تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


انقسام الساحة المصرية.. والسير نحو الهاوية

شؤون سياسية
الاثنين 18-2-2013م
 محرز العلي

ماشهدته الساحة المصرية من حراك شعبي في المدن حيث عمدت المظاهرات التي تطالب بتنحي الرئيس المصري محمد مرسي ومظاهرات مؤيدة للرئيس يشير إلى مدى ازدياد حدة الاستقطاب السياسي في الشارع المصري الأمر الذي سيترك تداعيات خطيرة على الحياة السياسية المصرية ويقود البلاد نحوالهاوية.

إن حدة الانقسام السياسي تجلى واضحاً في الائتلافين اللذين يحركا الشارع المصري حيث يضم الائتلاف الأول قوى الاسلام السياسي والتي تقف خلف الرئيس مرسي وتضم الإخوان المسلمين والهيئة الشرعية للحقوق والاصلاح والدعوة السلفية والجماعة الاسلامية وجبهة الإرادة الشعبية والائتلاف الآخر والمشكل من القوى الليبرالية واليسارية ويضم نحو 15 حزباً وقوة سياسية والذي يعتبر المكون الأساسي للمعارضة الوطنية المصرية التي ترى أن الإخوان المسلمين سرقوا ثورة الشباب المصري الذين قادوا التظاهرات وأسقطوا حكم مبارك دون أن يتحقق أي هدف من الأهداف التي يتطلعون إلى تحقيقها وبالتالي يعبرون عن رفضهم لسياسات مرسي ويطالبون بإجراءات تحقق مطالب المصريين دون أي إقصاء للآخر.‏

التداعيات الخطيرة للاستقطاب السياسي والتي من شأنها زيادة التوتر والفوضى في الشارع المصري تنجم عن إصرار الرئيس مرسي على أخونة مؤسسات الدولة وإقصاء الآخرين واتهام قوى المعارضة بالتخوين وذلك لاحتكار السلطة وإشباع رغبة الإخوان المسلمين في تنفيذ خططهم التي من شأنها السيطرة على البلاد وفرض القوانين التي تناسبهم وتحقق مصالحهم على حساب مصالح الشعب المصري عبر سيطرة الإخوان على مفاصل الدولة ومن خلال دستور صاغوه على مقاسهم وهذا ماأكده كارم رضوان القيادي في جماعة الإخوان المسلمين حيث قال إن أخونة الدولة حق لجماعة الإخوان وأنهم يطالبون بذلك دوماً لأنها حقنا لأن الشعب اختار الرئيس مرسي وجماعته وفريقه وفي هذا السياق قال الدكتور طارق فهيم القيادي في حزب النور إن جماعة الإخوان تعمل على أخونة الدولة ومن لايرى من الغربال يبقى أعمى وهذا الأمر سيأخذ مصر إلى منحدر.‏

لقد ضرب الرئيس مرسي عرض الحائط بالوعود التي قطعها على نفسه وتجاهل مطالب الحراك الشعبي الذي أسقط حسني مبارك والتي تتلخص بتأمين العيش الكريم للمصريين وإطلاق الحريات وتأمين العدالة الاجتماعية والحفاظ على الكرامة الإنسانية بل إن مرسي بسياسته التي لاتخدم سوى جماعة الإخوان المسلمين وإجراءاته التي هي أسوأ من إجراءات وسياسات سلفه قد كرس الانقسام السياسي بكل الأخوة والتضييق على الحريات من خلال دستور يعمل في المقام الأول على تقيد حرية المرأة والصحافة وغيرها من الحريات ويتعرض الشباب فيه للاعتقال والقتل والتعذيب ويمنع التظاهر وهذا ماتجلى واضحاً في سحل وتعرية الشباب والفتيات والتحرش بهن والإساءة لهن وإهدار كرامة المصريين في الساحات التي تشهد مظاهرات تطالب بتنحي الرئيس الأمر الذي ساهم في زيادة حدة توتر الشارع المصري الذي يتجه نحو العنف والفوضى والمزيد من الاقتتال الطائفي والسياسي.‏

لقد كشف الرئيس مرسي عن الوجه الحقيقي لتوجهاته وشهوته للسلطة وذلك من خلال تمسكه بدستور لايلبي تطلعات الشعب المصري ومن خلال التعامل مع المتظاهرين والمعارضين بصورة أكثر وحشية من سلفه الأمر الذي دفع الشباب المصري إلى التصدي لسياسة الرئيس وجماعة الإخوان المسلمين الذين سرقوا إنجازات الحراك الشعبي حيث تجلى ذلك التصدي بالمظاهرات المستمرة التي تعم المدن المصرية والتي كان آخرها يوم الجمعة الماضي والتي حملت شعار كش ملك في إشارة واضحة إلى امتعاض هؤلاء الشباب وقوى المعارضة من سياسات الإخوان والمطالبة بتنحي الرئيس وإنقاذ مصر من براثن الإخوان الذين سخروا بعض شيوخهم إلى إصدار فتاوى تستبيح قتل المعارضين المصريين وبالتالي العودة بمصرإلى عهد الجاهلية وقد تجلت المطالبة الشعبية بالتنحي برسالة الشباب الموجهة إلى الرئيس مرسي والتي قالوا فيها اسحل واقتل كما شئت فسوف ترحل كما جئت.‏

إن مصر الذي بدأت منذ عامين حراكاً شعبياً أنهى حقبة مبارك بحاجة الآن إلى طوق نجاة من خلال مبادرات تنهي حالة الانقسام الحاد وضمن خيارات لاتقصي أحداً ولاتستبعد أحداً مع تغليب المصلحة العليا للشعب المصري وبغير ذلك فإن مصيراً مجهولاً ينتظر المصريين ولاسيما إذا تمسك الإخوان بسياستهم التي من شأنها إحداث المزيد من الانقسام والتوتر والاقتتال الطائفي والسياسي.‏

mohrzali@gmail.com

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية