استهداف سورية بتوصيف من أطلقوا على أنفسهم تسمية خلال الفترة
الماضية بتحليل منطقي بعيد عن الإساءة التي مكث تحتها كلّ من أراد التوقيع
على بيان أو إطلاق العنان لتعليق ما على هامش الأحداث.
إذا ابتعدنا قليلاً عن مسائل قبض المال وبيع الأنفس والكرامة من هذا وذاك
مقابل تصريحات أو بيع (شخطة قلم) نسأل ما التوصيف المناسب لكل من
سقطوا في بؤرة التفاصيل المحاكة والإشاعات الرنانة ثم الانتقال بها في رحلة
تشدق استوقفوا من خلالها سكرة عديمي المواقف أو الاتجاهات ممن لم يختاروا
هوية رسالتهم بعد في رحلة الحياة؟!.
هل نظلمهم إذا وضعناهم بمنزلة المصابين بمرض «Alexi thymia»
وهو العجز عن التعبير عن المشاعر الذي ابتكره الدكتور بيتر سيفنيوس العالم
السيكولوجي في جامعة هارفارد عام 1972؟ حيث يصف مثل هؤلاء بأنهم
يعطون عن أنفسهم انطباعا بأنّهم مخلوقات مختلفة غريبة، قادمة من عالم آخر
مختلف تماما عن عالمنا الذي تهيمن على مجتمعاته المشاعر حسبما أورد دانييل
جولمان في كتابه الذكاء العاطفي.
وبمعنى آخر فهؤلاء مصابون بالقلق ما يجعلهم غير قادرين على تحديد
مشاعرهم وهنا طبعا نلغي قليلاً لغة العقل كون نتائج النقاش فيها أصبحت
بديهية بفعل الواقع ووضوح المشهد السياسي ونصر سورية الكبير.
وأثناء البحث عن تعليل عجز البعض عن تحديد موقفهم مما جرى في سورية
لم أجد أفضل من اقتباس هذه العبارات من كتاب الذكاء العاطفي نفسه
فمرضى «أليكسي ثايميا» ليسوا بلا مشاعر على الإطلاق، بل يشعرون،
لكنهم غير قادرين على معرفة ماهية مشاعرهم على وجه التحديد، خاصة
أنّهم عاجزون عن التعبير عنها بالكلمات، وعلى وجه الدقة، تنقصهم المهارة
الأساسية للذكاء العاطفي، أي الوعي بالذات وهو معرفة مشاعرنا عندما
تزعجنا انفعالاتنا الداخلية، ولكن تبقى المفارقة الوحيدة أنّ المصابين بهذا
المرض ليس بالضرورة أن ينقصهم الذكاء الفكري، ولهذا نضع السؤال
الأخير في متناول تفكيرهم: هل استطعتم فهم لعبة الفتنة بعد انكشافها
وعدتم إلى رشدكم؟ أم ما زلتم تحت سلطة عاطفة عاجزة عن التعبير وبين
هذا وذاك لكل داء دواء.