر» قد شاهد ما شهدته البشرية من اقتتال ونزاعات بين الأديان المختلفة، وبين الطوائف والمذاهب في الدين الواحد.
فيلسوف المعرة تجاهل، وهو ليس بالجاهل، أن الأديان برمتها، مع كل تفرعاتها دعت إلى المحبة الإنسانية، وأن المنتمي، وليس الانتماء هو ما صنع تلك الحالة من مشكلات وتنافر، وبالضرورة بين البعض، وليس الكل، فالمنتمي الواعي يدرك حقيقة جوهر الأديان الداعية إلى إلهٍ واحدٍ، مع التسامي في السلوك والقيم والأخلاق، بعيداً عن المصالح الفردية والاجتماعية والسياسية التي أفرزت تلك الإحن والعداوات، منذ أول حادثة صدام حصلت في التاريخ الديني، وحتى حادثة إمبابة في العاصمة المصرية.
ليعذرني القارئ في وسيلة الإيضاح التالية:
يحدث أن شابين أو أكثر يتنازعون للحصول على قلب أنثى يغرمون بها، وهذا أمر مبرر لأن قلب هذه الأنثى لا يتسع إلا لشخص واحد.. فهل يشك المؤمن بالله، كائناً ما كان دينه أو مذهبه أو طائفته، أن قلب الله يتسع لجميع الخلق؟ وإن تتعدد الطرق إلى الله بتعدد أنفاس الخلائق، حسب رأي أحد المتصوفة، فأي جاهل أو مدع يظن أنه وحده أو جماعته وحدها تستأثر بقلب الله دون سائر البشر، كما الوطن الذي يتسع لجميع أبنائه المتعددة اتجاهاتهم وأفكارهم وانتماءاتهم، وأيضاً كما الكرة الأرضية التي تتسع، وتكفي ثرواتها الطبيعية لجميع أولاد آدم، مع أنهم خلال أشهر قليلة سيبلغ تعدادهم سبعة مليارات نسمة، حسب الإحصائيات الحديثة، ويستطيعون التعايش مع بعضهم بعضاً بسلام دون حروب أو نزاعات.
الأديان بجميع تفرعاتها ياعمنا المعري، نادت بالمحبة وأيضاً جميع الإيديولوجيات والنظريات الإنسانية دعت إلى العدالة والحرية والمساواة وغيرها من المقولات التي تحقق إنسانية الإنسان.
ومازال المتزمت والمبرمج والمتعصب والمتسلط وأحادي الرؤية، في كل زمان ومكان، يرى أن عقله هو الصح، وباقي العقول غير قابلة للتصحيح.