ولا أعتقد أيضاً أنني أضيف معلومة مفيدة إلى معارف القراء عندما يشير أحدنا إلى رجال من هذا الطراز لا يصنفون بحسب المعتقد أو اللون أو المكان، ومن هنا التأكيد أن الفعل هو الذي يلعب دوراً في عملية التصنيف بين الرجال، كما تلعب دوراً مهماً قياساً على دور الرجال في تعاطيهم مع هذا الظرف أو ذاك في هذا السياق.
تدور هذه الفكرة في ذاكرتي منذ يومين تحديداً وذلك بعد أن استمعت إلى حديث غبطة البطريرك يوحنا يازجي، خلال مؤتمره الصحفي الذي عقده في كنيسة الصليب المقدس في دمشق مؤكداً أننا دعاة سلام ومحبة ومن هذا المنطلق ستبقى كنيستنا، الكنيسة الأنطاكية، ستبقى متعاونة مع كل الأطياف التي تعيش في هذا الوطن.
ومعلوم أن أي وطن في الدنيا، لا في الظروف الاستثنائية فقط، بل حتى في الظروف العادية يحتاج إلى من يؤمن بأن المستقبل المنشود يتوقف على قدرة الإنسان على حسن تفهمه لهذا الظرف أو ذاك وتحديد مساره وإن كانت دربه حافلة بالشوك والحفر وكل ما قد يعيق دربه إلى حيث يصبو، واليوم ونحن نحيا هذا الظرف الاستثنائي بفعل التدخلات الخارجية ودفع البعض للالتزام بتنفيذ أجنداتها في رسم حاضر وطننا ومستقبله، من الطبيعي أن نجد بيننا رجالاً يؤمنون بأن الرسالات السماوية دعت إلى مسيرة تجدد في كثير من الأمور الحياتية الروحية والإدارية في آن وجاءت بالتالي لتجديد الذهن والعقل والقلب في الإنسان، على حد قول غبطة البطريرك في معرض إجابته عن أسئلة الصحفيين.
بهذا المعنى أحببت أن أنوه بما يرمي إليه غبطة البطريرك، وخصوصاً في مناسبة احتفالاتنا بعيدي الميلاد ورأس السنة، وذلك في سياق فهمي لما عناه غبطته بقوله مخاطباً أينما وجدوا: علينا أن نتذكر القول الإلهي: «لا تخافوا أبشركم بفرح عظيم» مضيفاً في السياق المتصل: ونحن نعيش على هذا الرجاء مهما كانت الظروف والشدائد والصعوبات قاسية، وهذا هو إيماننا ببلدنا الحبيب سورية.
ويشهد لنا التاريخ كم أعطينا للعالم من علماء وأدباء وفنانين ومن رجال دين كانوا رسل بلادنا، بلاد الشام عموماً، لا تزال بصماتهم تشهد لهم بأنهم كانوا رجالاً لهم مواقفهم التي لا تنسى، مثلما كانوا رسل سلام ومحبة لا حملة سلاح وفدوا إلى أرضنا من أقاصي الدنيا لقتلنا وتدمير بلدنا.
Iskandarlouka@yahoo.com