|
مجموعة الاتصال حول سورية... وإيجابيات السياسة الروسية شؤون سياسية وتزداد أهمية هذه الخطوة – المبادرة، أنها تأتي بعد أكثر من شهر ونصف على عمل لجنة المراقبين الدوليين، وفي ظل اتضاح حقيقة مواقف الدول “المنشغلة” بالهم السوري من جهة، والتعاطي الرسمي الإيجابي السوري مع خطة عنان، ورفضها محلياً من قبل ما يسمى بـ “المعارضة الخارجية – استانبول” أو ما يسمى أيضاً بـ “الجيش السوري الحر” من جهة ثانية ومن يدعمهما. الخطوة – المبادرة الروسية الجديدة، التي يفترض أن يجتمع أعضائها (15-20 دولة) في العاصمة موسكو، أي برعاية روسية، تندرج في سياق الخطوات والجهود العديدة التي تبذلها موسكو، من رفض للعقوبات “الغربية” الأحادية ضد سورية، إلى استخدام الفيتو الروسي – الصيني المزدوج مرتين متتاليتين في مجلس الأمن الدولي، وإفشال مشاريع قرارات غربية منحازة ضد سورية، مروراً برفض العنف وتوجيه الاتهامات الصريحة للمجموعات المسلحة وعملياتها الإرهابية ضد مؤسسات الدولة ومواطنيها. ويلحظ في هذه المبادرة، التي أطلقها لافروف من طهران (الدولة التي تصر روسيا على حضورها هذا الاجتماع، وتعترض عليه بعض الدول الغربية) إلى جانب دول الجوار السوري، والدول الأخرى التي تتدخل عملياً في الأوضاع السورية (محور قطر – السعودية)، فضلاً عن الدول الأخرى “المنشغلة” بسورية وتفاعلاتها. كما أن هذه المبادرة الروسية، تأتي في سياق المحاولات الغربية لعقد مؤتمر جديد لما يسمى بـ “مجموعة أصدقاء سورية” في محاولة أخرى لتوحيد صفوف ما يسمى“المعارضات”، بعد أن فشلت، أكثر من مرة، في إيجاد لغة سياسية وتنظيمية حول كيفية التعامل مع الأزمة السورية وتبعاتها، وصولاً إلى مقاطعة العديد من قوى المعارضة الوطنية الداخلية ورموزها هذه اللقاءات (تونس، استانبول، باريس..الخ). لافروف اشار في مؤتمره الصحفي مع نظيره الإيراني علي أكبر صالحي، إلى أنه على (الدول المشاركة جميعاً أن تؤكد تأييدها العملي لخطة كوفي عنان). ووجه اتهاماً صريحاً، للمرة الأولى، للتدخل الأمريكي – الغربي، وبعض الدول الأخرى حول تزويدها للجماعات المسلحة بالأسلحة بهدف إسقاط الحكومة السورية، بعد أن كانت التصريحات الروسية السابقة تكتفي بالإشارة إلى التدخل الخارجي والأجنبي، على أهميته. ورغم أن الجلسة الأولى المفترض عقدها في موسكو، لن تشهد حضوراً رسمياً سورياً، أو “قوى المعارضة الوطنية الداخلية” فقد أكد لافروف أن سورية ستحضر الجلسات التالية وأن: (لا حل للأزمة من دون سورية، ولا مؤتمراً دولياً من دون مشاركة إيران). في رد منه على ترحيب “غربي” أولي، أعلنه وليام هيغ وزير الخارجية البريطاني: (أرحب بالفكرة الروسية وأنني أرى أن مشاركة إيران قد لا تكون ممكنة). في الوقت الذي رحبت فيه الخارجية الصينية بدعوة لافروف وأكدت: (رفضها إدراج خطة عنان ضمن الفصل السابع للأمم المتحدة وأي أسلوب آخر يميل إلى العقوبات والضغط). أعضاء مجلس الأمن الذين صوتوا بالإجماع على خطة عنان والمبعوثين الدوليين، لم يظهروا التزاماً عملياً بهذه الخطة، وواصلت العديد من القوى “الغربية” و”العربان” وتركيا تزويد “المعارضة” مادياً وإعلامياً ولوجستياً (أي عسكرياً) وهذا ما يتناقض مع خطة كوفي عنان أصلاً، الذي تحاول روسيا تطويرها عملياً وميدانياً. ففي الوقت الذي تنتقل فيه روسيا ومعها الصين من موقع التأييد للحل السياسي في سورية، ورفض وإفشال مشاريع التدخل الخارجي، (وهذا، يقره راهناً العديد من القادة الغربيين)، إلى موقع المبادر في تقديم أفكار جديدة، جوهرها كيفية الوصول إلى حلول عملية للصعوبات الداخلية السورية، على أساس خطة عنان وبخاصة الحل السياسي والسيادة السورية والحوار ووقف العمليات العسكرية. ولا نغفل هنا التصريحات الروسية - الصينية (قمة بكين الأخيرة للرئيسين بوتين وجينتاو) حول اتهامات مباشرة للجماعات الإرهابية المسلحة وتحميلها مسؤولية استمرار العنف في سورية، مقابل ترحيب القيادة السورية بالمبعوثين الدوليين، وتسهيل تحركهم وتنفيذ مهمتهم. إذاً نحن أمام اتجاهين واضحين: الأول: روسي – صيني مدعوماً من روابط وتكتلات إقليمية ودولية يعمل على حل سياسي للأزمة السورية. الثاني: وترعاه أمريكا وبعض الدول “الغربية”، فضلاً عن تركيا ومحور السعودية – قطر وما يسمى بـ “مجموعة أصدقاء سورية”، فشل حتى تاريخه في توحيد “المعارضات” التي تعاني من انقسامات وتشرذم متواصل وبخاصة “المجلس الوطني الاسطنبولي”، خطوة باتجاه رص صفوفها وتنفيذ ما خطط لها، رغم كل المساعدات المادية، الإعلامية، اللوجستية. أما مسألة سورية وطناً وكياناً ودولة فهو في آخر اهتماماتها، وهذا ما أثبتته مؤخراً تجربة ليبيا، على الأقل، وتزيينها المستمر حتى تاريخه. باحث في الشؤون Batal-m@scs-net.org ">الدولية Batal-m@scs-net.org
|