هدم المجتمعات العربية وضرب تعايشها ووحدتها عبر نشر التطرف وبث التفرقة بين أبناء الوطن الواحد بالاعتماد على وسائل اعلامية مجندة لترويج ما ينفثونه من أضاليل ومتخذين من اسم الله وسيلة لقتل الانفس وهدر الدماء في سبيل وصولهم الى السلطة وتمرير أجندات الغرب في المنطقة.
دعاة الفكر الظلامي التكفيري الذين يخفون اجرامهم ويمارسونه دائما تحت ستار الدين واسمه «حضرا» منذ بداية أحداث ما يسمى الربيع العربي متخذين من بلدان الجهل والعبودية منابر لاشباع شهوتهم للمال والدماء عبر الفتاوى الدموية للتحريض على القتل ونشر الفوضى لايصال من يناصرونهم ويتبعون نهجهم الى السلطة وفق ما يأتيهم من أوليائهم من أمراء ومشايخ النفط الاسود المستمدين شرعية بقائهم في الحكم من اخلاصهم وتفانيهم في حماية وخدمة اسرائيل وداعميها الغربيين.
وعمدت كل من السعودية وقطر اللتين تحتضنان رؤوس التكفير والارهاب الى استغلال هذه الورقة لايصال حركة النهضة الى السلطة في تونس التي لم تتردد في الاعلان على لسان رئيسها راشد الغنوشي عن رغبتها في التعاون مع اسرائيل والغرب بالتزامن مع السماح بانتشار عشرات الحركات التكفيرية المتشددة التي صادرت حرية المواطنين التونسيين الذين أيقنوا أن ثورتهم التي قاموا بها صودرت من قبل فكر ارهابي مرتهن للخارج يعمل على استهداف وتدمير المجتمع التونسي المعتدل.
الامر نفسه تكرر في ليبيا حيث انبرت قطر لتنفيذ المهمة عبر تجنيد شيخ الفتنة والتحريض المدعو يوسف القرضاوي الذي أباح قتل الليبيين وأحل دماءهم لغزاة الناتو عبر منبر قناة الجزيرة التي خصصت من حينها كل امكانياتها لترويج فتاوى القرضاوي التكفيرية وراح ضحيتها مئات الالاف من الابرياء الليبيين من الاطفال والنساء قبل أن يصل المجلس الانتقالي الليبي الى السلطة وينشر الفوضى والاقتتال والعنف الفئوي والقبلي لتدمير ليبيا وتقديم نفطها وخيراتها الى الولايات المتحدة واسرائيل.
وحين وصل مخطط العدوان الى سورية ازدادت الفتاوى الوهابية التكفيرية وتصاعدت دعوات القتل وسفك الدماء لتشكل المحرك الاساس لاعمال الاجرام والتخريب التي تصدرها بداية القرضاوي ذاته قبل أن يتم تجنيد عدد كبير من رموز التكفير ليصبوا حقدهم على الشعب السوري ويتباروا في الافتاء لهدر دمه.
وانبرى القرضاوي الساكت عن عقوق أمير قطر لوالديه وعزله لابيه عن الحكم الى اعلان الحرب على الشعب السوري منذ الاشهر الاولى للعدوان من خلال دعوته لهدر دماء ثلث الشعب السوري عبر منبر أحد المساجد قبل أن يقوم بتكثيف ظهوره عبر قناة الجزيرة التي نقلت عنه قبل أيام دعوته الى الالتحاق فورا بالمجموعات الارهابية المسلحة التي تقتل وتذبح السوريين.
القرضاوي الذي بلغ ما يقارب التسعين ويستعد هذه الايام للزواج للمرة الثالثة من امرأة تصغره ب 37 عاما لا يجد ضمن اهتماماته ومسؤوليته الدينية والشرعية امكانية الحديث عن فلسطين المحتلة أو المسجد الاقصى وما يتعرض له الشعب الفلسطيني من تنكيل واعتداءات يومية فاسرائيل تتمتع بحصانة من أوليائه أمراء قطر الذين تربطهم بالعدو الصهيوني علاقات وطيدة لم تعد سرا بل باتت المجاهرة بها مدعاة للتباهي.
ولا تخرج دعوات أحد رؤوس التكفير السعودي المسمى العريفي لتخريب المجتمع السوري واستهداف تسامحه واعتداله ووحدته عما يقوم به القرضاوي لكن العريفي يضيف الى المهام المسندة اليه محاولة بث التفرقة بين اليمنيين عبر ارسال عدد من السائرين في ذات نهجه المتطرف الى قرى يمنية في محاولة للتدخل في الشؤون الداخلية اليمنية ونشر الفكر الوهابي التكفيري الذي يعمل دائما لخدمة الولايات المتحدة واسرائيل.
وليس غريبا أن يتجاهل العريفي المدان بسرقة حقوق الملكية الفكرية للكاتبة سلوى العضيدان احتلال اسرائيل لجزيرتي صنافير وتيران السعوديتين ويواصل دعواته للاقتتال في سورية فهو بالطبع لن يخرج عن ولاة أمره في مملكة آل سعود التي تصدر الارهاب وتدعم وتمول المجموعات الارهابية في سورية وتسلحها بأسلحة اسرائيلية.
ومن هنا أيضا لا نستغرب خروج الاصوات الظلامية السوداء الداعية لسفك الدماء من مشيخات قطر والسعودية وانضمام حكومتي الناتو الليبية وتونس المتشددة للعدوان على سورية وسفك دماء شعبها في الوقت الذي لا نجد أي تحرك لما يجري في فلسطين المحتلة التي باتت حتى بيانات الشجب والادانة الخجولة المعتادة غائبة عن السن وتصريحات تلك الانظمة المتطرفة.
وبالنتيجة فان الصراع الذي تشهده المنطقة اليوم يؤكد حقيقة ارتباط بعض دعاة الاسلام السياسي بالعدو الاسرائيلي وتكامل وتطابق الاجندات فيما بينهما من أجل ايصال المتشددين التكفيريين الى السلطة لتمرير أجندات الغرب والكيان الصهيوني في السيطرة على المنطقة عبر النيل من قوى المقاومة وفي مقدمتها سورية التي كانت ومازالت تقف في وجه دعاة الفكر الظلامي التكفيري وأسيادهم الذين سيفشلون كما فشلوا في أوقات سابقة في فك شيفرة الصمود والانتماء لدى السوريين الذين أعلنوا تمسكهم بوحدتهم وهويتهم القائمة على المحبة والسلام والتسامح.