تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


هل مستقبلنا في إفريقيا ...؟!

لوفيغارو
ترجمـــــــــــة
الاثنين 18-2-2013م
 ترجمة: سهيلة حمامة

هي مجرد أوهام جوفاء لسياسات لا تبرح دون كلل على هندسة العالم وزخرفته حسب أفكارها البلهاء وإيقاعاتها الشاذة ... منذ وقت يسير جعلت ضفاف البحر الأبيض المتوسط «الأوروبية»،«الآسيوية»،«الإفريقية» في مواجهة حقيقية بعضها بعضاً... الضفة الأوروبية شهدت ازدهاراً أسطورياً ولكنه فريق مقابل سعي مثيلتها الآسيوية إلى منافستها ومزاحمتها خصوصاً في ظل سعيها الحثيث لبث ونشر إشكاليات الفكر الأوروبي والغربي عموماً ،في الضفة الإفريقية المتاخمة ،حول الثقافة الإسلاميةالتي يعدونها متزمتة ومنبتاً للتطرف، الأمر الذي يدفع بهؤلاء الأوروبيين إلى الازدراء بها واستعلائهم على كل ذي بشرة سمراء أو سوداء لكونه ،وفقاً لتفكيرهم ، يمثل الإنسان المتخلف والمتطرف !! لعل ذلك معضلة الإنسان الأبيض وعقدته تجاه من يختلف عنه في اللون وحتىالثقافة وطريقة العيش ،ونشاهد ذلك بوضوح أكبر في دول إفريقيةمختلفة حيث الإنسان ذو البشرة البيضاء يحاول أن ينأى بنفسه عن الآخر ذي البشرةالسمراء ، والسؤال المطروح بقوة : لماذا لا يتحرك مثقفو العالم ويطالبون بجرأة مبدأ حقوق الإنسان لكي ينهض من غفوته ويوجه إدانة صريحة لمعاملة سيئة وخطرة كهذه ....؟؟

بشيء زهيد من الإحساس بالندم وبكثير من الصلافة والقسوة ، انخرطت أوروبا في سعيها الدؤوب ، مؤخراً ، لإيقاظ استعمارها الغافي والمستسلم في تلك البقعة السمراء والغنية جداً من العالم المترامي الأطراف ، ولكن هذه المرة بطريقة مختلفة وبذرائع متلونة وكلها تحت يافطة مكافحة الإرهاب ... ربما يتاح لنا التحدث عن نتائج الحرب الأوروبيةعلى دول افريقيا المتنامية في تعداد سكانها ، لكننا وبالتأكيد سنبقى عاجزين عن التكهن بأصدائها على مستوى العالم ، وعلى الوعي أو الضمائر التي شكلتها الأدبيات أو علم الأخلاق الأوروبية...‏

لا ريب بأن علاقات القوى الأورو- إفريقية- يعتريها ،في هذه الآونة ،بعض الاهتزاز والتأرجح ... المنحى السكاني ولنقل المنحنيات السكانية بين القارتين الأوروبية والإفريقية قد تقاطعت في مطلع القرن الحالي ، ومن المحتمل جداً أن يتضاعف التعداد السكاني في قارة إفريقيا في العام 2050 أكثر من 4 مرات عن مثيله في أوروبا التي تعتمد دوماً وبشكل متزايد على العمالة الإفريقية ، وثرواتها الطبيعية، لكن التباين التكنولوجي العسكري الواضح بينهما ، دفع بأوروبا المتفوقة بالطبع إلى السماح للمجاهدين الإسلاميين بالمرابطة في مدينة موبتي مقابل منعهم قطعاً من السيطرة على مالي ، الأمر الذي يجعل الواقع مموهاَ وضبابياً...!!‏

عامل التوازن العالمي في تخلخل واهتزاز واضح بفعل أطماع الغرب الاستعمارية الدائمة لمزيد من الثروات الطبيعية في الشرق وبنوع خاص في المنطقة الإفريقية التي يغص باطن أراضيها بثروات متعددة وثمينة ،وبسبب اندفاع هذا الغرب ، أيضاً، بما يحمله من مفاهيم موروثة خاطئة وتخوفه من «الأشرار» الأفارقة (المسلمين ) لقتلهم والتخلص منهم من أجل راحة وهناء «الأخيار» و«الطيبين» أصحاب البشرة البيضاء خصوصاً الساكنين منهم بين «الأشرار» بحكم الضرورة !!! ولم تتورع شاشات التلفزة الغربية وبحماسة بالغة ، عن بث المشاهد المحقرة من قبل الرجال البيض حيال نظرائهم السمر ....‏

ومع ذلك نتساءل على الدوام : لماذا يتطاول المتطرفون من المسلمين علينا من حين لآخر ويتهددوننا في عقر دارنا ، ولا عجب أن نشاهدهم ، في يوم من الأيام ، وقد تسللوا إلينا من إحدى ضفاف البحر الأبيض المتوسط للثأر منا ما يقتضي بالطبع من القارة الأوروبية برمتها التحرك السريع وشن حرب ضروس عليهم في عقر دارهم أيضاً ، ولتدور الحروب على هذا النحو في حلقة مفرغة ترفع معها حاجزاً عالياً سميكاً بين الشعوب والمفترض أن تعيش بأمان وسلام وعدل على حد سواء فوق هذه الأرض الخيرة وقد حولتها أطماعنا الاستعمارية إلى أرض جدباء تنزف قلقاً ووجعاً مستديماً...!!‏

إننا لمندفعون بكليتنا إلى القارة السمراء لتخليصها من قبضة الإرهابيين ،فهل بإمكاننا على هذا النحو بناء مستقبل مشرق وزاهر لهذه القارة السمراء المتألمة ؟!‏

غداً،وبالتأكيد سنكون بأشد حاجة لهذه القارة وأكثر من أي وقت مضى ، ولكن لا بد من التساؤل فيما إذا كانت شعوبها بحاجة لنا ولغزواتنا؟!‏

هل التفوق التكنولوجي العسكري وإقحامه في حروبنا وغزواتنا من شأنه أن يحقق التوازن في العالم وخصوصاً في القارة السمراء ؟؟‏

العالم على اتساعه قد تعب من الحروب على امتداد القرون والعصور ... العالم وبخاصة الشرق منه يريد أن يعيش بسلام وعدل ،فهل هو محق في مطالبه أو أننا دوماً المحقون في شن الحروب وإدامتها والتنعم على حساب الغير ؟!!‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية