إنها حلقة جديدة من مسلسل هموم الأحياء والتجمعات السكنية في حلب, ومسرحها في حي الإنذارات في شمال الحيدرية شمال غرب ضاحية هنانو السكنية, أو لنقل في منطقة الحيدرية.. وأبطالها ممن يتقنون اللعب بالمصطلحات, هذا ما أشار إليه أهالي حي الإنذارات في منطقة هنانو ومن خلال شكواهم التي تقدموا بها إلى (الثورة) والتي أكدوا فيها أنه تم تخصيصهم بقطع أراض معدة للسكن الشعبي كتعويض عن عقاراتهم المهدومة والمستملكة لصالح مشاريع مجلس مدينة حلب (في محلة المشارقة).. وأضافوا إن هذا التخصيص في منطقتهم الجديدة تم وفق المخطط التنظيمي التفصيلي الموافق عليه من قبل المكتب التنفيذي لمجلس مدينة حلب بجلسته رقم 74 بتاريخ 5/4/1990 والمصدق بقرار المكتب التنفيذي لمجلس مدينة حلب برقم 2426 تاريخ 4/9/1990 وتم تصديقه واعتماده بموجب اللجنة الوزارية بحلب بين 1-5/9/...1990
وعلى أساس ذلك تم تنظيم الحي من قبل مجلس مدينة حلب وفق المخطط التنظيمي الآنف الذكر, حيث روعيت فيه الشوارع والحدائق والمرافق العامة بصورة نموذجية علماً أن مساحة هذه الساحات والحدائق تبلغ مساحة كل منها بحدود 450 متراً مربعاً تقريباً, وقام مجلس مدينة حلب بتنفيذ الصرف الصحي بعد شق الشوارع وأعمال الردم والتسوية والدحل للساحات والحدائق الصغيرة, وبلغ ارتفاع الردم وسطياً خمسة أمتار.
وما يثير الاستغراب - وكما يؤكد أصحاب الشكوى- أن تلك الأعمال قد كلفت الحكومة عشرات الملايين من الليرات السورية,واستغرق تنفيذ تلك الأعمال عدة شهور, ووفق ذلك المخطط كانت الأبنية صحية ونموذجية وذات تهوية جيدة تليق بإنسانية الإنسان.
وبعد مضي سبع سنوات من التخصيص الذي تم في عام 2000 وقاربت نسبة الانتهاء في الحي الموما إليه 80% صدر مخطط تنظيمي جديد في عام 2007 للحي الآنف الذكر مخالفاً للمخطط التنظيمي المصدق أصولاً ملغياً للحدائق والساحات الصغيرة التي تعتبر متنفساً للسكان , ما يؤثر سلباً على البيئة التي أصبحت الشغل الشاغل للعالم وهيئاته ومنظماته الدولية, وأحدثت بدلاً عن الساحات والحدائق, وجزء من بعض الشوارع محاضر سيتم توزيعها من أجل أن تكون كتلاً من البيتون المسلح, الأمر الذي سيلحق أشد الضرر بالساكنين وذلك بحجب أشعة الشمس والتهوية, علماً أن المتضررين من السكان يعدون بالآلاف وربما يكون المستفيد جهة واحدة فقط..فمن هو لا ندري..??
وبناء على ذلك ومن أجل المحافظة على حقوقهم, قام أهالي المنطقة من المتضررين بالاعتراض على المخطط التنظيمي الصادر عام 2007 وذلك ضمن المدة القانونية إلى الجهات المختصة في مجلس المدينة والمسجلة لدى ديوان المجلس بموجب الأرقام, بدءاً من الرقم 2402 إلى الرقم 2434 وذلك بتاريخ 19/2/2007م.
إضافة إلى الاعتراض لدى مجلس المدينة, تقدم كذلك الأهالي وبتاريخ 25/3/2008 باعتراض لدى المكتب الإقليمي بمحافظة حلب, والذي ذيل بحاشية للسيد محافظ حلب تفيد بأن اعتراضات أهالي حي الإنذارات (المنطقة الخامسة) المنظم وفق المخطط التنظيمي لعام 1990 على المخطط التنظيمي الجديد لعام 2007 دمجت مع اعتراضات مناطق السكن العشوائي والتي اقترنت بحاشية السيد محافظ حلب المتضمنة رد الاعتراض.
وكل الوعود لم تؤخذ بالحسبان, وكانت بمثابة تسكين ألم أو لنقل, عالوعد يا كمون.
جمعية مرج الزهور ضحية جديدة
هذا الأمر لم يكن ضحيته المواطنون العاديون المنذرون بالهدم فقط, أو لنقل (الغلابى),وإنما أعضاء جمعية مرج الزهور السكنية والتابعة للاتحاد التعاوني السكني بحلب, حيث يؤكدون -وبموجب كتاب تقدموا به إلى محافظة حلب ع/ط الاتحاد التعاوني السكني بحلب- أن الجمعية قامت بتنفيذ وبناء عشرة مقاسم على الأرض التي خصصت لها في منطقة غرب هنانو وفق المخطط الموضوع من قبل مجلس مدينة حلب,ولكن بعد مضي أكثر من عشر سنوات على سكن الأعضاء المخصصين في هذه المقاسم صدر مخطط جديد للمنطقة وبدئ بتنفيذه ملغياً الوجائب ومضيقاً للشوارع بشكل لم يعد يؤمن الحد الأدنى من الشروط الصحية والبيئية للمنطقة.
ولهذا فإن أعضاء الجمعية المخصصين يطالبون الجهات المعنية في محافظة حلب ومجلس مدينتها الحفاظ على حقوقهم.
البلدية: لم تتعرض البيوت للهدم... وإنما ألغينا الحدائق..
تلك هي انطباعات أهالي المنطقة, والتي عبروا من خلالها عن شكواهم وهمومهم, جراء ما تعرضوا له من كيل بمكيالين من قبل الجهات المعنية, والتي سنحاول التعرف إلى ردود فعلها حول تلك القضية.
المهندس نزار عجان مدير الدائرة الخدمية العاشرة التي تتبع لها المنطقة, أكد أن المديرية لا علاقة لها بهذا الموضوع,والأمر متعلق بمديرية التخطيط العمراني في مجلس مدينة حلب..
بدورها المهندسة حليمة السعدية كنيفاتي رئيسة دائرة التنظيم العمراني في مجلس المدينة أشارت إلى أن المخطط الأساسي لم يتغير, وإنما أضيفت عليه بعض الإضافات والتعديلات بغية تأمين أراض لبناء مساكن للمواطنين, وأشارت إلى أنه إذا لم يتم إلغاء الحدائق والساحات فأين سنضع المواطنين الذين هم بحاجة إلى مساكن? والتضخم السكاني يحوجنا إلى أراض للبناء من أجل تأمين سكن للمواطنين.
وأكدت أن المواطنين تقدموا باعتراضاتهم, ولكن اللجنة الإقليمية لم تأخذ الاعتراضات بعين الاعتبار لأنها لم تكن مقنعة.
وأود أن أقول لماذا المواطنون منزعجون, فإن أحداً لم يقترب من بيوتهم, ولم تتعرض تلك البيوت للهدم?
وأود أن أشير إلى أن الدراسة كانت معدة من قبل, وإنما طرأت عليها بعض التعديلات, ومنذ البداية كانت تلك الخدمات مقررة.
ما أريد أن أقوله أخيراً إنه بإمكان أهل الاعتراضات أن يتقدموا باعتراضاتهم مرة أخرى بعد مضي سنة على إصدار المخطط.
الكرة في ملعب الوزارة... لمصلحة من ستكون النهاية??
الأهالي وبعد أن ضاقت بهم الدنيا بما رحبت, وطرقوا كل الأبواب في حلب, ولم يصلوا إلى حل, لم يتوانوا عن اللجوء إلى أحد أبواب الحكومة -لأنهم يرون أن الحكومة ستكون بمثابة الأم الرؤوم لهم, والحاكم العادل المنصف لقضاياهم- فتقدموا بشكوى إلى وزارة الإدارة المحلية والبيئة, يشرحون فيها ما آلوا إليه, حيث حملت شكواهم في ديوان الوزارة الرقم 278-ش تاريخ 28/4/,2008 والتي تمت إحالتها إلى مديرية التخطيط العمراني.
والتي نأمل أن تكون هذه الشكوى في عنايتها المعهودة وفق دراسة مخططة ومنصفة تعيد الأمور إلى نصابها والحقوق إلى أصحابها وتكون عند حسن ظن المنصفين.
ونحن -والحديث للمحرر- ومن خلال تلك الآراء وما شاهدناه على أرض الواقع, وما توصلنا إليه نجد أن المبررات التي قدمها المعنيون لا تمت إلى القناعة بصلة, حيث أكدت المهندسة كنيفاتي أن المخطط الأساسي لم يتغير وإنما أضيفت عليه بعض الإضافات.
وبعد ذلك تشير إلى أن المواطنين منزعجون, مع أن أحداً لم يقترب من بيوتهم ولم يعرضها للهدم.
ونتساءل: هل المخطط يتغير ويتعدل بتغير الزمن? ولماذا لم يتم لحظ التطور السكاني في بداية دراسة ووضع المخطط القديم.
ونحن نقول -والحديث لنا- هل سننتظر حتى تهدم بيوت الأهالي, ويخرجوا منها, وبعد ذلك نبحث عن حل, ولماذا تلغى الحدائق في وقت تحتاج فيه البيئة إلى مزيد من البقع الخضراء لتكون متنفساً للمواطنين, أليس كذلك ياوزارة الإدارة المحلية والبيئة..??
وكذلك نتساءل, إذا كان التضخم السكاني يحوج مجلس المدينة إلى إلغاء الحدائق, من أجل تأمين أراض سكنية, والتضخم السكاني يزيد من مناطق السكن العشوائي, والتضخم السكاني هو السبب في زيادة عدد المخالفات السكنية في حلب, إذا كان التضخم السكاني سبباً في كل هذه الإشكاليات, فلماذا لا يتم العمل على إصدار المخطط التفصيلي لمدينة حلب,والذي ستحل من خلاله كل هذه المشكلات?
ويبقى الأمل
حتى لا نتشاءم كثيراً ونترك الأهالي يتشاءمون معنا جراء تلك المراسلات وردود الأفعال, سنترك فسحة من الأمل من خلال الشكوى المسجلة في وزارة الإدارة المحلية والبيئة, والتي نأمل أن تجد أذناً واعية وحكماً عادلاً وكلمة فصل ترسيهم على بر..
النظام العمراني ومخالفات بالجملة والويل لمن يعترض
النظام العمراني وتأخر المخطط التنظيمي هما سببان رئيسيان في زيادة عدد مخالفات الأبنية السكنية في مدينة حلب, والتي أصبحت تشيّد في وضح النهار-وعلى مبدأ: على عينك يا تاجر..- والتي إن تصدى لها المخلصون في مجلس المدينة تم الاعتداء عليهم بالقتل والضرب من بعض تجار مخالفات البناء, وهذا ما تعرض له كل من المهندسين (مجد مسكون) حينما كان مديراً لدائرة خدمات هنانو (المنطقة العاشرة) وما تعرض له أيضاً المهندس (عبد الله مقسي) رئيس مجموعة المراقبة في قطاع الأنصاري, حينما تصديا لتجار المخالفات وحاولا الحد من مخالفات الأبنية السكنية, والحفاظ على أمن واقتصاد الوطن.
وحتى لا نستطرد كثيراً, نتمنى من المعنيين في محافظة حلب التجول في الأحياء السكنية والتأكد من أن الأبنية غير مخالفة.. لا في عدد الطوابق, ولا في إشغال الأقبية والملاجئ بورشات الخياطة, ولا في التقيد بالنظام العمراني, كل ذلك ليس في الأحياء الشعبية فقط, بل امتد ليشمل أحياء الخمس نجوم مثل (الشهباء القديمة - الحمدانية ..وغيرها..)
فيا ترى كل ذلك كيف يجري?.. الله أعلم..
ملاحظة: السيد محافظ حلب, سنفترض لحين نشر هذا التحقيق أنكم لستم على دراية بالموضوع, أو أنكم وضعتم بصورة مغايرة, أما الآن وقد عرفتم, فلا مبرر لعدم اتخاذ إجراءات رادعة بحق المخالفين.
تصوير : سلمان يوسف