وقال البطريرك اليازجي في كلمة له خلال ترؤسه قداسا في كاتدرائية القديس نيقولاوس في بيروت نحن كمسيحيين نعمل من أجل المصالحة والتقارب واحلال الاخوة والعدالة والسلام والحرية من خلال الحوار ولقاء الاخر بالمحبة لان خدمتنا في العالم هي خدمة المصالحة وكأنطاكيين نعي ألم الجرح الذي يشكله الانقسام القائم بين المؤمنين في جسد المسيح وهذا ما جعل الكنيسة الانطاكية تشارك بمثابرة في كل مسعى حواري كما نؤكد مشاركتنا في كل الحوارات التي تجري بين مختلف الكنائس الشرقية والغربية والعمل الدؤوب من أجل اعادة اللحمة بينها.
وأوضح البطريرك اليازجي أن الكنيسة الانطاكية متجذرة في هذا الشرق وتنبذ الانغلاق وأنواع التقوقع كافة وتقول بالانفتاح والاشتراك مع اخوتنا في المواطنة بكل الهواجس التي تهم أوطاننا لان ما يجمعنا كثير.
وشدد البطريرك اليازجي على الشراكة المتأصلة بين المسيحيين والمسلمين في الشرق وقال لا بد هنا من التأكيد أن لاخوتنا المسلمين شركائنا في المواطنة موقعا خاصا في قلبنا وفكرنا فعلاقتنا بهم تتخطى مجرد العيش المشترك والمسالم معهم نقتسم كل الهموم التي ترافق نمو أوطاننا وراحة الانسان فيها وطمأنينته معهم نبني مستقبل أولادنا المشترك ومعهم نجابه الاخطار المحدقة بنا وسنعمل جاهدين على نبذ كل روح فئوية أو ترفعية من شأنها أن تضر بوجودنا على هذه الارض وتقلل من فرص خدمتنا لها كما سنعمل باخلاص في سبيل التخلص من جهل بعضنا بعضا عبر تقوية سبل اللقاء البناء طالبين من الله أن ينعم علينا جميعا بروح الالفة التي تجمع لما فيه خير الانسان في هذه البلاد.
وأضاف البطريرك اليازجي نعم أيها الاعزاء المسلمون نحن واياكم شركاء ليس فقط في الارض والمصير نحن بنينا معا حضارة هذه البلاد ومشتركون في الثقافة والتاريخ لذا يجب علينا أن نحفظ معا هذه التركة الغالية كما أننا شركاء أيضا في عبادة الله الواحد الاحد الاله الحقيقي نور السموات والارض وستكون أولى الحلقات المجتمعية التي تهمنا مباشرة هي مجتمعنا العربي فنحن هنا أبناء هذا المشرق ومتجذرون فيه منذ مطلع المسيحية ونحن الانطاكيين جزء مكون لهذا النسيج المشرقي ودورنا فيه لا يقاس بالكم العددي بل بالروحانية التي بها نصوغ مع غيرنا ثقافة دينامية تحمل بصمات هذا الشرق وارثه الزاخر.
وتوجه البطريرك اليازجي إلى اللبنانيين داعيا اياهم إلى جعل لبنان فوق الحسابات الصغيرة والخصومات فللبنان منزلة خاصة عندنا نحن الانطاكيين فهو فسحة حرية ومجال تفاعل وأرض لقاء وانفتاح ووطن لكل مواطنيه على اختلاف انتماءاتهم لا ساحة للنزاعات وسلامه حق له كما استقراره وازدهاره.
وأشار البطريرك اليازجي إلى أن العقود الاخيرة أرخت بثقل المشكلات على الارثوذكس والمسيحيين وسائر اللبنانيين فعانوا من انتمائهم الوطني في قدرتهم على اعادة بناء الوحدة المتصدعة بين أبناء الوطن الواحد وفي سعيهم إلى بناء الدولة الواحدة دولة المساواة في المواطنة وقاسوا كغيرهم من اللبنانيين من تراجع في فكرة الدولة والصالح العام ومبدأ المواطنة وتضرروا من اعاقة تحققها وشعروا بالمقابل أن الاحجام عن التصدي الجاد للازمات المعيشية المتراكمة وللاضطرابات السياسية المتعاقبة يعرض المصير الوطني لمخاطر حقيقية ومواجهة هذه المخاطر شأن روحي وأخلاقي في المقام الاول ومسالة وطنية تتعدى حدود الطوائف.
ودعا البطريرك اليازجي إلى نبذ التعصب الطائفي العقيم والجنوح نحو معالجات فئوية لمشكلات عامة وعدم الاستكانة للامر الواقع والتنازل عن الحق في المشاركة ومسؤولية المساهمة في تحقيق الخير العام.
وقال البطريرك اليازجي لاننا مصرون على تثمير محبتنا للوطن في الخدمة والمشاركة يهمنا أن يعطي أولادنا المجال لتفعيل طاقاتهم في مجتمعهم فلا يستضعفون ولا يهمشون بل تتم الاستفادة من قدراتهم وفق ما تسمح به القوانين على أساس الكفاءة والاستحقاق، أيها اللبنانيون نحن مدعوون إلى أن نصير عظماء بالله وهذا الارتقاء هو ما نقدمه للوطن هدية ونرفعه إلى الله قربانا.
واختتم البطريرك اليازجي كلمته بالدعوة إلى بناء جسور المحبة والصلاة من اجل أن يعود الامن إلى سورية وقال من هنا من بيروت مدينة المحبة والجذور الاصيلة والايمان والعلم والعيش المشترك الضاربة قدما في التاريخ أدعو الجميع في أوطاننا المعذبة إلى أن نبني جسورا من المحبة واننا نصلي ونعمل كي يعود السلام والطمأنينة والاستقرار اليها حاملين في قلوبنا شعبنا في لبنان في العراق وفلسطين وسائر بلدان مشرقنا العربي وأخص بالذكر سورية مهد الحضارات وأصلي وأطلب من الله أن يبعد عنها كل مكروه وعنف وخراب ويوصلها إلى السلام والعيش الكريم.