وإرسال خبراء أجانب على الأرض بدعاوى تدريب ومساندة الثوار لم تسحب الجامعة هذا التفويض؛ وإنما اتبعت أسلوب العجز الرسمي، والمتمثل في الشجب والإدانة لقتل المدنيين دون إدراك أن من حق الجامعة العربية سحب هذا التفويض للغرب وطائراته في ليبيا.
وانخرطت الجامعة العربية في النهج التآمري على الشعوب العربية مما افقدها دورها وشرعيتها، وما سيطرة قطرعليها وتسييرها بالاتجاه المرسوم لها إلا الدليل الملموس على حالة هذه المؤسسة وواقعها المرير.
وشكلت اجتماعات مجلس الجامعة العربية فى دورتها العادية الـ136على مستوى المندوبين الدائمين والتي انتهت في 14/9/2011 على مستوى وزراء الخارجية، انقلاباً خليجياً داخل الجامعة ورغبة في السيطرة على مقاليد الأمور، والتحكم في قراراتها السياسية ضد سورية الدولة المحورية في المنطقة والعالم.
وأثار إعلان الأمانة العامة للجامعة العربية بشكل مفاجئ في الجلسة العلنية لوزراء الخارجية العرب، ( أن من سيتسلم الرئاسة قطر وليست فلسطين ) استنكاراً لدى الوفود العربية للموقف القطري، وبالرغم أن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ووزير خارجيته رياض المالكي أبديا امتعاضهما أيضاً إلا أن التنسيق القائم بينهما وبين قطر منعهما من الاعتراض.
وبالتالي أصبحت الجامعة العربية في جيب حكام دول مجلس التعاون الخليجي، وخصوصا قطر والسعودية فسارعت تلك الأطراف لتدويل الجامعة العربية، أي تسجيلها في النادي الأميركي وكذلك في الورشة الأطلسية (الناتو).
وحول قرارات الجامعة بشأن سورية قال وزير الخارجية اللبناني عدنان منصور في 13 شباط الماضي إن قرارات وزراء الخارجية العرب حول سورية اتخذت منحى خطيراً، مشيراً إلى أن لبنان تحفظ على تلك القرارات، نظراً لما تحمله من بنود خطيرة، وقال إن من بين تلك البنود وقف كل علاقة دبلوماسية مع سورية وأيضا في المنظمات والمحافل الدولية وتشديد العقوبات عليها تجاريا واقتصاديا ووقف التعامل معها إضافة إلى بند آخر بالنسبة «لدعم المعارضة السورية» وتقديم كل الوسائل السياسية والمادية لها، وقال تبين أن هناك منحى خطيرا يحول الملف السوري ويتيح الفرصة للتدخل الخارجي ولتدويل المسألة السورية لأن القرارات أيضا تقول انه يجب إنشاء قوات أمن عربية وأممية والتحضير لقوات أممية وهذا يحمل أبعادا خطيرة على المدى المقبل.
ووصف العديد من المحللين السياسيين العرب قرار تعليق كافة انشطة الجمهورية العربية السورية في اجتماعات الجامعة بأنه صدر بتوجيهات وضغوط (صهيو-اميركية) وان الجامعة العربية نفذت اجندات خارجية بهذا القرار.
ويرى المراقبون ان قطر تقوم بدور وظيفي في خدمة الولايات المتحدة يكمن باحتضانها للحركات الإسلامية الصاعدة سياسياً في العديد من الدول العربية ومن ثم تطويع هذه الحركات لتحييدها وتصفية عدائها لأميركا وسياساتها، بما يفترضه هذا الاحتواء من تعليق القضية الفلسطينية تحت عنوان تأجيلها لضرورات تقتضيها البراغماتية والواقعية السياسية.
في المقابل فإن الدور القطري هو جلب الموافقات الاميركية لصعود الحركات الاسلامية الى الحكم في بلدانها لقاء قيامها بأدوار مكملة للدور الوظيفي القطري في خدمة الاستراتيجية الاميركية وتسهيل سيطرتها على المنطقة وتحكمها بثرواتها، وفي هذا الاطار يأتي استقبال قطر لمكتب تمثيلي لحركة طالبان الافغانية. ويؤكد الباحث السياسي الأميركي وليم جوبز ان الولايات المتحدة تشن حربا بالوكالة عن طريق قطر والجامعة العربية على سورية ومن ورائها ايران لاسقاط النظام فيهما تمهيدا لايجاد جغرافيا جديدة في الشرق الاوسط تحت مظلتها، مؤكداً أن اسقاط سورية سيمثل صفعة لروسيا والصين ايضاً.