وحتى هذا الوقت حيث تروج قطر عبر منابرها السياسة والإعلامية لسياسات الرئيس محمد مرسي ولدستوره الجديد وتنفق الأموال في سبيل ترجيح كفة أنصار مرسي وتعويم الدستور الذي يجابه من المعارضة والقوى السياسية المصرية بكل قوة في محاولة لإسقاطه .
موقع ويكيليكس فضح التعاون بين قطر وإسرائيل في وثيقة أخيرة حصل عليها تؤكد أن الهدف الرئيسي لقطر ليس مصلحة الشعب المصري أو حصوله على الحرية كما يدعون لكن تخريب مصر وإشعال مزيد من الفتن فيها ليس فقط بمحاولاتها وتحريضها المستمر على إسقاط نظام مبارك ولكن أيضا من خلال تحريض المصريين ضد بعضهم البعض .
وكشفت وثائق خطيرة سربها الموقع أن لقاءً سرياً جمع بين حمد بن جاسم وزير الخارجية القطري ومسؤول إسرائيلي نافذ في السلطة، كشف فيه للمسؤول الإسرائيلي أن الدوحة تتبنى خطة لضرب استقرار مصر بعنف، واللعب بمشاعر المصريين لإحداث هذه الفوضى.
وكان موقع ويكيليكس قد أشار إلى أن لديه 7 وثائق عن قطر، نشر منها 5 وثائق، وحجب وثيقتين بعد تفاوض قطر مع إدارة الموقع الذي طلب مبالغ ضخمة حتى لا يتم النشر لما تحويه من معلومات خطيرة عن لقاءات مع مسؤولين إسرائيليين وأميركان وأن هذه اللقاءات كلها للتحريض ضد مصر، وعلى الرغم من أن الموقع التزم بسريه الوثيقتين بعد أن حصل على الثمن من القطريين، إلا أنه تم تسريبها إلى عدد من وسائل الإعلام، أهمها صحيفة الغارديان التي نشرت نصهما على موقعها .
وأكدت الوثيقتان أن وزير الخارجية القطري وعدد من المسؤولين الإسرائيليين والأميركيين أنه بمجرد خروج المصريين إلى الشارع فإنه سيكلف الإعلام ببث كل ما يزكى إشعال الفتنه في الشارع ليس فقط بين المصريين والنظام ولكن بين المصريين بعضهم البعض.
ولمن لا يعلم كان هناك مخطط نجح تماما وأتى بثماره كاملة.. وهو مخطط الإطاحة بالرئيس المصري محمد حسني مبارك وإذلاله، المخطط تكشفه دراسة أعدها الباحث عبد العزيز الخميس، وهو كاتب سعودي مقيم الآن في لندن، وعمل بجريدة الشرق الأوسط ثم رأس تحرير مجلة المجلة.
دراسة الخميس تحمل عنوان (دور مشروع مستقبل التغيير القطري الأميركي في إشعال الثورات العربية) ونشرتها مجلة (وجهات نظر).. وما يهمنا فيها ما قاله عن مصر، ففي شباط 2006 عقد في الدوحة (منتدى المستقبل) وسط اهتمام كبير من قبل الحكومتين القطرية والأميركية، وكان الخميس أحد المدعوين له، وفي إحدى طرقات المنتدى قابل الدكتور عبد العزيز الدخيل الاقتصادي السعودي وكان غاضبا لرؤيته أن هذا المنتدى ليس سوى حلقة نقاش وإعداد للمؤامرات على دول المنطقة من قبل المخابرات الأميركية بتواطوء قطري.
يقول الخميس: خلال هذا المنتدى تم توزيع المهام.. قطر تعمل على جانب الإسلاميين وأميركا على الشباب المنفتح الليبرالي، وقد أثمر هذا التعاون كثيرا في تحفيز الشباب على( قيادة التغيير) باستعمال أدوات الإعلام الحديث والاتصال الإلكتروني، ولم يكن صحيحا أن الإخوان المسلمين انضموا إلى صفوف (الثورة) متأخرين، فقد عملوا على الحشد ضد نظام مبارك تحديدا منذ العام 2006 بدعم مباشر من قطر.
دعم قطر للإخوان جاء عبر مشروعين، الأول هو مشروع (النهضة) الذي أداره الدكتور جاسم سلطان، والثاني مشروع (أكاديمية التغيير) الذي أداره زوج ابنة القرضاوي، وهو منفذ مهم لما ينظر له جاسم سلطان من خطوط فكرية ومنهج (للتغيير والنهضة).
وبالفعل تم تنظيم تدريبات وبرامج إعداد عبر الإنترنت لاستخدام الإعلام الرقمي، ويذهب الخميس إلى أنه لنعرف كيف نجح مشروع النهضة في المساعدة في (الثورة المصرية)، فلابد أن نتعرف على عبد الرحمن المنصور، الذي أنشأ صفحة (كلنا خالد سعيد) التي بدأت الدعوة لمظاهرات( يوم 25 يناير).
ويكشف الخميس في دراسته عن أن هناك الكثير من التقارير التي تشير إلى أن لقطر أدوات أخرى في إحداث (التغيير في مصر)، ففي حلقة نقاشية عقدت في جامعة بريطانية، وكانت الحلقة مغلقة على باحثين ومتخصصين تساءل خبير بريطاني: لماذا لم يسلط الإعلام العربي الأضواء على الجهد القطري في (الثورات العربية) بشكل كاف؟ ولما أجاب عليه أحد الأساتذة العرب مشيرا إلى قوة قناة الجزيرة وسحرها الذي نجح في المساعدة على إسقاط أنظمة عديدة، رد عليه أن القطريين لم يستعملوا فقط قناة الجزيرة بل قاموا بإدارة المعركة عملياً.
الخبير البريطاني أشار إلى (أكاديمية التغيير) التي كانت وسيلة قطر في (التغيير)، قال عنها: هذه الأكاديمية تأسست في 2006 وهي ليست إلا واحدة من أبرز أدوات المشروع القطري لإحداث الاضطرابات وإسقاط الأنظمة العربية، وقد يكون مفهوما ما تريده الأكاديمية القطرية من وراء ذلك كله، وخاصة أنها تنفق بسخاء عليها، على ضوء ما يقوله الناقدون لها ولدورها من أنها ليست إلا مشروعا إخوانياً قطرياً، هدفه السيطرة على أنظمة عديدة عبر تحريك شعوبها ثم تتويج إخوان محسوبين على قطر على الأنظمة العربية الجديدة، وبالتالي وقوع دول كثيرة تحت سيطرة قطرية غير مباشرة.
ولعل سياسة قطر غير الحيادية ودعمها الاقتصادي لمشروع مرسي في سياق أحداث مصر الأخيرة ووقوفها ضد الاحتجاجات الشعبية الواسعة على دستور مرسي الجديد ما هو سوى استمرار سكب المزيد من البنزين على النار وقد اعتبر القرضاوي أن التصويت ضد الدستور سيفقد مصر 20 مليار دولار رصدتها قطر لهذه الغاية، والقاسم المشترك لجمیع الدول والأحزاب والمجموعات التي أيدتها قطر وقدمت لها المساعدات المالیة والمعادیة، هو إسلامية هذه المجموعات وهو ما تقوم به حالياً في مصر، فقطر قدمت وتقدم المساعدات المختلفة لجماعة الإخوان المسلمین وللتیارات القریبة منها فكریاً .