تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


رأي... ربيع عربي... لايزهر إلا في ربوع أمريكا

طلبة وجامعات
8 / 2 / 2012م
بقلم: لبنى تيسير العقباني ماجستير علم اجتماع سياسي

مع تسارع التحولات في وطننا العربي وظهور ما يسمى حالياً الربيع العربي، لابد من اعادة النظر بالمتغيرات التي ادت لذلك حتى نتمكن من ايجاد تفسير لما يعصف بالاستقرار العربي اليوم. لهذا لابد من محاولة

استرجاع مراحل التطور التاريخي للصراع في العالم الحديث لنجد انه كان قائماً بين قطبين (سوفيتي - امريكي) للسيطرة على رسم السياسة الكونية. ثم بعد زوال الاتحاد السوفيتي ظهر ما يسمى سياسة القطب الواحد تزعمته امريكا بامتياز. ولكن لم يبق الحال على ما هو عليه فقد ظهرت قوى عالمية اخرى كالصين وروسيا وكوريا واليابان وايران حديثاً أدت الى خلخلة السيادة الامريكية على العالم خاصة في ظل تدهور الاقتصاد الامريكي. فالتطور الاقتصادي في شرق اسيا الذي ادى الى تطورها تكنولوجياً وبالتالي نمو تجارتها العالمية قلل من استجابتها لمطالب الولايات المتحدة الامريكية واصبحت أكثر قدرة على مقاومة ضغوطها ولم تعد امريكا تستطيع فرض نفسها على الشرق الاسيوي (فالثروة تولد القوة على رأي هنتنغتون). وادراك الدول الاسيوية ان لها مصالح مشتركة في مواجهة الغرب عموماً دفاعاً عن مصالحها أدى الى تطور اشكال التعاون الاقتصادي فيما بينها (كاتحاد اسيان) مثلاً. إن هذا التحالف جعل منها قوة اقتصادية عالمية.‏

كما ان لظهور ما يسمى (الصحوة الاسلامية) التي تبنت شعار (الاسلام هو الحل) من خلال قبول الحداثة ورفض (التغريب) اذا صح التعبير، وحضور الاسلام في الحياة العامة لهذه الشعوب من خلال زيادة عدد المؤسسات، والقوانين والبنوك الاسلامية، والخدمات الاجتماعية الاسلامية، والمؤسسات التعليمية ذات التوجه الاسلامي، وسيطرة الجماعات الاسلامية على المعارضة في بعض الدول كذلك محاولة احلال القانون الاسلامي محل القانون العلماني الغربي جعل من هذه الصحوة فكراً وثقافة ونهجاً سياسي تبنته الكثير من الدول الاسلامية والعربية. ففي مصر مثلاً ظهر الى حيز الوجود مجتمع مدني اسلامي يوازي في حجمه ونشاطه الاقتصادي والسياسي المجتمع المدني العلماني فيها. واخترقت الجماعات الاسلامية في ليبيا والجزائر الحياة العامة والمؤسساتية فيهما. وفي الاردن عمل الاخوان المسلمون على اختراق البنى الاساسية الاجتماعية والثقافية فيه ولا سيما القضاء ليصبح قضاء اسلامياً. كما وزادت الثروة النفطية لدول الخليج من قوة الجماعات المتطرفة الاسلامية فيها. إن التضخم السكاني لهذه الشعوب الاسلامية جعل منها قوة ديمغرافية مهددة عالمياً.‏

كنتيجة حتمية للتطور الاقتصادي تطورت القدرات العسكرية في معظم دول العالم كروسيا ودول شرق اسيا وبعض المجتمعات الاسلامية التي حصلت على اسلحة متطورة من دول كروسيا والصين، وبعضها الاخر الذي عمل على انتاجها كايران والباكستان والعراق. وسعي هذه الدول للحصول على التكنولوجيا المتطورة سيجعلها قوى مسيطرة في العالم وسيزيد من ايجادها لوسائل الردع. إن امتلاك هذا النوع من السلاح سيؤدي الى تشظي النظام العالمي الامريكي. وإن مايروع الولايات المتحدة الامريكية هو امتلاك ايران كدولة اسلامية برنامجاً واسعاً لتطوير الاسلحة النووية مهما كانت ذريعتها لامتلاكه ....إن مثل هذه الاسباب تمنع امريكا من خوض حروب عسكرية لاستعادة سيطرتها المباشرة على العالم تفادياً لخوضها حروباً تجعلها نداً لاطراف عديدة، قد تسعى هذه الاطراف للقيام بتحالفات وتكتلات سياسية وعسكرية ستجعل من العالم متعدد الاقطاب. وبهذا ستقّدم امريكا على اشعال فتيل حرب عالمية ثالثة هي بغنى عنها. اضافة الى ان هذا النوع من الحروب سيكلفها اعباءً مالية وعسكرية باهظة‏

(وحربها في العراق خير دليل على ذلك) وبالتالي لا بد لها من سياسة اخرى لايجاد ذريعة للسيطرة غير المباشرة على المناطق الاستراتيجية في العالم. ولا سيما منطقة الشرق الاوسط التي كانت وما زالت منطقة نزاعات دولية، وتحقيقاً لهدف امريكا المنشود بحماية المصالح الامريكية والاسرائيلية معا،ً وايجاد شرق اوسط جديد. جعلها تستغل براعتها في الصيد بالماء العكر باستغلال رغبة شعوب هذه الدول بتغيير واقعها الاجتماعي والاقتصادي، وشغفها بالحصول على قدر اكبر من الحريات، ومكافحة الفساد المستشري في بعض قطاعاتها. فدعمت ما يسمى «ثورتها» اعلامياً لقلب نظام الحكم فيها (كتونس ومصر). وغذَّت الجماعات التكفيرية لقلب النظام الليبي عسكرياً بعد أن ألَّبت المجتمع الدولي للتدخل العسكري فيه. اما البحرين التي استثنتها امريكا من نصرتها على الظلم والفساد وقمع الحريات وحرمتها من فردوسها الديمقراطي فكان تحقيقاً لجملة من الاهداف .‏

الامر الذي جعل الولايات المتحدة الامريكية تغض الطرف عن مخالفة دول الخليج وخاصة السعودية للقوانين الدولية بارسالها لقوات عسكرية خارج حدودها لتدخل حدود بلد مجاور للتدخل في شؤونه الداخلية. وإن كان لامريكا في هذه الدول غاية، فإن لها في سورية غايات، سنأتي على تفنيدها واحدة تلو الاخرى.‏

-سياسة الممانعة التي تنتهجها سورية ودعمها لحركات التحرر العربي والعالمي ولا سيما حركات التحرر الفلسطينية تعيق تحقيق أهداف ومطامع الكيان الصهيوني في المنطقة.‏

-التحالف (السوري- الايراني) لدعم حزب الله في لبنان المهدد الرئيسي للأمن الاسرائيلي.‏

-التعاون (السوري- الروسي) لدعم وتطوير القوة العسكرية السورية.‏

-حصول سورية على الدعم السياسي والعسكري والاقتصادي من ايران.‏

-قيام سورية بتحويل نشاطها الاقتصادي من السوق الاوروبية الى دول شرق اسيا ولا سيما الصين وحالياً الاسواق الروسية والذي كان ضربة قوية لأمريكا والاتحاد الاوروبي في عدم قدرتهما على السيطرة على الاقتصاد السوري وعدم جدوى فرض اي عقوبات اقتصادية عليها.‏

كل هذه الامور اسباب واضحة وجلية لرغبة امريكا باحداث فوضى عارمة في سورية لاعادة ترتيب الاوراق فيها من جديد بالشكل الذي يحقق غايتها بتغيير النظام القائم بنظام (مطواع) يدير اعمالها في المنطقة. لهذا جندت اتباعها من داخل وخارج البلاد (دولاً وافراد) لتحقيق ((المطالب المشروعة للشعب السوري)) فاستخدمت سذاجة بعض العوام، ومصلحة بعض الساسة، وانتهازية ممتهني السياسة لتعبئة الشارع السوري وامداده بالمال والسلاح ودعم العمليات الارهابية والتضليل الاعلامي للواقع الامني في سورية.........‏

الغريب في الموضوع ان النوايا الامريكية في الدول العربية عموماً وفي سورية خصوصاً واضحة وجلية ولكن ما يدهشني في من يدَّعون المعارضة التي استلزمتهم وطنيتهم الشريفة تشكيل عصابات مسلحة وجماعات ارهابية، لينهشوا لحمنا نحن الشعب السوري. ألم يسعفهم عقلهم المريض ليقفوا لوهلة ويسألوا أنفسهم.. منذ متى كنا نحن العرب همَّ امريكا ومقض مضجعها خوفاً وتحسباً على امننا واماننا؟؟.‏

أين كانت امريكا من اطفال فلسطين وقد تقطعت اوصالهم وباتت اشلاء مرمية على اطراف الطرقات؟؟.‏

اين هي من دموع وصرخات الامهات الثكالى؟؟.‏

اين هي من استغاثات العذارى التي انتهكت اعراضهن جهارا ؟؟.‏

أيا أغبياء التاريخ: فيم الذهاب بجلد الضحية للمسلخ الدولي ولف العمامة زيفا على القبعة؟.‏

متى كان في لحية النفط أو في الزبيبة شرف؟.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية