تلك المقاهي وكثرة مرتاديها من الشباب أصبحت ظاهرة تستحق الدراسة
كونها تعكس الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية لسكان المدينة وخاصة من الشباب الذين تشكل نسبتهم حوالي 90 بالمائة من مرتادي تلك المقاهي
وكذلك لتحديد ماهية تلك الظاهرة إن كانت سلبية أم إيجابية.
عن هذه الظاهرة بدأت باستطلاع آراء عدد من الشباب في المقاهي هناك بحثاً في أسباب تلك الظاهرة فكانت آراؤهم كالآتي:
وقت فراغ طويل
يقول محمد رابع 23 عاماً وهو شاب متخرج حديثاً من معهد المراقبين الفنيين بدير الزور أنه يذهب إلى المقهى بشكل يومي ولمدة ثلاث إلى أربع ساعات وذلك لرؤية أصدقائه وتبادل الأحاديث والأخبار معهم كما أنه يستمتع بالجلوس بالمقهى كونه لايحب أن يبقى في البيت وكذلك لوجود وقت فراغ طويل خلال اليوم.
أوفر اقتصادياً أما نواف العشاوي وهو طالب في كلية الحقوق بدير الزور فيقول إن ارتياده للمقاهي يرجع إلى العادة بشكل أساس كما أنه يعتبر أن الجلوس في المقهى أفضل من الجلوس في مكان آخر كما أوفر اقتصاديا كون المقاهي الشعبية لاتزال أسعارها متهاودة وتتناسب مع شريحة الدخل المحدود وشريحة
الشباب الذين لايزالون يأخذون مصروفهم من أهاليهم.
الملل هو السبب وأرجع محمد خضر المهيدي طالب في كلية الحقوق في دير الزور أيضا السبب في جلوس شباب دير الزور في المقاهي إلى الملل الذي يصيب غالبية الشباب في فترة المساء وأيضا قلة المتنزهات وأماكن الترفيه في المدينة فلا يوجد مكان يذهبون إليه سوى المقاهي على حد تعبيره فهي تقدم متطلبات
الترفيه والتسلية وإضاعة الوقت بالإضافة إلى ممارسة الألعاب التي يحبها الشباب من ورق الشدة والطاولة والشطرنج.
قلة فرص العمل
بدوره بين أحمد جعفر 30 عاماًَ وهو حاصل على شهادة بكالوريوس في الأدب العربي أن قلة فرص العمل بالنسبة للشباب بالإضافة إلى عدم توفر معاهد لتلدرب وتعلم اللغات ورالمهارات ساهمت في تزايد نسبة مرتادي المقاهي فالمعاهد الموجودة في المدينة للتعلم تحتاج إلى الكثير من المصاريف ليس باستطاعة غالبية الشباب تحمل عبء هذه المصاريف كما أن المحافظة تفتقر لوجود المكتبات الضخمة المليئة بالكتب الحديثة والروايات العالمية وهي التي تستطيع جذب غالبية الشباب إليها.
حميدي : وبحكم العادة والأسباب الاقتصادية وعدم توفر نواد علمية وثقافية كافية تقف وراء هذه الظاهرة..
الدكتور نجم حميدي عميد كلية الاقتصاد التابعة لجامعة الفرات بدير الزور يقول: إن ارتياد معظم الشباب في المحافظة للمقاهي يعود لعدة أشباب تنقسم تلك الأسباب إلى ثلاث مجموعات الأولى تتعلق بالعادات والتقاليد التي كرست مثل هذه العادة لفترة طويلة من الزمن حيث تعد المقاهي في ذاكرة أهالي دير الزور مكاناً للتجمع ورؤية الأصدقاء وتبادل الأفكار وفي بعض
الأحيان ممارسة بعض الألعاب التي تقدمها المقاهي حتى أنه في بعض الأحيان نلاحظ أن هناك شريحة من الشباب التي ترتاد المقاهي وكأنها تعلن دخولها في مجتمع الرجال.
أما المجموعة الثانية فتتعلق بالأسباب الاقتصادية وأهمها البطالة والتي تدفع بالشباب إلى قضاء أوقاتهم في تلك المقاهي وقضاء أوقات كان من الممكن أن
تستثمر في اكتساب مهارات مهنية وعملية تساعد على تجاوز أخطر مشكلة اقتصادية واجتماعية وهي البطالة.
في حين أن المجموعة الثالثة تعود لعدم توفر بديل أخر أكثر فائدة من المقهى في مجتمع دير الزور ويستطيع أن يستوعب هذه الطاقات أي أندية ثقافية واجتماعية يمكن أن توجه هذه الطاقات باتجاه أنشطة اجتماعية وثقافية تساهم في إعداد هؤلاء الشباب بما يتناسب مع إمكاناتهم وهواياتهم.
وبين عميد الكلية عدداً من النقاط لمعالجة هذه الحالة الاجتماعية لدى الشباب وهي تكريس ثقافة العمل واستثمار الطاقات بأعمال أو مشاريع صغيرة وعدم الاعتماد فقط على الوظيفة الحكومية بالإضافة إلى إقامة
العديد من الندوات التي تركز على أهمية جانب الوقت واستثماره في حياة الإنسان بقضايا مهمة ذات هدف على مستوى الشخص والمجتمع.
وكذلك تكثيف العمل من قبل الحكومة لوضع برامج من أجل مكافحة والتخفيف من ظاهرة البطالة وخاصة عند الشباب كتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة بالإضافة إلى إقامة مسابقات لتمويل بعض المشاريع
الخلاقة عند الشباب بمزايا تفضيلية وهذا يحقق هدفين في نفس الوقت وهما :الأول تنمية أفكار المبدع تماشيا مع مشروع الإصلاح الاقتصادي في سورية والهدف الثاني تأمين فرص عمل مهمة.
كما لابد من العمل على تأسيس نوادٍ علمية وثقافية واجتماعية وتفعيل برامج المؤسسات الثقافية وحض الشباب على متابعتها وهذا مدخل هام لتغيير بعض العادات السلبية ما يساهم في تكريس ثقافة تطوير رأس المال البشري الذي نفتقده في مجتمعاتنا مثل تكريس قيمة العمل وإتقانه.