تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


أيقونة النغم..وصوته الذي لايغيب..

ثقافة
الخميس 27-12-2012
فاتن دعبول

حكمته في الحياة « أن الإنسان عبد للزمن، ويجب عليه استثمار كل لحظة من حياته والتخلص من كلمة سوف وغداً، وبرأيه أن سر نجاح صلحي الوادي، يكمن في أنه لم يكن يقول غداً ابداً، بل كان يخطط وينفذ فوراً، ويسعى للحصول على ما يريد من أجل قضية يتبناها ويطرق أبواب المسؤولية في سبيل ذلك..».

كلماته لا تزال تتردد على مسامعي منذ زيارتنا له في منزله في حي الروضة حيث يقطن، فرغم بلوغه من العمر الثمانين ونيف، إلا أنه كان يتألق أملاً ونشاطاً، استقبلنا بحفاوة ولم يبخل علينا بأي معلومة، بل قال «أنا على استعداد أن أقدم لكم ما تريدون حتى لو تطلب الأمر يوماً كاملاً»....‏

كان يطمح أن يكون موسيقياً، لكن حلمه لم يتحقق، وخصوصاً بعد أن استسلم لنصيحة أستاذه الذي قال له « أنت تصلح للبحث والنقد لأكثر من تأليف الموسيقا... وذلك بعد أن سمع مقطوعة موسيقية كان ألفها بعنوان « قصة هنغارية» فقال له: أين هنغاريا فيها؟؟»..‏

وقد تمكن الناقد الموسيقي صميم الشريف من وضع خارطة أرشيفية وتحليلية للموسيقا والغناء في العالم العربي عبر دراساته وكتبه التحليلية والنقدية والتاريخية، وأغنت مؤلفاته النقدية المكتبة العربية بعدد من الأبحاث والدراسات الموسيقية، إذ ترك مساحات كبيرة على مستوى النقد الموسيقي العلمي، وهو بذلك يمتلك قدرة على كشف تفاصيل الجملة الموسيقية، ويميز بين الاستماع للموسيقا الغربية  التي تدعو للتفكير والتأمل وبين الاستماع إلى الطرب التأملي في الموسيقا العربية...‏

ومن تحليلاته للأغنية السورية على وجه الخصوص، وأنه يعدها أحد ألوان الغناء في العالم العربي الكبير، لأنها تمتلك لونها الخاص وطريقتها في الأداء عبر اللهجة واللكنة التي تميز الثقافة السورية المحلية..‏

وهو بالمقابل يمتلك أذنين موسيقيتين واحدة للموسيقا الكلاسيكية بكل أطيافها، وأخرى للموسيقا الشرقية والعربية..‏

ويعد أحد أهم المؤرخين والباحثين الموسيقيين الموسوعيين الذين نحني لهم الهامات، نظراً لما له من دور في استعادة الموسيقا العربية لمكانتها المرموقة واستحضار آفاقها الجمالية السامية، وقد تمثلت خبرته وجهوده تجاه هذه الموسيقا في رصد تاريخها وتتبع مراحل تطورها وتوثيق أعلامها، ومن مؤلفاته:‏

«أنين الأرض، أساطين الموسيقا العالمية، عندما يجوع الأطفال، الأغنية العربية، السنباطي وجيل العمالقة...»‏

إضافة إلى العديد من الحوارات والمحاضرات وإعداد برامج إذاعية وتلفزيونية تحدث فيها مطولاً عن تجارب الموسيقيين والمبدعين العرب..‏

من آرائه «أنه لا يوجد ما يسمى موسيقا شبابية، بل هناك موسيقا متأثرة بموسيقا الجاز تقوم على الارتجال، وقد أخذ الموسيقيون المعاصرون ايقاعات موسيقا الجاز، والجاز نوعان « الجاز الأنيق الذي أعطانا التانغو، السلو، الرومبا، أما النوع الآخر  فقد جاء بايقاعات مبنية على الصراخ والضجيج، وهذا النوع انفعالي يعتمد على الضوضاء»...‏

كرس الراحل حياته جاهداً للنهوض بالموسيقا العربية، وإعادتها إلى ألقها في عصرها الذهبي، لكنه قضى، وهو لا يزال ينتظر جيل مبدعيها...‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية