تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


احتطاب جائر وغابات تحتضر!! .. ازدياد التعديات على الحراج .. ومطالب بحماية هذه الثروة

مراسلون
الاثنين 18-2-2013م
غصون ديب

ظاهرة الاحتطاب الجائر الذي شهدتها و تشهدها مناطق عديدة في محافظة طرطوس أدت إلى تخريب وإخراج بعض الغابات التي تتميز بالتنوع الحيوي فقد أصبح موضوع تأمين مادة التدفئة هاجساً بالنسبة للمواطن

ما دفعه إلى الاحتطاب الجائر وفي أغلب الأحيان دون وعي بيئي يحافظ على الثروة الحراجية .وأضحى هذا الاستغلال للغطاء النباتي غير المرشد أمراً مقلقاً للجهات المعنية في سعيها للحد منه وإيجاد السبل الكفيلة للحفاظ عليه من التدهور والانقراض.‏‏

رئيس دائرة الحراج في زراعة طرطوس المهندس حسن صالح قال: برزت ظاهرة الاحتطاب من اجل التدفئة في المحافظة بشكل واسع و مكثف وهناك فئة استغلت الظروف الحالية و هم بدون شك (مستغلو الأزمات) و أصحاب النفوس الضعيفة و قاموا بتهريب الأحطاب من المواقع الحراجية ليلا للاتجار بها و بيعها لمحتاجيها ,وهذه الفئة أثرت بشكل أساسي على الحراج وخاصة الاحتطاب على جوانب الطرقات للحصول على كمية كبيرة من الأحطاب بأقل وقت ممكن ، و قد تم تنظيم ضبوط حراجية بحق مخالفين ، و لكن فعلياً لا تكاد تخلو قرية في محافظة طرطوس من الاحتطاب بيد أن أهالي القرى الحقيقيون يمارسون ظاهرة الاحتطاب دون إلحاق ضرر كبير بالغابات .‏‏

وأضاف صالح: أن نسبة الاحتطاب ارتفعت بشكل كبير خلال الفترة الماضي منذ بداية العام 2012 حتى تاريخه و زادت التعديات على حراج الدولة ، و لعل أبرز الأسباب هي نقص مادة التدفئة ( المازوت). كما أدى انخفاض درجات الحرارة بشكل كبير هذا العام إلى زيادة الاحتطاب وتجاوزت نسبة التعديات على حراج الغابات 70%.‏‏

وأشار صالح إلى انه يحق لأهالي القرى الحراجية قانوناً الاستفادة من الغابات بالاحتطاب من الأحطاب اليابسة ضمن الغابات مجاناً و الاستفادة من نواتج التقليم من أعمال التربية و التنمية مجاناً و كانت هذه المواد تفي بحاجة المحتاجين سابقاً في ظل توفر هذه المادة ( للطهو و للخبز التنور و قسم بسيط للتدفئة و كان توفر هذه المواد بالنسبة للأهالي في متناول اليد دون إحداث أضرار بالغابات.‏‏

وكان يقتصر تخريب الغابات على بعض ضعاف النفوس و كانت هذه الحالات تقمع لتعاون الأهالي من جهة و لكون هذه الحالات فردية من جهة أخرى من خلال عناصر الضابطة الحراجية المنتشرة في المحافظة ,و لكن هذه العناصر في أحيان كثيرة لا يتمكنون من السيطرة على هذه الظاهرة و منع الاحتطاب الجائر و حماية الحراج بسبب نقص عدد هذه العناصر و كون تعاون الأهالي انخفض لدرجة كبيرة ( على حد تعبيره) .‏‏

وزارة الزراعة طرحت خلال السنوات الماضية أهمية النهج التشاركي مع الأهالي بهدف حماية الثروة الحراجية المتنوعة ، و لكن حتى اليوم لم يتم وضع أسس و خطوات حقيقية على الأرض لاتباع هذا النهج . ولعل التباطؤ في ترويج هذا النهج دفع إلى تفشي الاحتطاب الجائر و التهاون في حماية الغابات و تجاهل قوانين الحراج . و اليوم و مع مرور الوقت و بعد تعرض الغابات للتعدي وبعض الأنواع للانقراض برزت الحاجة الماسة لاتباع هذا النهج .‏‏

وأوضح صالح بهذا الخصوص أن هذا الأمر لوحظ في مسودة قانون الحراج و هو عبارة عن تشكيل جمعيات حراجية تضم بعض الأهالي المحليين حيث تقوم بالتقليم و مساعدة المختصين و الاستفادة من نواتج التقليم وصولا إلى تصنيع (التورب) و تصنيع الوقود الحيوي النظيف من مخلفات الغابات و هذا الأمر في حال الوصول إليه سيمكن أهالي القرى الحراجية من الاستفادة من منتجات الغابة دون الإضرار بها وسيحسن من واقعهم الاقتصادي بشكل ملحوظ و سيدفعهم بشكل طوعي و إلى حماية الغابات و ردع الذين يحاولون تدمير الثروة الحراجية المتنوعة في بلادنا.‏‏

أما مشروع التربية و التنمية فيعمل ضمن نطاق المحافظة بإمكانيات ضعيفة ، حيث يمكن هذا المشروع من تقليم حوالي 900 هكتار كل عام ,وبالتالي تحتاج حراج المحافظة الى نحو 46 سنة لتقليمها مرة واحدة على حد قول صالح ,وعلى الرغم من ذلك تم مخاطبة الجهات المعنية للسماح ببيع المنتج للمواطنين بشكل مباشر و بأسعار محددة تصدر عن وزارة الزراعة و بكميات محدودة لمنع الاتجار بها و للإتاحة لأكبر عدد ممكن من المواطنين بالاستفادة منها .‏‏

كل سنة تنتج الغابات من 2000-3000طن ، وهذا الإنتاج يتم بيعه وفق قانون العقود ( مزاد علني) و حصرياً للتجار لأن من لايملك سجلاً تجارياً لا يستطيع التقدم للمزاد العلني وفق القانون, وبالتالي فان جميع هذه المنتجات تدار من قبل التجار بشكل فعلي كون قانون العقود لمصلحة التاجر و ليس لمصلحة المؤسسة فيما يخص هذه الحالة .‏‏

و من الجدير بالذكر أنه يباع الطن الواحد من الأحطاب للتجار بسعر يتراوح بين 1500 حتى4000 ليرة كأقصى حد ,لكن التاجر قد يبيعه أضعاف هذا السعر للمواطن في ظل نقص مواد التدفئة .‏‏

ومؤخرا تم التنسيق مع المحافظة للسماح بالبيع المباشر للمواطنين و بأسعار وكميات محددة و إحداث منافذ للبيع ضمن مراكز تجميع الحطب في كل من القدموس و الشيخ بدر و طرطوس، أي المطلوب وضع آلية واضحة للبيع .‏‏

ربما ما جعل المواطن يتجه إلى الاحتطاب العشوائي و تجاهل القوانين هو حاجته الماسة لهذه المادة من أجل التدفئة و ما زاد الطين بلة قرار السماح بتصدير الأخشاب خلال السنوات الماضية و التي تنتجها غاباتنا ( الأخشاب الحراجية المثمرة و الفحم و الدق و البيرين ) .‏‏

هذه الحالة دفعت المواطن للاحتطاب من احراج الدولة والسبب عدم وجود منافذ بيع من قبل الدولة ليكون المستفيد الأكبر التاجر الذي يقوم بتصديره خارج القطر ، و لو كان هذا الأمر متوفرا لما كان وضع الحراج و الغابات في هذا الوضع المأساوي التي وصلت إليه اليوم .‏‏

م. صالح أشار هنا إلى أنه تمت مخاطبة الجهات المعنية لوقف تصدير هذا المخزون الاستراتيجي الذي يعتبر وقوداً هاماً و السماح فقط بالاتجار بها على أرض الجمهورية العربية السورية و تحت المطلب الملح لهذا الأمر تم اخذ القرار من قبل وزارة الاقتصاد مؤخراً بوقف تصدير الأخشاب غير المصنعة ، و هي دون شك محاولة تصب في صالح المواطن لعله يسهم هذا القرار في إنصاف المواطن المحروم من إنتاج غاباته بدل اللجوء إلى الاحتطاب العشوائي و التخفيف من استهلاكه لمادة المازوت للتدفئة .‏‏

‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية