تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


التصحر والجفاف ذريعة.. لكن الجوع ظاهرة سياسية !!

قاعدة الحدث
الخميس 21-6-2012
إعداد : سليمان قبلان

مرَّ كوكب الأرض عبر العصور بالكثير من المجاعات، نتيجة غضب الطبيعة وكوارثها من جهة, وهمجية الإنسان وحروبه من جهة ثانية، أو من الجهتين معاً كالمجاعة المريعة التي حدثت في البنغال عام 1943 شرق الهند.

محللون أكدوا أن الإنسان هو المسبب الأكبر لظاهرة الجوع, من حيث سعيه لتحقيق مصالحه على حساب مصالح غيره. وباحثون أشاروا إلى أن أسباب المجاعات في العالم تعود لأسباب عديدة مثل الجفاف والتصحر إلا أن الواقع يشير إلى أن الجوع ظاهرة « سياسية» بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.‏‏

ويعتبر تقلص نسبة المساحات الخضراء والمزروعة أو ما يسمى « التصحر» السبب الرئيسي لمعظم المجاعات وحالات التشرد تقريباً، وقد يؤدي شح الأمطار أو غزارتها إلى حدوث التصحر، ففي كل من إفريقيا والصين والهند تعرضت هذه المناطق لأشد أنواع المجاعات بسبب ندرة سقوط الأمطار، حيث قضت مجاعة جنوب الهند في سبعينيات القرن التاسع على أكثر من خمسة ملايين شخص، وفي الفترة نفسها أدت المجاعة في الصين إلى وفاة ما يقارب تسعة ملايين شخص من السكان ومنذ أواخر ستينيات القرن العشرين يرجع موت الملايين من الأفارقة إلى الجفاف والجوع، أما الأمطار الشديدة والغزيرة فهي تؤدي بدورها إلى تدمير المحاصيل الزراعية وحدوث الفيضانات في الأنهار، وبالتالي تدمير الأراضي الزراعية من حولها وجرف تربتها ، ولهذا السبب أطلقت الصين على نهر هوانغ الذي يجري في شمالها اسم «حزن الصين» لأن هذا النهر غالبا يفيض ويقضي على كل ما حوله من محاصيل زراعية ومساحات خضراء كما حصل عام 1930 حيث فاض هذا النهر وجرف المحاصيل الزراعية حوله ، وسبب مجاعة صينية كبيرة قضت على ما يقارب مليونين من السكان .‏‏‏‏

ومن بين العوامل التي تؤدي إلى التصحر أيضاً, الزلزال الذي يعد من أهم أسباب حدوث المجاعات، فهو ينشأ كنتيجة طبيعية لأنشطة البراكين أو نتيجة لوجود انزلاقات في طبقات الأرض .‏‏

علماء أكدوا أن الصقيع المبكر وأمواج البحر المتلاطمة التي تحدث نتيجة المد والجزر، كلها عوامل من شأنها أن تؤثر على مساحات واسعة من الأراضي فتفسد المحاصيل .‏‏‏‏

كما تسبب فيضان الأنهر في السودان في انتشار المجاعات فيها عام 1989 ويعتبر ما حدث في الباكستان منذ عامين مثالا على هذه الأمطار التي تؤدي إلى فيضانات تسبب التشرد والجوع.‏‏‏‏

ومن الأسباب المباشرة أيضا لتدمير المحاصيل الزراعية وحدوث المجاعات انتشار الأمراض والآفات الزراعية، فبين عامي 1841 و 1851 أدى تفشي أمراض النباتات في ايرلندا إلى مجاعة طالت حوالي مليونين ونصف المليون من سكان هذه البلاد.‏‏‏‏

وتعد الكوارث الطبيعية كمهاجمة أسراب الجراد للمحصول الزراعي وتدميره بالكامل من أسباب المجاعة أيضا، وهذا ما حصل أكثر من مرة في بعض المناطق الإفريقية.‏‏‏‏

وتأتي الأعاصير لتشكل عاملاً آخر لحدوث المجاعات, حيث أفاد أحد المتخصصين أن الأعاصير أصبحت أكثر تدميرا على مدى الثلاثين عاما الماضية كإعصار كاترينا الذي ضرب مدينة نيو اورليانز الامريكية والذي يعد أحد أقوى الأعاصير.‏‏‏‏

وتوصف حرائق الغابات أنها من أخطر المشاكل بلا منازع حيث تتسبب هذه الظاهرة بالقضاء على مساحات خضراء شاسعة بالتالي حصول المجاعات، ويكون السبب الرئيسي لها هو المناخ الجاف وقد تستمر هذه الحرائق لأشهر وينجم عنها الكثير من المخاطر وخاصة انبعاث غاز أول أكسيد الكربون السام الذي يؤثر على الكائنات الحية كالحيوان والنبات.‏‏‏‏

ومثل هذه الحرائق لا حدود لها، فقد تصل لأكثر من دولة دون أن تتم السيطرة عليها ومثال على ذلك الحرائق التي نشبت في البرازيل عام 1998 والتي قضت على ما يفوق المليون هكتار من غابات السافانا, بالإضافة إلى المكسيك التي عانت من الجفاف على مدار سبعين عاماً، ما أدى لنشوب حرائق الغابات فيها، ومنذ عامين تعرضت روسيا لنفس الكارثة.‏‏‏‏

وبحسب المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية بالولايات المتحدة فإن عدد الجياع في العالم انتقل من848 مليون شخص عام 2007 إلى 923 مليوناً عام 2008 وبلغ1،023 مليار مع بداية عام2009ووصل إلى 925 مليوناً عام 2010وأكد المعهد أن الجوع يتسبب في وفاة أكثر من 25 ألف إنسان يومياً أي10 ملايين شخص سنوياً نصفهم من الأطفال بمعدل طفل كل خمس ثوان..ويقول خبراء إن معظم جياع العالم يعيشون في أكثر من 90 بلداً، ويصنف الخبراء الوضع في 33 دولة على أنه خطير للغاية منها المكسيك والسنغال وباكستان وغينيا وتعتبر بعض مناطق آسيا والمحيط الهادي وإفريقيا جنوب الصحراء من أكبر البؤر التي تتفشى فيها ظاهرة الجوع، وبحسب ما أوردته الصحيفة الأسترالية كاتييرا تايم فإن642 مليوناً من الجياع هم من سكان منطقة آسيا - باسفيك بينما يبلغ عدد الجياع في إفريقيا جنوب الصحراء 265 مليون جائع في حين يقدر عدد جياع أمريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبي ب 53 مليوناً مقابل 52 مليوناً في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من بينها حوالي 40 مليوناً بالوطن العربي، والجوع أشد خطراً من أمراض الإيدز والملاريا والسل مجتمعة.‏‏‏

مراقبون أكدوا أن بين عامي 2007-2008 ازداد عدد الجياع في العالم بمقدار 140 مليون نسمة، والسبب الرئيسي هو الانفجار الذي شهده العالم في أسعار المنتجات الغذائية بعد أن زادت السلطات الغربية مساعداتها ودعمها للوقود الحيوي لتحل زراعات العلف والبذور الزيتية محل زراعات القوت أو تحويل جزء من انتاج القمح والذرة إلى انتاج الوقود الزراعي، فضلاً عن أن انفجار ما يسمى «الفقاعة العقارية» في الولايات المتحدة ثم في بقية دول العالم تحولت مضاربات كبار المستثمرين إلى أسواق البورصة، حيث تم التفاوض على عقود السلع الغذائية في ثلاث بورصات أميركية كبيرة متخصصة في البذور.‏‏‏

رغم أن كوارث الطبيعة هي السبب في ظاهرة الجوع بالعالم, فيجب أن لا يغيب عن ذهن القارئ أن سياسات الدول الصناعية وشركاتها الاحتكارية في ما يتعلق بالمناخ وفرض زراعات معينة على دول بعينها وإتلافها لملايين الأطنان من المواد الغذائية في البحار, فقط للمحافظة على أسعارها المرتفعة في العالم, لهي السبب الرئيسي في انتشار المجاعات في إفريقيا وآسيا, إضافة إلى سياسات الحروب والفتن التي تنفذها الدول الغربية.‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية