تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


مســــــؤولية مســــــتمرة تجـــــــــاه الوطـــــــن

ثقافـــــــة
الاثنين 18-2-2013م
 آنا عزيز الخضر

لعب فن الكاريكاتير دوره الهام في الصحافة منذ بداياته الأولى، عندما كانت تتصدر رسوماته الصفحات الأولى، منذ ثلاثينيات القرن الماضي،

وهي تنتقد تصرفات الدول الاستعمارية والمظاهر والظواهر والأفعال السلبية، حيث حضر دائما في الأحداث الطارئة، التي تحتاج إلى النقد، فهويعمق الفكرة والموقف ويقدم الرؤية الشاملة، ونتيجة مفرداته الأكاديمية الخاصة، كان قادرا على انتزاع الضحكة عبر سخريته وتهكمه بالسلبيات، وذلك مهما زادت قتامه الموضوع، الذي يرافقه، فالرسم الكاريكاتيري فن ناقد بامتياز، في كل مجالات الحياة، لطالما اعتبره النقاد فن الجرأة والتغير، فهوفن يجسد لوحة متكاملة تجمع الرسم مع الفكرة والتعليق كما الرؤية الثقافية،‏‏

‏‏

وإذا ما امتلك الفنان المبدع مهارات الفن الكاريكتري، فانه يمتلك معطيات إبداعية تجمع بين الفن والرؤية الثقافية ودقة الملاحظة في التقاط الإشارات، والدلالات والخيال المرن، الذي يساعده على تصوير مشكلات الحياة والمتناقضات والمفارقات، وبشكل فني مؤثر، حيث اثبت هذا الفن مجاراته ومرافقته الحياة في المجال السياسي كما الاجتماعي والمادي وغيرها، حيث اللوحة الكاريكاتورية تعزز الفكرة على الدوام، وتقدمها بأسلوب ينتقد ويتهكم، وكلما تمكنت من القبض على الدقائق والتفاصيل والجزئيات، كلما تمكن هذا الفن من التقاط الأفكار الأكثر دقة المراد طرحها للمتلقي، مع الالتزام بشروطه الأكاديمية الخاصة.‏‏

ارتبط فن الرسم الكاريكاتيري وإبداعه بعلاقة وثيقة مع الصحافة، والمتتبع للصحف يدرك ببساطة ارتباط هذا الفن دوما بالصحف كما ارتباطه بالواقع ومشكلاته، حيث برزت الأزمة السورية بين خطوطه ولوحاته ورسوماته الكثيرة، مثلا هناك صفحة بعنوان (فشه خلق) في صحيفة تشرين السورية، تضمنت في كل عدد منها لوحات كثيرة، مرت في جولاتها على مشاكل كثيرة يعيشها المجتمع السوري والوطن، وقد غاصت عميقا في كل الجوانب الحياتية، التي صورت مفرزات الأزمة فعلى سبيل المثال كان التصوير بشكل كبير لأزمة الغاز بأشكال ولوحات كاريكاتيرية ساخرة ومختلفة، أيضا حول ارتفاع الأسعار مجسدا إياه بشكل ساطور يجهز على المواطن، كما حضرت لوحات عديدة في الجانب السياسي على غاية من الدقة، مثلما استحضارها السخرية من حكام الخليج، حيث يظهر احدهم متشبها ب مارلين مونروبلقطتها الشهيرة عندما يتطاير فستانها الأبيض، ليفضح ذالك الحاكم مرتديا تحت ثيابه العلم الأمريكي، وأخرى تظهر رئيس الوزراء التركي ووزير خارجيته يحاربان طواحين الهوا، ويمتطيان الحمير لتؤكد اللوحة سياستهم الديكتاتورية المتورمة، المليئة بالأوهام وغيرها الكثير من اللوحات، التي تظهر هذا الفن وغناه وإمكاناته، في تقديم كل الأفكار التهكمية واللاذعة والرؤية، والتي تكشف واقع بأكمله، وقدتم استثماره ليكون هذا الفن مرافق دائم للمقالات، ولكثير من المواد التي يدعمها ويوضحها بإبداعه الخاص، الذي يؤكد الفكرة ويزيد عليها، ويمكن ان يحضر هذا الفن، كلوحة مستقلة، كمثل اللوحة الدائمة في صحيفة البعث السورية للفنان المبدع (رائد خليل) صاحب الجوائز العالمية الكثيرة، حيث تحضر في تلك اللوحات الكثير من تفاصيل الأزمة التي يعيشها المواطن وتداعياتها وتبعاتها، مثلما في لوحة يتقابل رجلان بينهما ورود، لكن امتداد رأسيهما أدوات حادة منشار بطرفها والآخر سيف، والناظر إلى تلك اللوحة يستشف القسوة والحدة، التي باتت حاضرة في النفوس نتيجة الأزمة، وهناك لوحة أخرى لبندقية على أرضية سوداء، تبدي البندقية ممتعضة ومتعبة تسد أذنيها، فقد تعبت هي الصماء فكيف لهؤلاء البشر، الم يحن أن تتحرك مشاعرهم وإنسانيتهم، وغيرها الكثير من اللوحات المجبولة بهموم الأزمة السورية، التي كثفت الفكرة في عين المتلقي خالقة مشاعر الاستهجان والرفض لتلك المظاهر، وذلك بسبب دقتها التي التقطت حالات حساسة جدا وواقعية، وقد حمل كل منها مقولة ما وفكرة ما، على غاية من الشفافية، فقدمت فكرتها العميقة والغنية بأبعادها، صورت الأحداث والزمان والمضامين العميقة والدقيقة، بآلية فنية خاصة ومؤثرة، ووضعتها في رسم المتلقي، ففن الكاريكاتير يمكنه أن يقول الكثير، بحضور الفنان المبدع، والذي يستطيع استثمار مفرداته، وقد قال عنه الفنان (رائد خليل) صاحب الجوائز العالمية الكثيرة، انه فن يقوم على الجمع بين إبداع الفكرة الحادة الجادة العميقة والشكل الفني، الحامل لهذه الفكرة عبر الخطوط والظلال، وعبر تكسير الملامح دون طمسها والإيحاء بها، دون إيضاحها إيضاحا مباشرا، وهذا الجمع يحرض عقل الناظر ويثير مشاعره ويسهم في تكوين وعيه ففن الكاريكاتير لم يعد يعتمد على الهزل والضحك لمجرد الفكاهة وهذا لا يعني نفي الفكاهة لكن الواقع الحالي لا يحتاج إلى التهريج. وهذا كله يشير إلى أن لايمكن لإبداع الفنان السوري، أن يكون بعيدا عن هموم الوطن وأزماته، وقد كان فن الكاريكاتيري السوري متلازما مع أحداث الوطن وتبعاتها المختلفة.‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية