وعبر فيه عن التماهي مع هذا الكيان الغاضب,ولم يرد أن يسمع أبداً صراخ الأطفال في غزة ولا آهات النساء ولا أنين الجرحى الفلسطينيين فقد جاء ليرقص ويحتفل مع المحتلين بقتل مئات آلاف الفلسطينيين وتشريد الملايين وترويع الفلسطينيين بإظهار دعمه اللامحدود لعدوانية اسرائيل واستمرارها في عملية تهويد فلسطين.
ورغم أن العالم يدرك تماماً أن الصهاينة قاموا بأسرع عملية تطهير عرقي وأن احتلالهم يعد أطول احتلال في عصرنا الراهن ,وهم يطبقون أسوأ نظام للفصل العنصري,لكن هذا العالم ومجتمعه الدولي ما زال يسد آذانه ولايريد أن يستمع للقول الصرخة التي أطلقها المناضل نيلسون مانديلا عندما قال:إن نضال الشعب الفلسطيني هو قضية الضمير العالمي الأولى في العالم.
إن احتفال بوش مع المحتلين بنكبة فلسطين,يؤكد من جديد أن الإدارة الأميركية الحالية لا يهمها,بل لا تفكر جدياً بإقامة دولة فلسطينية,أيا كانت,بل ما يهمها فعلاً هو التعبير عن دعمها اللامحدود الذي وصل إلى درجة التماهي مع هذا الكيان الغاضب ,وأيضاً توثيق التعاون الاستراتيجي لضرب دول المنطقة ومنع التطور عنها,والقضاء على أي مقاومة أو ممانعة ضد اسرائيل.
بكلمات أخرى توثيق التعاون الاستراتيجي الأميركي-الاسرائيلي في جميع المجالات وبلورة سياسة معادية لحق شعوب المنطقة في التحرر والتقدم.
لقد غيّب بوش في خطابه الصهيوني حق عودة الفلسطينيين إلى أرضهم المغتصبة,بل الأكثر والأنكى أنه تجاهل عمداً الصراع العربي-الاسرائيلي وكان همه تقديم سلة هدايا استراتيجية لحليفته »اسرائيل« من خلال ربطها بنظام الإنذار المبكر المتطور وهو نظام أميركي ضد إطلاق صواريخ بالستية من أي مكان في العالم.
وكان الاتفاق كاملاً لمحاربة ما سموه التهديد الايراني النووي ومنعها حسب زعمهم من تطوير ايران لسلاح نووي.علماً أن القاصي والداني يعرفان تماماً أن البرنامج الايراني النووي هو برنامج سلمي.وبذلك تجاهل الطرفان الأميركي والاسرائيلي,أن تل أبيب تملك أكثر من مئتي رأس نووي وأنها رابع أكبر مصدر للسلاح في العالم,وأنها الدولة العنصرية المعروفة بصانعة الحروب ومشعلها وأنها تنهب الأراضي الفلسطينية وتقيم عليها المستوطنات الصهيونية وأنها تشرد شعباً بأكمله,ولا ننسى احتلالها للأراضي العربية ورفضها للانسحاب منها. إن هذا الكيان هو الذي قامت عصاباته /هاغاناوأرغون وشتيرن/بين عامي 1947-1948 بأكثر من ثلاثين مجزرة دموية ضد الآمنين الفلسطينيين وأنها دمرت أكثر من خمسمئة مدينة وقرية فلسطينية.
ولم تكتف بهذا بل تريد هذه العصابات اليوم-أحفاد مغتصبي فلسطين-أن يدوم احتلالها لفلسطين وللأراضي العربية بالقتل والتدمير بإقامة جدار الفصل العنصري وشطب شعب بأكمله.لكن هذه الصورة المأساوية لا تمنع المقاومين الفلسطينيين والعرب من مواصلة الكفاح ,بل يستمر النضال ضد المحتل من أجل حق العودة وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس,وهم بهذا يطبقون القانون الدولي وأعرافه,أسوة بغيرهم من الشعوب التي حررت أوطانها وبدأت تبني مستقبلها الحر.
ورغم احتفالهم مع بوش باغتصاب فلسطين,فهذا لن يعطيهم الشرعية لأنهم يفتقدون لهذه الشرعية وعوامل زوالهم أكثر من أن تحصى,ورغم صخبهم مع بوش الذي أعلن انتماءه للحركة الصهيونية وحصل على بطاقة عضوية فيها برقصه مع المحتل على جثث ضحايا الشعب الفلسطيني ,وإعلان دعمه اللامحدود للمغتصبين,إلا أن هذا لا يغير من جوهر الأشياء.
فهناك شعب فلسطيني يتوق للحرية وهو يريد العودة لوطنه ويريد دولته المستقلة,وهناك ضمير عالمي ما زال حياً رغم كل الظروف السيئة المحيطة به,ولن ينفع الصهاينة دعم بوش اللامحدود.فالتاريخ يعلمنا أن كثيراً من الغاصبين مروا من هنا وكان مآلهم الاندحار,والزوال.