،سبق وفشلت القاعدة وأعوانها من «الجيش الحر» في الاستيلاء عليه عدة مرات في الأشهر السابقة إلا دليل آخر على نيّات تل أبيب لقتل اتفاق جنيف حول الأزمة في سورية .من جهة أخرى ربما هدف الهجوم الإسرائيلي والذي يُعد خطأً استراتيجياً قاتلاً إلى اختبار الدفاعات الجوية السورية تمهيداً لتدخل ٍ عسكريٍ أمريكي أطلسي في مسعى لإغلاق المنافذ أمام روسيا وإفشالاً لجهودها لتطبيق الحل الدبلوماسي للأزمة السورية (قتل اتفاق جنيف )، إضافة إلى سعي إسرائيل تدمير المعدات المتطورة ،الإسرائيلية الصنع و التي استولى عليها الجيش السوري قبل فترة وتم نقلها إلى مركز البحوث لتحليلها وذلك قبل وصول تقنيتها إلى إيران .
إن هذا العدوان وفي هذا الوقت بالذات ، إنما يشكّل فصلاً من فصول الحرب الكونية التي تقودها الولايات المتحدة ضد سورية وبأدوات داخلية وخارجية وبغضّ النظر عن أهدافه المباشرة وغير المباشرة ،إذ يبدو أن إسرائيل وبعد أن شعرت وأدركت أن الحكومة السورية نجحت باستيعاب هذه الحرب الكونية ،لا بل وتمكّنت من استلام زمام المبادرة بتوجيهها ضربات حاسمة للمسلحين ومجموعاتهم، أدركت إسرائيل أنه لابد من فعل شيء،فكان هذا العدوان الذي لا يمكن تصنيفه على أنه مجرد اعتداء وهجوم جوي على هدف أو مجموعة أهداف استراتيجية في سورية بل هو حلقة من حلقات سلسلة التدخل المباشر على خط التطورات في المنطقة بعد أن بدت الأطراف والأدوات الداخلية التي تعمل لصالح إسرائيل عاجزة عن تحقيق أهداف الحملة على دمشق .
بالتأكيد لقد حصل بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي على الضوء الأخضر بشن الهجوم من الولايات المتحدة والناتو وكلٍ من قطر والسعودية أيضاً ، مستبقاً الانتخابات الإسرائيلية وتشكيل حكومة جديدة .لكن السحر انقلب على الساحر وبدل أن يُضعف الهجوم الحكومة السورية زاد من تماسكها ودعّم التفاف السوريين حول قيادتهم و وحدّ صفوفهم لمواجهة العدوان الإسرائيلي بل إن الغطرسة العمياء المعروفة لدى القادة الصهاينة أحيت وألهبت الشعور الوطني والقومي المتأصّل في قلب الشعب السوري .
لقد أثبتت العملية الإسرائيلية الحمقاء وللجميع أن تل أبيب هي المحرّك والمحرّض و المستفيد الأوّل من كل الأعمال الإرهابية التي تستهدف سورية وشعبها المقاوم وبالتنسيق مع كل الأطراف الإقليمية الداعمة للإرهاب بقيادة تركيا وقطر والسعودية .اليوم وأكثر من أي وقت مضى يدرك السوريون أن الصهاينة وأعوانهم هم العدو رقم 1 لسورية ، بل ولكل الشعوب العربية في المنطقة ولذلك تمضي الحكومة السورية قُدما ًفي حربها على هؤلاء الأعوان والثوار الزائفين الذين يخوضون حرباً بالوكالة بتفويضٍ ودعمٍ من أسيادهم الصهاينة ،فيقتلون ويسلبون ويدمٍرون البنية التحتية في سورية . نعم إن معركة الحكومة ا لسورية هي معركة من أجل صمود سورية وبقائها في الخندق المقاوم لإسرائيل التي تحتل فلسطين والجولان .
موسكو عبّرت عن قلقها العميق واهتمامها البالغ بآخر التطورات وقالت أنه مهما كانت الذرائع فلا يجب انتهاك ميثاق الأمم المتحدة والهجوم على دولة ذات سيادة .وموسكو تدرك تماماً أن الهجوم حصل على الضوء الأخضر من الولايات المتحدة والناتو بهدف إفشال بيان جنيف الذي تتبناه موسكو ومنذ أشهر باعتباره الحل الدبلوماسي الوحيد للأزمة في سورية ،والمقبول من قبل الحكومة السورية .ودعت الخارجية الروسية إلى وضع حدٍ للعنف في سورية دون تدخل أجنبي وإلى فتح باب الحوار والمصالحة الوطنية بين السوريين كافة .إن اللغة المستخدمة في هذا البيان الصحفي هي لغة دبلوماسية لكنها تحملُ أحياناً لهجة تحذيرية نادراً ما تستخدمها روسيا ضد الكيان الصهيوني الاستعماري وكذلك وجّهت موسكو رسالة قوية للولايات المتحدة وللناتو بأن موسكو لن تتساهل ولن تسمح بتدخلٍ عسكري خارجي في سورية فهذا الموضوع خط أحمر لا يمكن تجاوزه.
توازياً مع ذلك عُقد في باريس مؤتمر «أصدقاء سورية » والذي يمكننا الآن وخاصة بعد الهجوم الإسرائيلي تسميته «أصدقاء إسرائيل» برئاسة اليهودي الصهيوني لوران فابيوس الذي يسعى لتحريض وتأزيم الأوضاع في سورية من خلال مساندة المجموعات المسلحة .
مهما كانت الانتقادات الموجّهة للحكومة السورية فيجب أن نكون منصفين وصادقين وأن نلاحظ ونرى أنه ومنذ بداية الحرب في سورية قبل سنتين والتي تأكّد أنها بدعم من الكيان الصهيوني وباستخدام خونة ومرتزقة ، فالرئيس الأسد تصرّف كرجل دولة مسؤول ، تعامل مع الأزمة برباطة جأش للدفاع عن بلده وشعبه.