تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


صميم الشريف... حارس الموسيقا العربية

ثقافة
الخميس 27-12-2012
أحمد بوبس

عندما وصلني نبأ رحيل الناقد الموسيقي صميم الشريف أصبت بغصة. فالراحل العزيز كان بالنسبة لي الأستاذ والصديق. فبه اقتديت في ماقمت به من جهود في التأريخ للحركة الموسيقية. ولقيت منه كل تشجيع في ذلك.

وأذكر إنه بعد أن أصدر آخر كتاب له (الموسيقا في سورية) في طبعته الثانية الموسعة بُعيد مرضه الأخير، قال لي أنه لم يعد قادراً على العمل بسبب المرض، وأن عليّ أن أتابع المهمة وحدي. وبذلك حملني مسؤولية كبيرة، أرجو أن أكون على قدرها.‏

وأول معرفتي بصميم الشريف كان خلال دراستي في المرحلة الإعدادية عام 1962، عندما كان يدرّسنا مادة الموسيقا. ومن دروسه الممتعة بدأت ثقافتي الموسيقية. فمنه تعرفت على أساطين الموسيقا العالمية. وعندما تعارفنا من جديد بعد دخولي الصحافة كان أول مشجع لي على اقتحام مجال التوثيق والتأريخ الموسيقي.‏

وصميم الشريف خريج المعهد الموسيقي الشرقي. ومارس نشاطه الموسيقي عازفاً على المندولين في الأندية الموسيقية الدمشقية. وعمل في تدريس الموسيقا في ثانويات دمشق حتى تقاعده الوظيفي. لكن نشاطه الموسيقي الأهم كان في مجال النقد والتوثيق الموسيقي.‏

ففي هذا المجال أصدر خمسة كتب. أولها (أساطين الموسيقا العالمية) عام 1954. والثاني(الموسيقا العربية) عام 1981 الذي تناول فيه بالنقد الحركة الموسيقية العربية. ثم جاء كتابه الثالث (الموسيقا في سورية) عام 1987 الذي وثق فيه لمجموعة من الموسيقيين والمطربين السوريين، وصدر هذا الكتاب في طبعة جديدة وموسعة عام 2011. والكتاب الرابع حمل عنوان (السنباطي وجيل العمالقة) عام 1988، وفيه تناول المسيرة الموسيقية لرياض السنباطي، وصدر الكتاب في طبعة ثانية مزيدة عام 2010. وضمن فعاليات مهرجان الأغنية السورية صدر له عن المهرجان كتاب (نجيب السراج عصر من الموسيقا والغناء) وثق في لمسيرة الفنان السوري الكبير نجيب السراج.‏

وعلى صعيد التلفزيون أعد صميم صميم الشريف العديد من البرامج الثقافية والموسيقية. ففي عام 1961 أعد أول برنامج له وعنوانه (نافذة على العالم)، وهو برنامج يعرفنا بثقافات شعوب العالم، واستمر البرنامح نحو عشر سنوات. ثم انتقل بعد ذلك إلى البرامج الموسيقية فأعد برنامج (العصا السحرية) الذي قدم في روائع الأعمال الموسيقية الأوروبية الكلاسيكية. وبرنامجه الثاني حمل عنوان (فنون الشعوب) وقدم فيها موسيقا ورقصات شعبية من كثير من دول العالم. أما برنامجه الثالث فكان (أساطين النغم) الذي عرفنا هذه المرة فيه بعمالقة الموسيقا العربية. وآخر البرامج التلفزيونية التي أعدها كان (من ذاكرة التلفزيون) الذي قدم فيه أعمالاً موسيقية ودرامية من أيام الأبيض والأسود، ولاقى البرنامج نجاحاً واسعاً. وإضافة إلى البرامج أدار للتلفزيون العديد من الندوات الموسيقية التي استضاف فيها موسيقيين وباحثين سوريين وعرباً.‏

وإذا كانت الموسيقا قد شغلت معظم حياة صميم الشريف، فإنه كان للأدب مساحة في حياته. فكتب القصة وأصدر فيها مجموعتين (أنين الأرض) و(عندما يجوع الأطفال). وتولى أمانة تحرير الموقف الأدبي، وانتخب عضواً في المكتب التنفيذي لإتحاد الكتاب العرب.‏

مسيرة حافلة بالعطاء خاض غمار الحياة مربيا وموسيقياً وباحثاً وأديباً. رحمك الله ياأساتذي الغالي، وأي دمعة حزن مهما كبرت لاتكفي لفراقك.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية