وحسب التقرير -الذي أعدته إدارة الأمم المتحدة للشؤون الاقتصادية والاجتماعية- فقد جاء بعد السودان في سلم الدول التي تضررت من ارتفاع أسعار الغذاء كل من باكستان وتنزانيا وتشاد ومالي وكينيا والهند، حيث تراوحت نسبة الارتفاع في هذه الدول ما بين 41% و56%.
والغريب أن أزمة ارتفاع أسعار الغذاء في السودان تحصل رغم تمتعه بمساحات زراعية شاسعة وأرض خصبة تتوافر فيها عوامل الإنتاج من مصادر للمياه وأيد عاملة.
وهذا الواقع وإن أقرت الخرطوم بوجوده نسبيا إلا أنها تحاول التخفيف منه معتبرة أنه لم يصل للحد الذي يخلف وراءه أزمات إنسانية أو مجاعات أو يجعلها على الأقل على رأس تلك القائمة.
وذكر سليمان سيد أحمد - مستشار وزير الزراعة السوداني- أن التصاعد المستمر لمعدلات التضخم في الاقتصاد السوداني خلال الأشهر الماضية قد أوصلها إلى مستوى 16% الشهر الماضي , وهذا المعدل الكبير من التضخم ينذر بقفزات مفزعة في أسعار السلع والخدمات في الفترة المقبلة.
وحذر احمد من أن أزمة في الأسعار ستتفاقم بشكل خاص عندما يفقد السودان عائدات نفط الجنوب في التاسع من الشهر الجاري , موعد إعلان دولة جنوب السودان ، مطالبا بمراجعة السياسات والاستراتيجيات التي خططتها الحكومة خلال الفترة الماضية.
الغلاء يهدد الحياة الاجتماعية
هذا وقد حذر عدد من الاقتصاديين من تفاقم الأوضاع الاقتصادية في السودان وانعكاساتها المباشرة على حياة الناس ، حيث أبدى عدد من السودانيين خشيتهم من أن يدفع ارتفاع تكاليف المعيشة إلى اختفاء الألفة والترحاب بالضيوف في البيت السوداني، ويحل محلها الخوف والعجز عن عدم الإيفاء بالضروريات.
وتفيد تقارير صحفية أن أحد التجار العاملين في سوق أم درمان اشتكى من أن الارتفاع الكبير لأسعار بعض السلع جعل الناس يعزفون عن الشراء وخاصة للمواد التي لا تدخل ضمن السلع الرئيسية.
وعن ارتفاع الأسعار ذكر على سبيل المثال أن سعر الزيت ارتفع بشكل كبير، حيث زادت قيمة قارورة الزيت ذات الـ(4.5) أرطال إلى 45 جنيها (18 دولارا) بعد أن كان سعرها 25 جنيها، والبصل من سبعة جنيهات إلى عشرة.
بحثاً عن حلول
وإزاء هذه الأوضاع الاقتصادية الصعبة فإن الحكومة السودانية تبحث عن حلول لفترة مابعد انفصال الجنوب, وحث عبد الرحمن عمر, الأستاذ بجامعة جوبا على معالجة سريعة لمشكلات الاقتصاد المتلاحقة ولاسيما غلاء الأسعار العالمي وذلك بإقامة الجمعيات التعاونية، وتوفير الاحتياجات الأساسية، والتوسع في زراعة القمح، وإحياء المشروعات المهجورة في جميع أنحاء السودان.
كما طالب بتفعيل دور البنك الزراعي في تمويل صغار المزارعين ودعم الأسر الفقيرة، ودعم فاتورة الكهرباء والماء.
ومن جهتها تعتقد وزارة المالية أن ما حدث من زيادات جنونية للسلع لم يكن مفاجئا، بل كان هناك تدرج في الخلل وسوء السياسات الاقتصادية من خلال إدارة الدولة للمال بطريقة غير رشيدة في الصرف والاقتراض.
وقالت إن إهمال القطاعات الإنتاجية والترهل في الصرف الحكومي بصورة عشوائية فاقم الأزمة الحادثة ,خاصة الإنفاق المفرط في مرافق الحكومة، ما شكل ضغوطا على الاقتصاد وعلى سعر الجنيه الذي يعاني أصلا من عدم الاستقرار مقابل العملات الأجنبية.