وأقوم بتسديد ديوني التي تراكمت خلال العام والديون المدّورة من أعوام سابقة عسى ولعل إذا مشيت في الشارع لا أسمع أصوات الدائنين المطالبين بدفع تلك الديون المستحقة، المهم السؤال الجوهري الذي يطرح نفسه: برأيكم هل توافق إدارة المعرض على طلب السلفة؟ ليتها تفعل ذلك.
وعلى سيرة البطاقة الرابحة، بقية المبلغ بعد تسديد المستحقات سأقوم بشراء ليتر المازوت بالسعر الرائج، وليس بالسعر الرسمي كي ينعم الأولاد بالدفء في هذه الأيام، وربما أقوم بوضع سيخ طاسة المدفأة على وضعية «شرير» حتى يتسرب الدفء إلى الجيران، لأن الذي لاخير له لجيرانه ولأهله لا خير فيه، وسأقوم بشراء جرّة الغاز الملأى بألف وخمسمئة ليرة وسأدفعها من طرف الجيبة، كونها متوفرة بهذا السعر، ومفقودة بالسعر النظامي، وسنقوم في البيت بطبخ أكثر من طبخة في اليوم، حتى لو قالوا: هذه «بعزقة» وقبل أن أنسى، أيضاً سأشتري مولدة كهرباء وساعتها لا يهمني قطع الكهرباء، وأرتاح من الشمع ومشكلاته، رغم هدوئه في الاشتعال وصمته في الاحتراق، على عكس ضجيج المولدات وكأنها في معركة، مع العلم أنني لا أفهم لغة صراخها، ولاتدعني أسمع رنين الموبايل في جيبي عندما أكون في الشارع.
بالمناسبة مقومات الغني في هذه الأيام ليست بالأموال التي يملكها والبيوت التي ليس بحاجتها، بل أصبحت بعدد جرار الغاز الملأى في بيته، وخزان المازوت الملآن أيضاً وقوة مولدة الكهرباء واستطاعتها، وعدد ربطات الخبز الاحتياطية في البيت وتعدد روائح الطبخات في البيت.
لكن أعدكم إن حلت أزمة المازوت والغاز والخبز وعادت إلى وضعها الطبيعي سأتخلى عن البعزقة المصطنعة التي افتعلتها، أو حلمت بها وأنا صاحِ، وربما أتخلى عن الجائزة كلها، وقد أقوم ببيع بطاقة اليانصيب التي اشتريتها وبالسعر الرسمي، لأن أمثالي، وهم كثر، أحلامهم صغيرة ولا تتعدى متطلبات الحياة اليومية العادية التي كنا ننعم بها منذ وقت قريب.
بعد الأخير
أحدهم قال لجاره بعد السلام إن حصانه خرّب له البستان، فاستغرب الجار كلامه وقال له: أنا ليس لدي حصان، فأجابه، وأنا ليس لدي بستان لكن نفتح حديثاً بيننا يا جار!